تتجه دول مجلس التعاون الخليجي إلى إنشاء سوق لتجارة الطاقة فيما بين دولها الأعضاء بهدف تقليص حجم الوقود والغاز المستهلك في توليد الكهرباء وتقنين تكاليف الإنتاج والتشغيل، واعتمدت الدول الست الأعضاء لأجل ذلك نظاماً إلكترونياً لتسهيل تجارة الطاقة، وهو نظامٌ يتيح لهيئات الكهرباء البحث عن فرص تجارة الطاقة وتسهيل العمليات التجارية في هذا المجال بين الدول الأعضاء، حيث ينتظر أن يصل حجم تجارة الكهرباء المتوقع بين دول التعاون خلال الصيف المقبل إلى ألف ميغاوات. وقال المهندس عدنان المحيسن الرئيس التنفيذي لهيئة الربط الكهربائي الخليجي لـ «البيان الاقتصادي» إن تجارة الطاقة بين دول المجلس، ستكون من خلال تسويق القدرات الفائضة لمحطات التوليد وإيجاد العروض والفرص المناسبة للعرض والشراء على أسس اقتصادية، غير أن مختصين في صناعة الكهرباء قالوا في رأي مخالف إن تقارب ساعات الذروة بين أغلب دول الخليج.. ومحدودية ساعات انخفاض الاستهلاك، التي لا تتجاوز عشر ساعات يومياً؛ قد يُضعفان جدوى مشروع ربط محطات توليد الكهرباء بين دول المنطقة. وتؤكد هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في تقرير لها على وجود فوائد اقتصادية أكبر مما ورد في دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع التي بينت أن هناك وفراً يبلغ ثلاثة مليارات دولار في الاستثمارات بالإضافة إلى توفير حوالي 330 مليون دولار من تكاليف التشغيل والوقود. وتسعى الهيئة إلى تفعيل الاستفادة القصوى للدول الأعضاء من الربط الكهربائي ومعالجة جميع الأمور الفنية التي تسهل تفعيل تبادل وتجارة الطاقة بين الدول الأعضاء وكذلك فتح آفاق جديدة لتبادل وتجارة الطاقة، من خلال إيجاد فرص للربط مع الدول المجاورة، أملاً في الربط على المدى المتوسط مع الشبكة الأوروبية. غير أن تجارة الطاقة بين دول المجلس والتي وضعت لها خطةُ ضخمة وطموحة، تواجه مشاكل عدة، لا سيما غياب نظام قانوني موحد واعتماد التعرفة على أسعار النفط العالمية، التي تعتبر تكلفة بالنسبة لدول المجلس بحكم الدعم الذي تقدمه لمواطنيها. وأكد أحمد الإبراهيم، نائب رئيس هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون أنه ليس هناك نظام موحد لوضع تعرفة موحدة لسعر الكهرباء، وأن السعر يعتمد على تكلفة الوقود لكل دولة، مشيراً الى انه تم تجهيز اتفاقية نموذجية لشراء الطاقة، وما على الدول إلا إشعارنا بوقت الحاجة للطاقة لحجز السعة المطلوبة والرابط لنقل الطاقة الكهربائية. من جهته أوضح المهندس عدنان المحيسن أن الهيئة مستمرة في تطوير إمكاناتها بالاستفادة من الخبرات الأوروبية والآسيوية وغيرها في هذا المجال، مشيراً الى أن عملية الربط تسهم في تفادي الدول الأعضاء لتكاليف إنشاء محطات توليد جديدة، كما أنها تغنيهم عن بناء محطات توليد جديدة تزيد قدرتها على 5 آلاف ميغاوات خلال 20 عاماً. ويقول كبار المسؤولين في هيئة الربط انهم ناقشوا مسودة ورقة مبادرات استراتيجية لتحفيز السوق الخليجية المشتركة للكهرباء، وهي أول ورقة من نوعها تحقق توجهات الوزراء المعنيين بالكهرباء في دول المجلس لتحقيق دعم وتنشيط مبادئ ونشاط تجارة الطاقة الكهربائية .. والذي من المؤمل أن يأتي بفوائد اقتصادية اضافية ربما تصل إلى حوالي 180 مليون دولار في حالة تشغيل سوق كهربائية نشطة ما بين دول المجلس. ومن المعلوم أن مشروع الربط الكهربائي الخليجي مشروع اقتصادي إستراتيجي يسهم في إيجاد سوق خليجيَّة للكهرباء، الأمر الذي يعزِّز من جدواه الاقتصاديَّة خصوصاً بعد ربط الشبكة الخليجيَّة الموحدة مع الشبكة العربيَّة ومِنْ ثمَّ ربطها مع الشبكة الأوروبيَّة. حققت هيئة الربط الكهربائي إنجازات عديدة أهمها اكتمال المشروع بانضمام شبكة دولة الإمارات للشبكة الرئيسة مؤخراً. وأسهم الربط في تطوير الجوانب الفنيَّة والتجاريَّة الاستثماريَّة لقطاع الكهرباء في دول الخليج وفتح أسواق جديدة وتحقيق أعلى عائد تجاري عبر تبادل الفائض من إنتاج الكهرباء بين دول الأعضاء فيما أسهم من النَّاحية التجاريَّة والاستثماريَّة في إطلاق أول سوق خليجيَّة لتبادل الكهرباء ووضع لائحة بالتعرفة والرسوم لتبادل الكهرباء بين الدول الأعضاء. كما عزَّز المشروع من النَّاحية الفنيَّة من خطط مواجهة فقدان التوليد الكهربائي في الحالات الطارئة أو الانقطاع الجزئي أو الشامل في أيِّ دولة من دول الخليج ومشاركة الدول المترابطة في الاحتياطي الكهربائي المطلوب وتخفيض احتياطي قدرات توليد إلى النصف وزيادة استقرار شبكات دول مجلس التعاون وتحسين قدرات التحكُّم بتردد الشبكة الكهربائية في دول الخليج.