جماهير المونديال

كانت كأس العالم 2014 على شفي الهاوية قبل انطلاقها: ملاعب غير مكتملة، مطارات أصغر من الحجم المطلوب وتظاهرات جاهزة لتعكير الحدث الكروي. وبعدما سارت الامور كما ينبغي الاحد في نهائي الارجنتين وألمانيا يمكن للبرازيل ان تتباهى بتنظيم مونديال رائع داخل وخارج الملاعب.
عندما حصلت البرازيل على شرف تنظيم المونديال قبل سبع سنوات، كان الهدف ليس فقط الكشف عن موهبة البلاد الكروية بل قدرتها على تنظيم اكبر الاحداث الرياضية في العالم. وقد نجحت، بحسب الحكومة، الاتحاد الدولي والخبراء.
اعلنت رئيسة الدولة-القارة ديلما روسيف الساعية الى اعادة انتخابها بعد ثلاثة أشهر: "نجحنا بتنظيم كأس العالم برغم الذين قالوا انها ستقام وسط الفوضى".
قالت لامارتين دا كوستا خبيرة الاحداث الرياضية الكبرى في جامعة ريو لوكالة فرانس برس: "البرازيل كبيرة جدا، فيها الكثير من العلل، المدن البرازيلية تعاني من مشكلات كبيرة. لكنها القوة الاقتصادية السابعة في العالم، وعندما تنوي تنظيم شيء كبير، تسير الامور عادة على ما يرام".
سحر برازيلي
يأتي نجاح كأس العالم بشكل كبير من سحر البرازيل، شغفها لكرة القدم والسامبا، طقسها، شواطئها ، شعبها المضياف والعاشق للاحتفالات.
جذبت مهرجانات المشجعين في المدن الـ12 المضيفة معدل 25 الف متفرج من مختلف انحاء العالم في ايام المباريات في ريو وساو باولو. في الملاعب، كانت الاجواء احتفالية برغم بعض المشاجرات.
قال المهاجم الدولي الهولندي السابق بيتر فان هويدونك: "بعد مشاهدتها هنا، يجب ان تنظم كأس العالم مرة كل اربع سنوات في البرازيل".
قدرت وزارة السياحة ان توقعاتها بقدوم 600 الف زائر الى البرازيل سيتم تخطيها، ما يشكل ضعف مونديال جنوب افريقيا 2010.
لكن الاتحاد الدولي، الذي كان قلقا جدا قبل انطلاق المسابقة، يقر بان الامور سارت على ما يرام. اعلن رئيس فيفا السويسري جوزيف بلاتر: "بعدما تابعت اكثر من نسخة لكأس العالم، يمكنني القول ان مونديال البرازيل حقق نجاحا هائلا من دون اي شك. اين هي المشكلات التي يمكن ان تنشأ؟ ليس بمقدوري سوى تهنئة الشعب البرازيلي".
ساهمت بعض قرارات الحكومة بدوران جيد لعجلة البطولة: ايام المباريات احتسبت ايام عطلة لتسهيل الحركة في مدن المباريات والتخفيف من الزحمة، وتعززت قوات الامن في المدن المضيفة لتفادي المشاجرات بين الجماهير، السرقات والهجمات.
لكن الكارثة كانت على وشك الوقوع في بيلو هوريزونتي احدى الدول المضيفة، فانهار جسر قيد الانشاء ومخصص لفعاليات المونديال، فلقي شخصان مصرعهما وأصيب 19 اخرين.
تقليص التظاهرات
خلافا لكثير من التوقعات لم تحصل تظاهرات كبيرة على غرار كأس القارات 2013 التي جمعت اكثر من مليون شخص اعترضوا على انفاق نحو 11 مليار دولار اميركي على منشات المونديال بدلا من صرفها على الصحة والتعليم.
لكن في نهائي ماراكانا الاحد حيث تم التحضير لتظاهرة بالقرب من الملعب، نشرت السلطات عددا غير مسبوق من رجال الامن بلغ 26 الف شرطي.
مواصلات فاعلة
الملاعب الـ12 الحديثة، ستة من بينها جهزت في الدقيقة الاخيرة ، اكملت مهمتها. مع ذلك تم ايقاف اعمال كثيرة للبنى التحتية وسأل كثيرون عما اذا كانت الملاعب المكلفة في ماناوس وكويابا، حيث لا يوجد اندية في الدرجة الاولى، لن تصبح "فيلة بيضاء".
في المطارات حيث كانت فوضى وتأخير في الرحلات حصلت ازدحامات لكن من دون مشكلات كبيرة. اكثر من 15 مليون مسافر تنقلوا بين المطارات البرازيلية، برقم قياسي من المسافرين في 3 يوليو، يوم قبل النهائي بين البرازيل وألمانيا ، بلغ 548 الف مسافر.
بلغ معدل التأخير 6ر6% وإلغاء الرحلات 5ر4%. على سبيل المقارنة، 6ر7% من الرحلات تأخرت في الاتحاد الاوروبي بحسب وكالة الطيران المدني في البرازيل.
المونديال الاستعراضي
ماذا سنذكر من المونديال على ارض الملعب؟ يكفي سؤال اللاعبين السابقين؟ شرح راي الدولي البرازيلي السابق لفرانس برس: "كانت من افضل كؤوس العالم على الصعيد الفني بالنسبة لي، برغم ان الاجواء كانت مشدودة مع الاقتراب الى النهائي".
امر منطقي في بلاد انجبت لاعبين من طراز جارينشا، بيليه ورونالدو. كانت المباريات ممتعة في الدور الاول، ومن بينها النتيجة المفاجئة لهولندا على حساب حاملة لقب 2010 في الدور الاول 5-1.
ولدى الوصول الى الادوار الاقصائية، ارتفعت حدة الاثارة، خصوصا عندما بكى الحارس البرازيلي جوليو سيزار قبل حصة الركلات الترجيحية امام تشيلي والتي تألق فيها ليقود بلاده الى دور الثمانية.
اما المباراة التي ستبقى خالدة فلا شك انها قبل النهائي الاسطوري بين البرازيل وألمانيا حيث سحقت الاخيرة مضيفتها 7-1 في افظع خسارة ضمن تاريخها الكروي.