مغارة "حلق الشيطان"

تثير كلمات الدليل السياحي لزائري مغارة "حلق الشيطان" في جبال "رودوبي الغربية"، كثيراً من الفضول وربما الرعب عندما ينبه الزوار دائماً بقوله " انتهبوا جيداً لا أحد يقرب السور الحديدي، شاهدوا الدائرة الشيطانية، والتقطوا الصور واخرجوا ".

وتقع مغارة حلق الشيطان في جبال "رودوبي الغربية" القريبة للغاية من اليونان، ويشكل الكهف مساراً خلافياً بين البلغار واليونانيين، حيث يقع الكهف على بعد 8 كم شمالي قرية تريغراد في مدينة ديفن التي تبعد بدورها عن صوفيا العاصمة بما يقارب من 300 كم على الطريق من صوفيا إلى ديفن، ترى السهول والجبال والشلالات والبحيرات والكهوف والمناظر البديعة الخضراء .

وقصدت "سبق" كهف التكوينات الأنيقة المعروفة، لما يتوارد حوله من قصص عن أسطورة حل الشيطان، ومنها أنه يبتلع أي شيء وكل شيء ومنها أنه لا نهاية له، وقصص أخرى.

رأس الشيطان

ويستقبل الدليل الزوار في بداية الجبل منبهاً ببعض التحذيرات، حيث تدخل كل ساعة مجموعة معها دليلها السياحي الذي معه جهاز للطوارئ، ويكون الدخول عبر فتحة ضيفة إلى الكهف في طريق طويل يقارب 500 متر، ثم يبدأ الانحناء، وهناك درجات خشبية تشتم فيها رائحة الماء الذي يتكاثر رذاذه رويداً رويداً، وكلما اقتربت من الحلق أو فتحة الكهف يصيبك بعض الخوف، فالأضواء بسيطة للغاية، ودوي الماء يتصاعد والظلام يبدأ في التزايد، إلا أن هناك شيئاً يجذب الناس إليها ويفتنهم فيها وهو فرصة التواصل مع عالم الألغاز والأهوال تحت الأرض، عندما تصل إلى منتصف الكهف هنا قد وصلت إلى القاع الأول ومسافته ما يقارب من 700 متر تحت الأرض، تجد فتحة تشبه الفم أو الرأس له قرنان، وكأنها الصورة التي رسخت عن الشيطان .

"القاعة المدوية"

ويقف الجميع مذهولين أمام الفتحة السوداء وهم يرون الماء يهبط فيها دون أن ترى لها نهاية، حيث تشير أشهر الأساطير إلى أن حلق الشيطان هي التي هبط إليها الملك أورفيوس إلى مملكة هاديس بحثاً عن زوجته إفريديكا، يتندر الدليل معلناً أنها ليست مكاناً للحب أبداً، إنما هو مكان للرعب، حيث ترى الكهف متفرعاً بشكل قليل وعلى شكل هاوية سحيقة، وترى مياه نهر قرية تريغراد تصب فيه من ارتفاع يبلغ 42 متراً، وهكذا تشكل أكبر شلال تحت الأرض في شبه جزيرة البلقان، وبسبب الدويّ الشديد الذي يسبّبه سقوط المياه أطلق على القاعة التي ينساب فيها شلال الماء اسم "القاعة المدوّية"، وهي ثاني أكبر قاعة كهفية في بلغاريا.

على بعد 800 متر عن مدخل المغارة تدخل مياه النهر في ما يشبه هوة سحيقة يبلغ طولها ما يزيد عن 150 متراً غير 60 متراً جرياناً عبر رواق .

20  سباحاً ابتلعهم الحلق

ويقول الدليل السياحي: إن هناك أكثر من 20 سباحاً ماهراً غطسوا في الحلق ولكنهم للأسف لم يخرجوا، ويؤكد لنا أنه أجريت الكثير من التجارب بقطع كبيرة من الخشب والبوية الملونة، وغيرها من مختلف الأشياء، ولكنها اختفت كلها في النهر وخاصة عند الفتحة تحت الأرض من غير أثر، وعندما أجريت تجارب بالبوية الحمراء فقد ظهر أنها تحتاج إلى أكثر من ساعة ونصف الساعة لتخرج، ولكنها للأسف لم تخرج للآن.

 وعند السير في المسار السياحي المحدد من قبل المسؤولين والأمن ترى أولاً المجرى المائي من الخارج، ثم المجرى المائي إلى "الصالة المدوية"، توجد بعدهما 301 درجة خشبية بمحاذاة الشلال المدوي، و كل مسار مزود بدرجات صخرية أو خشبية وسور للحماية، وتشاهد بعض المنقوشات الثلاث التي حفرت في صخور الكهف، يمثل أولها رأس شيطان، وهو على مقربة من مدخل الزوار قبل موضع النزول إلى الصالة المدوية بقليل، ويمثل الثاني رجلاً من رأسه إلى قدميه حفر بأساليب العصور القديمة في صخر الصالة المدوّية، أما في الطريق إلى المخرج فيمكن رؤية ينبوع صغير حفر عنده صورة لامرأة .

جدير بالذكر أن وقت زيارتنا في شهر مايو يعتبر أفضل الأوقات المناسبة لزيارة الكهف، حيث يكون فيهما مدخل الكهف محاطاً بالنباتات وجبال الرودوبي الهائلة الارتفاع .