أبوظبي- محمود عيسى
أبدى مدرب المنتخب الإماراتي، مهدي علي، عدم رضاه عن الظروف التي صاحبت تأهل الفريق إلى التصفيات النهائية المشتركة المؤهلة لبطولتي كأس العالم 2018 وكأس آسيا 2019؛ لأنه تحقق بالتعادل وليس بالفوز على المنتخب السعودي، لاسيما أن الفريق لم يبلغ هذا الدور مرات كثيرة، مبديًّا عدم غضبه من الدعوات المتكررة لتغيير الجهاز الفني بقيادته، كما تعهد برفع مستوى الأداء قبل التصفيات المقبلة.
وأكد علي، في حوار خاص مع "العرب اليوم"، إن سقف الطموح ارتفع لدى مجموعة من اللاعبين، مضيفًا: وارتفاع سقف الطموح شيء إيجابي بالتأكيد، ولو دققت في كل الإنجازات التي تحققت ستجد أنها كانت في ظل تجمعات طويلة سبقتها، 45 يوماً قبل أولمبياد لندن، 28 يوماً قبل آسياد جوانزو، شهرين قبل مونديال الشباب، أعني أنني حصلت فيها على اللاعبين لمدة كافية تؤمن إعدادهم بالصورة التي أتمناها، أما في الفترة الأخيرة قبل مباراتي فلسطين والسعودية فالدوري توقف بتاريخ 11 آذار، فقد كانت هناك مباريات دوري أبطال آسيا للعين والنصر والجزيرة، واللاعبون بناءً عليه لم يكونوا مكتملين للتدريب إلا بتاريخ 20 آذار، يعني أن التدريب الفعلي كما أريد استغرق 4 أيام فقط، وفي المباراة التجريبية الوحيدة أمام بنغلاديش لم أشرك لاعبي الجزيرة والعين لضيق الوقت، ولأنه لا يمكن أن ألعب مباراة فلسطين من دون احتياط، وقائمة المصابين كانت تضم علي مبخوت وإسماعيل مطر، الذي كان في مرحلة الاستشفاء، وأحمد خليل لعب وهو شبه مصاب وتحامل على نفسه.
وبشأن أداء اللاعب علي مبخوت وما قيل حول تراجع مستواه أمام السعودية وهل ما إذاكانت مشاركته مجازفة أم لا، ذكر أنه لا يجازف أبداً بمشاركة لاعب غير جاهز، وبعد أن اطمأن على حالته من الطبيب واختبره في التدريب، سأله ليتأكد منه؛ لأن اللاعب طبيب نفسه، وقال إنه جاهز 100% ولكنه قد لا يستطيع إكمال المباراة للنهاية، مضيفًا: وفضلت أن أبدأ به حتى لا أخسر تغييرين في المباراة، فلو كان احتياطياً ونزل ووضحت عدم قدرته سأضطر للتغيير مرة ثانية، وتكون بذلك المجازفة أكبر، وهو لم يكن سيئاً بدرجة كبيرة، وأسهم في تسجيل هدف المباراة بتمرير الكرة إلى عموري، وإسماعيل مطر كذلك شارك معنا في تدريبين فقط، ولم يكن بمقدوره لعب الـ90 دقيقة، ولذلك استخدمته كورقة تكتيكية.
وبسؤاله عن تصريحه في المؤتمر الصحافي الذي أعقب مباراة السعودية، وأنه تم تفسيره بأنه لوم على الأندية بشأن طريقة إعدادهم للاعبين، قال علي "هذا غير صحيح، وتفسير خاطئ، فدورهم كبير ولم أقلل من شأنهم أبداً، وهم شريك أساسي معي في إعداد اللاعبين، وعندما قلت يجب أن يكون اللاعبون معي في التحضير للموسم المقبل، فهذا بسبب أن أول مباراة في الموسم ستكون للمنتخب في تصفيات المونديال، وهذا شيء طبيعي، والفنيون يعرفون أن الإعداد لبدء الموسم بوجه عام يختلف عن الإعداد لمباريات قوية سيبدأ بها الفريق مباشرة، في الموسم الماضي مثلاً كان الأهلي مرتبطاً بنهائي أبطال آسيا فكان المعروف سلفًا أن لاعبيه سيكونون جاهزين بمستوى عال، بعكس باقي الأندية التي جرى إعدادها بأحمال تدريبية مختلفة لبلوغ المستوى العالي خلال الموسم".
وتابع بقوله: الظروف حكمت، وتجهيز المنتخب للتأهل إلى كأس العالم يقتضي تضحيات من كل الأطراف، وجدول لعب المباريات يومي 1 و6 سبتمبر/أيلول مع أول وثاني التصنيف (كوريا أو اليابان) قضى بذلك، فيجب أن يكون المنتخب جاهزًا بنسبة 200% في هذه اللحظة، ولو أن المباراة الأولى في شهر تشرين الأول/أكتوبر ما فكرت بهذه الطريقة وما طلبت أن يكون اللاعبون معي، وأرجو ألا يعتقد أن ما يحدث في أوروبا قابل للتطبيق هنا في آسيا، فهناك فروق التوقيت قليلة جدًا والمسافات قريبة ووسائل السفر متنوعة والبدائل كثيرة والطقس لا يختلف كثيراً، بينما في آسيا كل هذه الأمور تشكل صعوبات كثيرة مثل ساعات النوم والصحو التي تغير الكفاءة البيولوجية للاعبين، وهي كلها أمور تنعكس على متطلبات التدريب ولا يمكن تركها للظروف أو للصدفة.
وأشار بشأن شكره مؤسسة أبوظبي للإعلام على دعمها المنتخب من خلال حملتها، وما أثاره ذلك من حفيظة بعض وسائل الإعلام الأخرى، إلى أن "هذا تفسير خاطئ، والبعض للأسف شخصن المسألة مع أنني تحدثت عن مؤسسات، وشكرت الجميع وخصصت أبوظبي للإعلام؛ لأن حملتها كانت طويلة وبترتيبات كثيرة، وهذا لا يعني الامتنان للآخرين أبداً، ولا يقلل من جهود الإعلام بوجه عام كشريك أساسي في كل وأي نجاح حققه المنتخب".
وتعليقًا على دعوات تغيير الجهاز الفني باعتباره استنفد ما عنده مع اللاعبين، أجاب علي بأن من يشغل هذا المكان يجب أن يتقبل كل شيء، وأن يقينه بالنجاح كبير، وإيمانه بمسؤولية وإمكانية تحقيق الحلم المونديالي أصبح أكبر؛ لأن القلق طبيعي والخوف سببه ارتفاع سقف الطموح، ولذلك يجب أن يكون الجميع على مستوى كل متطلباته، مضيفًا "وبالمناسبة هذه ليست أول مرة تحدث فيها هذه الضغوط، وفي كل المرات الماضية كنت أغيّر الحسابات الخاطئة في حقي، وأذكر تحديداً ما قبل آسياد جوانزو التي حققنا فيها الميدالية الفضية، وما حدث خلال موقفنا المتأزم في تصفيات أولمبياد لندن التي أنهيناها بعد ذلك بفارق 5 نقاط عن الثاني، وحتى عندما ألحقت 18 لاعبًا من الأولمبي للمنتخب في 2013 كثيرون لاموني وقالوا إنها مجازفة.. وعموماً أنا أقبل كل ذلك وأكثر؛ لأن الخوف والقلق نابعان من أسباب ظاهرة وأنا أعرفها، ودافعهما الحرص على المنتخب، وفقط أذكّر الجميع بأنه حدث نفس الهجوم في خليجي 22 عندما حققنا المركز الثالث في السعودية، حيث قيل لابد من التغيير، لكن هذا أعطاني حافزًا أكبر لتشريف كرة الإمارات وحققنا ما وعدنا به وأحرزنا المركز الثالث.
وتابع مدب المنتخب الإماراتي: بالنسبة إليّ ما تحقق حتى الآن إجمالاً مع المنتخب ووصولنا إلى التصفيات النهائية للمونديال أنا راض عنه، وأنا موجود في هذا الموقع وتلك المسؤولية بإحساس وبدور وطني قبل أي اعتبار آخر، وحتى أكون على مستوى الثقة التي أولاني إياها القادة والمسؤولين والجمهور والشعار والوطن الذي أعطاني كل شيء، ولذلك لا يمكن أن أتخلى أو أهرب من تلك المسؤولية، وأنا على مستوى التحدي الذي ينتظرني وينتظر المنتخب، أما بشأن المستوى الفني فبالتأكيد هناك ما هو أفضل، والذي أعد به أن يكون المنتخب في أحسن حالاته بالتصفيات المقبلة، ولكن هذا يقتضي تعاونًا وتضحية؛ لأن الفرصة لن تعوض ولن تعود، وهذا الاعتبار يجب أن يكون عند اللاعبين قبلنا كلنا حتى يقدمون أفضل ما عندهم ويلعبون بكل طاقتهم، فالحلم حلمنا جميعًا لكنه يعنيهم أكثر وسيحسب لهم قبل أي أحد آخر، وبالنسبة إليّ قلق وحرص الجمهور من حقه، لكني حريص أكثر من الكل بحكم المسؤولية المعلقة في رقبتي.
وتعليقًا على أن التأهل تم بهدية من المنافسين في المجموعات الأخرى، شدَّد على أنه لا يوافق على ذلك وسجل أن الفريق تأهل بمجهوده ونتائجه، مضيفًا "كل ما في الأمر أن الترتيب الزمني لجدول المباريات صنع هذه الحبكة في الجولة الأخيرة، ومجموعتنا لو دققت ستجدها الأصعب تنافسيًا، ونتائج المنتخبات الأخرى في الجولة الأخيرة لم يكن فيها مفاجآت سوى فوز الفلبين على كوريا، ولو نحيت الماضي جانبًا ستدرك أن فريق الفلبين قوي بدليل أنه انتزع 4 نقاط من كوريا، ولو فازت كوريا كنا سنصعد في المركز الرابع بين أفضل الثواني، وأعتقد أننا محظوظون ببعضنا البعض لأن الناتج محصلة تفاعل وعمل، ولم يكن ما تحقق حتى الآن بضربة حظ من أي نوع، وأنا مع الرأي الذي حفظته عن المدرب البرازيلي الشهير زاجالو حيث يقول: الحظ يذهب للمجتهد الذي يعطي ويعمل بضمير حتى يكافئه".
وأضاف مسترسلاً: لو كان الحظ معي دائماً لفزنا بذهبية جوانزو لأننا كنا الأفضل، ولتأهلنا إلى دور الثمانية في أولمبياد لندن ولم نخسر من أوروغواي، ولفزنا على إيران في كأس آسيا، لأننا كنا الأفضل في كل الوجوه، والأرقام للمرة الأولى أمام هذا المنتخب القوي سجلت لنا 73% استحواذ مقابل 27% لهم، وقد خسرنا بغلطة في الوقت الضائع، وتغير مسارنا على ضوء ذلك بمواجهة منتخب أستراليا صاحب الضيافة والذي فاز باللقب بعد ذلك.. أعتقد أن الحظ شيء طيب يحسب لي لا عليّ، لكن دعونا نتفق على أنه لن يأتيك وأنت جالس في البيت.
واختتم بشأن مردود اللاعبين ما سبَّب تراجعه في المقارنة بما يعرف عنهم، قال المهدي "بصراحة لا ألمس منهم تقاعساً أو قلة حماسة، ولكن هناك أسبابًا عامة أهمها، قلة الراحة والتحام المواسم، وكثرة المباريات المهمة، فهم في حاجة لتجديد نشاطهم، وللراحة حتى يعودوا بطاقة جديدة وحماسة أكبر، ولا أشك لحظة في أنهم سيكونون على مستوى الطموح الكبير الذي ينتظرهم في التصفيات النهائية، ولن يفوتوا الفرصة التاريخية؛ لأنها لن تعود، فـ90% منهم لن يكونوا مستمرين في تصفيات 2022.