الرياض - العرب اليوم
أكد الباحث في “علم الميتاهيلث” سعيد العلوني أن انطلاق مشروع أبحاث (نسيج الحياة) المتزامن مع انطلاق مركز “فضاء الوعي للدراسات والبحوث الاجتماعية” مكون من فريق طبي واجتماعي وتربوي يعد خطوة للبحث الجاد لاكتشافات جديدة في هذا العلم، مشيرا الى ان “الميتاهيلث” يعمل على كشف العلاقات بين كل من الافكار والمشاعر والامراض بالمعنى الواسع للمرض وليس المرض الجسدي فحسب، وقال: “يهدف مشروع نسيج الحياة البحثي إلى كشف العلاقة بين الافكار والمشاعر من جهة والصحة والانجاز والسعادة والنجاح من جهة أخرى”.
وقال مضيفا: “تم تقديم الكثير من البراهين على وجود رابط مابين الافكار والمشاعر والصدمات النفسية والامراض الوظيفية كالسكر والضغط والاورام (كما في حالات تورم الثدي والعظام ) وحالات امراض الكبد وحالات الانزلاق الغضروفي ونعمل على توثيق تلك الحالات “.
وأشار العلوني الى كتابه “عفوا سيدي الامبراطور” الذي كان عبارة عن توظيف لأحد اهم العلوم الحديثة “علم الميتاهيلث” في فهم التغيير الداخلي الذي يؤدي الى مزيد من الصحة والسعادة والنجاح والذي أخذ منه نحو 4 اعوام لاصداره.
واستكمل بقوله: “إن الكتاب هو أساس الأبحاث التي بدأناها نحن فريق نسيج الحياة حول العلاقات بين التواصل الاجتماعي الذي يؤدي الى تكوين الافكار والمشاعر وكل عناصر الحياة الاساسية (النجاح والسعادة والعلاقات والصحة )وتقوم فكرة الدعم والمساندة على استخراج الصدمات والمشاعر النفسية التي تؤدي الى اشكال مختلفة من الاعراض النفسية والجسدية والاجتماعية مثلا من اين تنشأ الاورام ؟والانزلاقات الغضروفية؟ والشلل لوظيفي ؟والامراض الجلدية؟ إذ يتركز العمل على تحليل تلك المشاعر والتخلص منها للحصول على استعادة وظيفة العضو المتضرر دون التركيز على العرض المرضي وانما بالتركيز على الفكر والمشاعر دون اي تقاطعات مع اي دواء او جراحة حيث ان هذه الالية تعمل على تحسين الصحة حتى ولو كان هناك أدوية”.
وزاد قائلا: “أنه لا يوجد انفصال بين الروح و العقل و الجسد, بل هي مكونات لنظام واحد ، فإن التغيير الذي يحدث في أحد المكونات يغير النظام كاملاً و في نفس اللحظة. و كثيراً ما ترى وتسمع عن أشخاص يعانون من اختلال عقولهم و أرواحهم ، لكن الحراك لا يبدأ و رحلة البحث عن حل لا تنطلق إلا عندما يصاب الجسد و يخشى عليه من التلف ولتبسيط الأمر يمكننا تشبيه الإنسان بجهاز الكمبيوتر فإنه مؤلف من هاردوير و هو مادي الطبيعة ( الجسد) و نظام تشغيل سوفت وير (العقل – العاطفة – الأفكار – المعلومات). قد تكون المشكلة الصحية مادية الطبيعة و تتجه للجسد مباشرة (حوادث – إصابات ملاعب – سوء تغذية – قلة الرياضة – السموم الكيمائية). و لكن كيف يؤثر نظام التشغيل (المعلومات و العاطفة و الأفكار) على صحتنا و سعادتنا؟
ونفى العلوني وجود من ينكر اليوم أثر العاطفة والأفكار على الصحة لكنه ظل بعيداً عن مجالات البحث العلمي التجريبي لأسباب متعددة أهمها صعوبة ضبط وإثبات المشاعر، فحينما يقال أن فلان حزين، فكم هو حزين؟ و كيف يمكن تقدير درجة الحزن؟ بل حتى إثبات وجوده، ومع ذلك فإن ما يحدث للبشر من جراء التفاعل مع الشعور لا يمكن تجاهله ، إن العقل الباطن الذي يدير عمليات الجسد المختلفة ( الهضم -الإخراج – الدورة الدموية – التنفس – الحركة…)لا يتأثر إلا بالمشاعر ، فعندما نخاف تزيد نبضات قلوبنا رغم كل صرخات المنطق التي تشرح كم أن هذا الشيء الذي نخاف منه عادياً و آمناً (حالات الفوبيا) و قد حاول البشر ربط المشاعر بالحالات الصحية منذ فجر التاريخ ، لا سيما و قد لاحظ التتابع المنسجم بين مشاكله النفسية و صدماته الحادة و مرضه ، فجاءت الكثير من الوصايا بالتحذير من الغضب و الكبر و الحزن ، بل إن الله تعالى قال في كتابه الكريم :
((و ابيضت عيناه من الحزن)) يوسف: ٨٤ ولعل أكبر محاولة وأحدثها لدراسة العلاقة بين المشاعر و الصحة الجسدية ، هي محاولة الطبيب الألماني هامر ، و ذلك بعد أن دخل تجربة قاسية مع المرض حيث أصيب بسرطان في خصيته بعد أن اغتيل ابنه ، و ذلك أنه عندما بحث في العلاقة بين فقد ابنه و مرضه ، وجد في أشعة دماغه المقطعية إشارة تكرر وجودها و بنفس الهيئة و في نفس الموقع في كل من يعانون مرضه ، و قد توسع في أبحاثه فدرس مرضى السكر فوجد الإشارة في أدمغتهم ، و لكن في مكان مختلف و كذلك مرضى الكبد ، و واصل أبحاثه مع مرضى السرطان و نظر مع فريقه الذي جنده لهذا البحث في (30,000) أشعة مقطعية لأدمغة مرضى السرطان ، و خرج بعلم جديد أسماه حينها الطب الألماني و كان ذلك عام 1980م.
ويقوم هذا التوجه الجديد على أن أحد أسباب المرض وجود صدمة شعورية بمواصفات محددة تغير المشاعر العادية للإنسان إلى مشاعر سلبية (انتقاص – خوف من الموت – فقد) و في نفس اللحظة يستقبل الدماغ هذه المشاعر بتغيير في خلاياه في موقع معين ، و هذه الخلايا الدماغية بدورها مسئولة عن عضو في الجسم يتأثر بدوره بطريقة تساعد على بقاء الإنسان و تكيفه.
ثم ساهم العديد من المهتمين في تطوير هذا العلم ، و كان من أبرزهم الدكتور أنتون بادر ، فقد ساهم في وضع كثيراً من القواعد الأساسية. كما تميز في قراءة الأشعة المقطعية ، و هو أحد القلائل و الأوائل في قراءة الأشعة و فهم مدلولاتها المرضية ، كذلك ساهم ريتشارد فلوك بإضافات عدة ، و غيره كثير مما عزز موقع هذا العلم ليلقى قبولا ورواجاً في أنحاء العالم لا سيما أوروبا.