دوري أبطال أوروبا

في الوقت الذي انتهت فيه المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا بتتويج ريال مدريد عقب فوزه على أتلتيكو مدريد في ميلانو مساء السبت، تتجمع في الأفق سحب معركة أخرى خارج الملعب هذه المرة حول مستقبل المنافسة.

تسعى أندية كرة القدم في أوروبا لإجراء تغييرات جذرية في هذه البطولة المرموقة في محاولة لتأمين مزيد من العائدات ردا على الهيمنة المالية للدوري الإنجليزي الممتاز.

تدفع الأندية، خاصة في إسبانيا وإيطاليا، باتجاه إجراء تغييرات في التنسيق من شأنها إجراء مزيد من المباريات التي تجمع فرقا من الوزن الثقيل، وذلك وفقا لأشخاص مطلعين على المفاوضات. وهي تجادل بأن هذا يمكن أن يكون أكثر ربحا من حيث الإيرادات التجارية والإيرادات من وسائل الإعلام، فضلا عن زيادة مبيعات التذاكر.

ومع ذلك، هناك خلاف متزايد حول الشكل الذي ينبغي أن يتخذه هذا التحول، إذ يعترض بعضهم على إدخال تعديلات واسعة النطاق على بطولة تقدم شريان الحياة المالي لدول كرة القدم الأصغر.

أحد المحركات الرئيسة للتغيير هو ثروة الدوري الإنجليزي الممتاز. في العام المقبل، سوف تكسب أنديته الـ20 جميعا ما لا يقل عن 100 مليون جنيه استرليني من صفقته المتعلقة بالبث، التي تبلغ قيمتها 5.1 مليار جنيه مع "سكاي" و"بي تي". والأندية في دوري الدرجة الممتازة في إنجلترا سوف تستفيد أكثر من صفقات حقوق البث التلفزيوني في الخارج، التي لا يزال بعضها قيد التفاوض، بقيمة تصل إلى ثلاثة مليارات جنيه استرليني.

ووفقا لشركة ديلويت، ثلاثة أندية فقط خارج إنجلترا -ريال مدريد وبرشلونة ويوفنتوس– كسبت أكثر من 100 مليون جنيه من عائدات البث في موسم 2013 - 2014.

الأندية الأوروبية يمكن أن تتراجع أكثر عقب مزاد مقبل على حقوق بث دوري الدرجة الممتازة الألماني لمدة أربعة مواسم ابتداء من عام 2017. "أمبير أناليسيس"، وهي مجموعة أبحاث تختص بصناعة التلفزيون، تتوقع أن يحقق المزاد الألماني ما بين 3.6 مليار يورو و4.4 مليار يورو، ما يجعلها ثاني أكبر صفقة حقوق بث تلفزيوني في أوروبا.

هذه الأموال المتحولة تقود جهودا بين بعض الأندية لإحداث تغيير في شكل دوري أبطال أوروبا، بحيث يأتي في وقت مناسب قبل موسم 2018 - 2019، عندما يسري مفعول عقد جديد مدته ثلاث سنوات لعرض المباريات. وقال شخص مقرب من المفاوضات: "كل شيء مطروح على طاولة المفاوضات". وقال "يويفا"، الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، إنه "يتوقع اتخاذ قرار بحلول نهاية عام 2016".

حاليا يتم وضع جميع الفرق الـ32 في المسابقة الرسمية لدوري أبطال أوروبا في ثماني مجموعات كل مجموعة من أربعة فرق. ويتأهل أول فريقين في كل مجموعة لجولات "التصفيات".

ومن بين المقترحات التي طرحت هناك جولة تصفيات مبكرة، حيث تلعب 16 فرقة ضد الفرق الـ16 الأخرى المقابلة. الفرق المنتصرة في هذه الجولة تتقدم إلى مرحلة تضم مجموعتين من ثمانية فرق.

هذا من شأنه ضمان ما لا يقل عن 16 مباراة لهذه الفرق -جميع الفرق تلعب مع بعضها بعضا ذهابا وإيابا– حيث تشتمل مرحلة المجموعات الموسعة على مزيد من المواجهات بين أكبر الأندية.

الاقتراح الآخر هو إشراك أندية لم تتأهل بالشكل الطبيعي، لكنها قدمت أداء جيدا في البطولات السابقة. ويمكن للأندية القوية التقليدية، مثل ميلانو ومانشستر يونايتد، أن تكون قد استفادت من ترتيبات من هذا القبيل هذا العام. فكل منهما فشل في التأهل لدوري أبطال أوروبا في الموسم المقبل بعد أن انتهى خارج مواقع التأهل في بطولات الدوري المحلية هذا العام.

ألبرتو كولومبو، نائب الأمين لاتحاد محترف كرة القدم الأوروبيين، الذي يمثل 32 من بطولات الدوري في جميع أنحاء القارة، قال إن من المرجح معارضة التدابير التي من شأنها أن تعني أن الأماكن لا يتم تخصيصها وفقا لـ"الجدارة الرياضية" أو الأداء في المنافسات المحلية.

وأشار إلى مثال ليستر سيتي الإنجليزي الذي سيلعب في دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى، بعد فوزه غير المتوقع ببطولة الدوري الممتاز. وقال: "إنها مسألة إبقاء الحلم على قيد الحياة لأي ناد يؤدي أداء جيدا على أرض الملعب".

وتعترض البلدان الصغيرة أيضا على خطط من شأنها أن تسفر في المستقبل عن خروج فرقهم بشكل منتظم في مرحلة مبكرة. وقال ستيوارت ريجان، رئيس الاتحاد الاسكتلندي لكرة القدم: "إننا حريصون على حماية الوضع الراهن للبلدان الصغيرة التي يمكن أن تحقق إيرادات لا يستهان بها من خلال كرة القدم الأوروبية".

الاقتراح الآخر هو نقل المبارايات إلى عطلة نهاية الأسبوع، بدلا من أن تكون في منتصف الأسبوع، الأمر الذي يمكن أن يخدم بشكل أفضل الجماهير الآسيوية. وقال ريتشارد سكودامور، الرئيس التنفيذي للدوري الإنجليزي الممتاز، إنه "سيقاوم ويحارب" محاولات تقديم المباريات الأوروبية في عطلة نهاية الأسبوع، لأن هذا من شأنه أن يُحدِث اضطرابا في بطولات الدوري في جميع أنحاء القارة.

وأصبحت أموال دوري أبطال أوروبا مصدرا حيويا للدخل بالنسبة للأندية الكبرى. في 2014 - 2015 وهو آخر موسم كانت فيه المعلومات المالية متاحة، كسب كل واحد من الأندية الـ32 ما قيمته 8.6 مليون يورو مقابل التأهل للبطولة. ويتم تخصيص مزيد من الجوائز المالية وفقا للأداء، إذ حصل برشلونة على جائزة نقدية قيمتها 27.8 مليون يورو لفوزه باللقب في الموسم الماضي.

إيرادات أبطال الدوري الأخرى تأتي من "تجمع السوق" - حصة من الأموال تتناسب مع قيمة صفقة حقوق البث في كل بلد.

واستفادت الأندية الإيطالية من نظام تجمع السوق. يقال إن "ميدياست" دفعت 700 مليون يورو لحقوق عرض البطولة في إيطاليا على التلفزيون لمدة ثلاث سنوات إلى عام 2018. وهذا يعني أن يوفنتوس حصل على 89.1 مليون يورو من مسابقة الموسم الماضي، أكثر من برشلونة بمقدار 28 مليون يورو، على الرغم من خسارته أمام النادي الإسباني في المباراة النهائية .