روما - الجزائر اليوم
تشعر بطولات كرة القدم الأوروبية بحالة من الارتباك وعدم الاستقرار على قرار يخص العودة للمنافسات، أو إلغاء ما تبقى من هذا الموسم جراء أزمة فيروس كورونا المستجد التي جمّدت المنافسات الرياضية عالميًا، ففي الوقت الذي اعتبر ماسيمو تشيلينو رئيس نادي بريشيا الإيطالي بأن «الموسم انتهى» و«كل شيء يجب أن يؤجل إلى الموسم المقبل» بسبب تفشي وباء كورونا الذي شبهه بـ«الطاعون»، طالب مسؤولون في ألمانيا بالتفكير في عودة منافسات البوندسليغا بأقرب وقت، بينما كشفت تقارير في بريطانيا عن خطة مبدئية لإتمام الأسابيع الستة المتبقية من الموسم الحالي للدوري الإنجليزي لكرة القدم الممتاز (بريميرليغ) اعتباراً من مطلع يونيو (حزيران) المقبل.
وفي إيطاليا، قال تشيلينو رجل الأعمال البالغ من العمر 63 عاماً في حديث لصحيفة «كورييري ديللو سبورت» أمس: «يجب ألا نفكر متى سنعاود نشاطنا بل كيفية البقاء على قيد الحياة. وإذا تكلمنا عن كرة القدم، يتعين علينا تأجيل كل شيء إلى الموسم المقبل. لنكن واقعيين! هذا الوباء هو الطاعون».
ويحتل بريشيا الذي يلعب في صفوفه النجم ماريو بالوتيلي المركز الأخير في الدوري الإيطالي الذي أوقف نشاطه في 9 مارس (آذار) بسبب التفشي السريع لوباء «كوفيد - 19» لا سيما في المناطق الشمالية وبينها لومبادريا حيث مقر نادي بريشيا، وأضاف تشيلينو: «لا يمكننا اللعب مجدداً هذا العام. البعض لا يدركون ماذا يحصل وهؤلاء هم أخطر من الفيروس». وتابع: «الموسم انتهى. إذا أراد أحدهم الحصول على هذا السكوديتو اللعين (لقب الدوري المحلي)، فليأخذه. لقد انتهى الأمر. ولا أقول ذلك لأن بريشيا يحتل المركز الأخير. إننا نستحق ذلك».
وأوضح «الكأس، السكوديتو... لوليتو (كلاوديو، رئيس نادي لاتسيو) يريده، فليأخذه. هو مقتنع بأنه يملك فريقاً لا يقهر، دعوه يفكر بذلك»، وتأتي تصريحات رئيس بريشيا في الوقت الذي أعلن فيه بعض الأندية نيتها معاودة التدريبات الأسبوع المقبل في ذروة الحجر الصحي في البلاد.
وقرر نادي لاتسيو في العاصمة الإيطالية روما معاودة تدريبات الفريق الأول اعتباراً من اليوم رغم أن جميع وسائل الإعلام الإيطالية تؤكد أن لاعبي الفريق لن يتوجهوا إلى مقر التدريبات قبل الخميس المقبل على أقل تقدير، أما بالنسبة إلى نابولي الذي طلب من لاعبيه معاودة التمارين الأربعاء، فقد أشارت وسائل إعلام إيطالية بأن هذا القرار سيلغى في أسرع وقت، في حين قام نادي كالياري بتأجيل تدريباته المقررة الاثنين إلى موعد لاحق.
وكان داميانو توماسي رئيس رابطة لاعبي كرة القدم بإيطاليا قد أشار إلى إنه لا يعتقد أن منافسات الدوري ستستأنف قريباً في بلد هو الأكثر تأثراً بأزمة انتشار العدوى بفيروس كورونا في أوروبا، وقال توماسي: «السماح بتدحرج الكرة مرة أخرى سيكون إشارة للمجتمع تفيد بأننا قريبون من الوضع الطبيعي مجدداً. والوضع ليس كذلك الآن. كرة القدم في آخر الترتيب بقائمة الأشياء المهمة».
وأضاف توماسي أنه في ظل حقيقة أن كرة القدم في الصين لن تستأنف قبل 22 مايو (أيار) المقبل، فاستئناف الكرة في أوروبا ربما يكون بعد ذلك، ولا جدوى من الجدل في الوقت الحالي، وفي إنجلترا كشفت تقارير صحافية «ديلي تلغراف» أمس عن خطة مبدئية لإتمام الأسابيع الستة المتبقية من الموسم الحالي للدوري الممتاز بداية من يونيو المقبل.
وذكرت الصحيفة أن هذا الموعد سيتيح وقتاً كافياً للراحة والاستعدادات قبل بداية الموسم الجديد في الثامن من أغسطس (آب) المقبل، ويبلغ عدد اللقاءات المتبقية لأغلب الأندية تسع مباريات، وعشر مباريات لبعض الأندية، ويأتي ذلك متماشياً مع اقتراح مارتين سيمينز الرئيس التنفيذي لنادي ساوثهامبتون الذي طالب باستئناف الدوري في يونيو المقبل.
وكانت رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز قررت الخميس الماضي تعطيل المسابقة حتى 30 أبريل (نيسان) المقبل على أقل تقدير، ليزيد الغموض بشأن مصير الموسم، وأوضح سيمينز أن الأندية «تأمل في استكمال الموسم» بحلول نهاية يونيو، حتى لو كان ذلك يعني استمرار غياب الجماهير عن المباريات.
وأضاف، «الحكومة ستحبذ عودتنا للعب لأننا مصدر متعة، وإشارة على أن البلاد تعود إلى حالتها الطبيعية. إذا جلس الناس في منازلهم لشهر آخر وجرى بث مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز عبر شاشات التلفاز كل يوم فهو أمر جيد».
وفي ألمانيا يرى راينر كوخ نائب رئيس اتحاد كرة القدم أن ربما هناك حاجة لعودة فعاليات الدوري (بوندسليغا) لمساعدة الأندية وجهات أخرى معنية، بمجرد أن تكون الفرصة مواتية لاستئناف المسابقة وسط تفاقم أزمة فيروس كورونا، وقال كوخ أمس إنه يتمنى اللعب قريباً، لكن لا يمكنه أن يتوقع موعد استئناف للمنافسات، وأنه من الحكمة عدم الإدلاء بأي تنبؤات.
وجرى تعليق منافسات الكرة الألمانية في وقت سابق من الشهر الجاري، وسيستمر هذا التعليق حتى الثالث من أبريل المقبل ويبدو أن هناك اتجاهاً لتمديد التأجيل، ومثلها مثل بلدان أخرى، تأمل ألمانيا في استكمال الدوري المحلي بعد تأجيل يورو 2020 لمدة عام.
وأشار كوخ إلى أن إلغاء الموسم سيكلف الأندية خسائر بنحو 750 مليون يورو، ودعا إلى إقامة المباريات من دون جمهور تجنباً لهذا السيناريو. ويرى كوخ أن إقامة المباريات من دون جمهور سيساعد آلاف العاملين في مجال كرة القدم الاحترافية بعد أن تقطعت بهم السبل بسبب فيروس كورونا.
وتنتهي عقود بعض اللاعبين بحلول 30 يونيو المقبل ولهذا السبب الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) بتحديد نهاية يونيو موعداً نهائياً لختام كافة الدوريات الأوروبية عقب تأجيل يورو، ووسط هذا الارتباك أصبح من الضروري أيضاً تغيير موعد فترة الانتقالات الصيفية المقبلة في كرة القدم الأوروبية.
وبينما تجد السلطات الكروية القارية والمحلية نفسها أمام معضلة البحث عن مخرج لاستئناف الموسم، وغياب أي موعد لذلك في ظل الوضع غير المعروف لتطوّر فيروس «كوفيد - 19»، سيكون الجميع أمام احتمال تأخر انطلاق المنافسات، أو امتداد موسم 2019 - 2020 لأطول من موعده المعتاد مما يطرح علامات استفهام بشأن فترة الانتقالات التي ينتظرها اللاعبون والأندية كل صيف.
حتى الآن، يبقى من المستبعد أن تعمد البطولات الوطنية إلى إلغاء الموسم بالكامل. وقد مهّد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) الطريق أمام استكمال المواسم المحلية من خلال تعليق مسابقتي الأندية (دوري الأبطال ويوروبا ليغ)، وإرجاء نهائيات كأس أوروبا إلى صيف 2021. مانحاً بذلك البطولات الوطنية الوقت الكافي لاستكمال منافساتها المعلّقة حالياً.
وبحسب دراسة لشركة «كاي بي إم جي»، سيكبّد إلغاء الموسم البطولات الخمس الكبرى (ألمانيا، وفرنسا، وإسبانيا، وإنجلترا وإيطاليا) خسائر قد تصل إلى أربعة مليارات يورو، ناتجة بالدرجة الأولى عن عائدات حقوق البث التلفزيوني، إضافة إلى إيرادات المباريات والتسويق؛ لكن حتى في ظل عودة كرة القدم إلى المستطيل الأخضر، تخشى الأندية أن قدرتها على الإنفاق لتعزيز صفوفها ستكون صعبة ومحدودة في فترة الانتقالات (التي عادة ما تكون بين نهاية موسم وبداية آخر).
ويقول برنار كايازو، رئيس نادي سانت إتيان الفرنسي ونقابة أندية دوري النخبة الفرنسي: «في حال لم نعاود اللعب، الخسائر ستكون كبيرة إلى درجة ولن يتحرك أحد في فترة الانتقالات، البطولات التي عادة ما تقدم على شراء اللاعبين، لن تقوم بذلك على الإطلاق»، وبحسب يوهان مايكل مانكي، المحامي الألماني المتخصص بحقوق العمل للاعبي كرة القدم في ألمانيا: «يمكن للاعبين، من وجهة نظر قانونية، أن يرحلوا عن أنديتهم مع انتهاء فترة عقودهم حتى وإن كان الموسم متواصلاً».
وبشأن إمكان تمديد العقود، يوضح مانكي: «بحسب قانون العمل، لا يمكن للنادي القيام بذلك بشكل أحادي، أو جماعي، بل عليه الاتفاق مع كل لاعب على حدة»، ويترقب الاتحاد الدولي (فيفا) الذي يشرف على مواسم الانتقالات، المستجدات التي فرضها تفشي فيروس كورونا وأشار إلى أنه شكّل مجموعة عمل لدراسة حول تعديلات أو استثناءات مؤقتة لفترات تسجيل اللاعبين. وستعمل هذه المجموعة على الإجابة للأسئلة المرتبطة بالانتقالات وأيضاً عقود الإعارة. وتخفيف القوانين وأن يبذل كل الأطراف المعنيون جهوداً أيضاً، منها تمديد فترات الإعارة ليتمكن اللاعبون من إنهاء الموسم بعد استئناف البطولات»، ويتوقع وكيل لاعبين فرنسي يدعى فريدريك جيرا «ارتفاع نسبة البطالة في أوساط اللاعبين، أو رفض الأندية تمديد عقودهم بحال أرادوا تحسين شروطهم».
قد يهمك ايضا: