لقطة من مباراة البرازيل والمانيا

أدهش خروج البرازيل من الدور قبل النهائي لبطولة كأس العالم لكرة القدم المقامة على أرضها، بعد خسارة مذلة أمام ألمانيا، القاصي والداني جراء النتيجة المدوية (7-1)، لكن ليس للسقوط في حد ذاته، حيث انتظره الكثيرون من قبل أن تبدأ البطولة، ولا سيما بعد إصابة نيمار.
لا تعد إصابة النجم الأوحد للكناري في لقاء دور الثمانية كافية لتفسير الانهيار الكامل لفريق المدرب لويز فيليبي سكولاري أمام ألمانيا، التي كانت متقدمة بخماسية بيضاء قبل مرور نصف الساعة الأولى من المباراة التي استضافتها بيلو هوريزونتي، لكنها كانت حاسمة لهدم معنويات اللاعبين.
وتأثر كافة عناصر المنتخب البرازيلي كثيرا لغياب نيمار، الذي أصيب بكسر في إحدى فقرات الظهر بعد تدخل بالركبة للكولومبي كاميلو زونييجا.
وحاول سكولاري والصحافة والجماهير تحويل إصابة النجم إلى محفز ودافع لبقية اللاعبين.
لم يتحدث أحد عن أمر آخر منذ يوم السبت الماضي في تيريسوبوليس، المدينة التي تعسكر فيها البرازيل بالقرب من ريو دي جانيرو.
وعملت الطبيبة النفسية ريجينا برانداو، الصديقة الشخصية لسكولاري التي تم التعاقد معها لمساعدة اللاعبين، لساعات إضافية في مقر معسكر الفريق كي يتجاوز البرازيليون العائق الجديد، لكن إسهامها لم يكن كافيا.
تبعثر لاعبو البرازيل، البعيدون عن التعافي من تلك اللطمة على المستوى النفسي، على أرض الملعب أمام منتخب ألماني أقوى على المستويين البدني والذهني.
وطيلة المونديال، عاش الفريق البرازيلي على أعصابه بسبب الالتزام الشعبي الضخم الذي تعهد به سكولاري عندما تولى المهمة في ديسمبر/كانون أول 2012 ، حيث قال إنه لن يقبل بشيء بخلاف إحراز اللقب على ملعب ماراكانا.
عانى هذا المنتخب الشاب، الذي لا يملك سوى خمسة لاعبين فضلا عن حراس المرمى الثلاثة تزيد أعمارهم عن 30 عاما، من الضغط الزائد وقدم أدلة على ذلك على مدار البطولة.
كان أوضح تلك الأدلة أمام تشيلي في دور الستة عشر، عندما شرع العديد من اللاعبين في البكاء قبل أو أثناء ركلات الترجيح، في الوقت الذي تعرض فيه قائد الفريق تياجو سيلفا نفسه للانتقاد، لابتعاده عن زملائه كي يصلي وحيدا بدلا من دعم زملائه.
بل إن تياجو سيلفا وضع نفسه أخيرا في التسديد، خلف الحارس جوليو سيزار، في موقف لا تزال الصحافة تنتقده حتى الآن.
هذا القدر من انعدام الخبرة لاحظه النجم المعتزل رونالدو، الذي شاهد من إحدى مقصورات المعلقين لقناة (جلوبو) التليفزيونية الألماني ميروسلاف كلوزه وهو ينتزع رقمه القياسي كهداف لبطولات كأس العالم.
وأوجز هداف ريال مدريد وبرشلونة، بعد قليل من الهدف الألماني الخامس بملعب مينيراو، الذي جاء في الدقيقة 29 قائلا: "ألمانيا وصلت بسهولة تامة، كما لو كانت تلاقي فريقا للناشئين".
وتتعدد أسباب الكارثة، بمنتخب أثارت أسماء عناصره حالة من الجدل -دائما ما تكون الأمور كذلك في بلد ينتج العديد من المواهب- وتغيير للمدرب قبل عام ونصف العام من بداية المونديال، وإفراط تام في الثقة.
وربما كان أحد أكثر الأسباب وضوحا هو نقص الإعداد، الأمر الذي تم انتقاده يوما تلو الآخر من قبل الصحفيين الذين تابعوا تدريبات الفريق، دون أن يقلق الأمر سكولاري في أي وقت.
وقبل الدور قبل النهائي، تدرب الأساسيون يوما واحد فقط، في مران وحيد أجرى فيه سكولاري العديد من التعديلات للبحث عن بديل لنيمار.
لكن البرازيل لم تقدم بطولة جيدة، رغم تصريحات اللاعبين والجهاز الفني، الذين كانوا يحتفون بتطور أداء المنتخب في مباراة تلو الأخرى.
وفي الدور الأول، وأمام منافسين يفترض أنهم في المتناول، فازت البرازيل مرتين 3-1 على كرواتيا و4-1 على الكاميرون، وتعادلت سلبيا أمام المكسيك.
وأجبر منتخب تشيلي رائع البرازيل على خوض ركلات الترجيح، قبل أن يبذل أصحاب الأرض الغالي والنفسي للفوز 2-1 على كولومبيا في دور الثمانية، والثلاثاء ظهرت بلا أنياب أمام المنافس الأكبر على اللقب، ما أفضى إلى هزيمة ستحتاج إلى عقود كي ينساها "بلد كرة القدم".