مبادرة الدراجة

الدراجة جيدة للصحة، والمزاج، والمحفظة، والمناخ العالمي أيضا، على هذا الأساس أودع السويسريون لدى مقر الحكومة في العاصمة بيرن الأسبوع الماضي "مبادرة الدراجة"، مصحوبة بـ105 آلاف توقيع.

وتهدف المبادرة إلى تحسين صحة السكان عن طريق نشر وتوسيع ثقافة استخدام الدراجة الهوائية، علاوة على حفظ المال العام، والحد من انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكاربون CO2.

الجوهر الرئيس للمبادرة هو الترويج لركوب الدراجة، وتسهيل استخدامها على أساس يومي. ويطلب رعاتها أن تضع الحكومة الاتحادية في الدستور التزاما بتطوير وصيانة شبكة آمنة وجذابة من البنية التحتية لتوسيع استخدام الدراجات في كل أنحاء البلاد، وأن تتولى التنسيق مع المقاطعات والبلديات لتكريس الأموال لتنفيذ متطلباتها بهدف أن يكون ركوب الدراجات بجميع أشكاله، أكثر راحة وأمنا.

أصحاب المبادرة مقتنعون بأن الاستثمارات في البنية الأساسية ستكون مربحة، وتنفيذ مزيد من الخطط لتسهيل حركة مرور الدراجات ستعزز هذه الممارسة. وجاء في المبادرة ”ليست السيارات وحدها تستخدم الطرق، إذا كنا نرغب في تنظيم حركة المرور لكل مستخدمي الطرق، فالأمر يكمن في بناء بنية تحتية لممرات الدراجات، وهو أفضل استثمار لأموال دافعي الضرائب".

ووفقا لرعاة المبادرة، فإن نصف السويسريين لا يمارسون ركوب الدراجة لأسباب تتعلق بالسلامة، ما دفع المبادرة في الدعوة إلى تأسيس شبكة كثيفة من الممرات والطرق المباشرة والآمنة مخصصة لراكبي الدراجات، خاصة للأطفال والمراهقين الذين يتوجهون إلى المدارس (أطلقت المبادرة عليهم اسم أصحاب الحركة الناعمة)، فضلا عن إنشاء المرافق اللازمة لوقوفها، وزيادة سعة وأوقات تحميلها في القطارات، والحافلات العامة.

ويقول أصحاب المبادرة إن هناك عديدا من الذين فقدوا عادة التنقل دون السيارات، وإنه لابد من تغيير هذا الوضع، وتطوير ثقافة قوية بين الناس للتوجه نحو "الملكة الصغيرة"، فالدراجة أمر جيد للصحة، والمزاج، والمحفظة، والطبيعة، وهو ما يجعلها وسيلة مثلى للتنقل، خاصة وهي تأخذ مساحة صغيرة على الطريق العام، وتقلل من هدر المال المنفق على الطاقة، وكلما زاد عدد الدراجات قل الضوضاء، وقلت تكاليف التنقل، سواء الفردي أو الجماعي.

وعن الجوانب الاقتصادية والمالية للمبادرة، قال لـ "الاقتصادية" فرانز جالاتى، الرئيس السويسري للدراجات: نريد من المبادرة تعزيز الصحة العامة للمجتمع قبل أي شيء، إن "إمكانات الدراجة في حفظ المال، وتحقيق الوفورات المالية سواء للفرد أو المجتمع لم تُستغل تماما حتى الآن، وأنه لا بد من استغلالها، الأمر يستحق أن تستثمر في ركوب الدراجات.

وأضاف أنه طبقا لحساب المكتب الاتحادي للتنمية الإقليمية في عام 2015، فالتكاليف الخارجية لتنظيم ممرات حركة المرور بالدرجات على مجمل الطرق السويسرية بلغت 900 مليون فرنك (947 مليون دولار) سنويا، غير أن المزايا الخارجية المتحققة في ميدان الصحة (تقلص مراجعة الفرد للمستشفى وتعاطي الأدوية)، تجاوزت هذه التكاليف بمبلغ 400 مليون فرنك (421 مليون دولار).

وأضاف أن تقديرات الاتحاد الأوروبي تؤكد أن أكثر من 400 يورو يُمكن أن يحققها الفرد الأوربي الواحد سنويا كإيرادات مباشرة وغير مباشرة تولدها له الدراجة. وأن بلدان الاتحاد الأوروبي، وهولندا النموذج، بدأت زيادة استثماراتها في تدابير الترويج لركوب الدراجات. اليوم، بلغت النفقات العامة في هذا القطاع في هولندا 25 يورو في السنة للفرد الواحد.

كان الموعد المضروب لرعاة المبادرة لجمع 100 ألف توقيع والمطلوبة 18 شهرا، أو حتى 3 أيلول (سبتمبر) 2016، غير أنهم أنهوا المهمة في غضون ستة أشهر، أو في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وهو ما يعكس شعبية المبادرة مما يؤهل إقرارها، إذا ما نالت تأييد أكثر من نصف السكان، وأكثر من نصف المقاطعات السويسرية الـ23 في تصويت عام من المرجح أن يجري عام 2017. وتلقى المبادرة دعما قويا خاصة من قبل شركات التأمين، والجماعات المدافعة عن البيئة، والأحزاب.