مع احتدام حدة تنافسهما على استيراد الطاقة من أفريقيا البعيدة، انتصرت الصين على الهند في توقيع عقود شراء للنفط والغاز الطبيعي مع دول منطقة بحر قزوين وروسيا القريبتين على التوالي، ما يكشف بوضوح عدم توازن القوى القائم بين البلدين. جاء ذلك في تعليق نشرته مؤخرا صحيفة ((غلوبال تايمز)) الشهيرة واسعة الانتشار بين المثقفين والشباب الصينيين، حيث أشارت إلى أن الشركة الوطنية الصينية للنفط والغاز الطبيعي وقعت خلال السنوات الأخيرة عددا من الاتفاقيات المتعلقة بإمدادات النفط والغاز، ليشهد حجم الإمدادات عبر خط أنابيب النفط الباكستاني ــ الصيني تزايدا بوتيرة سريعة ولتغدو الصين سوقا لروسيا تضخ فيه مليون برميل من النفط عبر خط أنابيب شرق سيبيريا - المحيط الهادئ وليحل المارد الصيني محل روسيا كأهم مستهلك للغاز الطبيعي التركماني. وعزت الصحيفة أسباب نجاح بكين في اغتنام هذه الموارد إلى العاملين الجيوسياسي والجيولوجي، والبني التحتية الصينية المتطورة والمتميزة، والإمكانات المالية الضخمة للشركات الصينية، إضافة إلى طلب الصين المتزايد على الطاقة. وأوضحت أن الصين تتمتع بعلاقة وطيدة للغاية مع روسيا ودول آسيا الوسطى المجاورة، ويتجسد ذلك في الدور متزايد الأهمية الذي تضطلع به منظمة شانغهاى للتعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية ، فيما لا تزال الهند تحمل صفة دولة مراقب في هذه المنظمة. وعلاوة على العامل السياسي، تحظى شركات النفط الصينية بإمكانات مالية هائلة وتتمتع بدعم حكومي قوي متمثل في سهولة حصولها على قروض وسياسات تفضيلية لدخول الأسواق . ومقارنة بنظيراتها الصينية، فإنه من الصعوبة بمكان على شركات النفط الهندية دوما الحصول على دعم حكومي، والأسوأ من ذلك أنها تواجه مصاعب جمة في جمع الأموال عبر طرح الأسهم في البورصة المحلية. ووفقا للإحصاءات الصادرة عن شبكة ((بلومبرغ )) الأمريكية في أغسطس الماضي، لم تنفق شركات النفط الهندية سوى 13.6 مليار دولار على عمليات الاستحواذ على ممتلكات خارجية، في الوقت الذي سجلت فيه نظيراتها الصينية 107مليارات دولار من الإنفاق على مثل تلك العمليات. وتؤكد ((غلوبال تايمز)) في تعليقها أن السبب الأخير وراء انتصار "التنين المتعطش" يكمن في أن تفاؤل "الدب الروسي" ودول بحر قزوين المصدرة للنفط والغاز الطبيعي إزاء طلب الصين المستقبلي على الطاقة أكثر بكثير من تفاؤلهم إزاء الطلب من "الفيل النائم"، حيث تظهر الإحصاءات أن حجم الاستهلاك الصيني للنفط والغاز الطبيعي في العام المنصرم كان أكثر من الاستهلاك الهندي بواقع 2.5 مرة، ومن المتوقع أن يتزايد الاستهلاك الصيني بواقع 90 في المائة خلال الفترة ما بين عامي 2011 و2020، فيما لن تبلغ نسبة زيادة الاستهلاك الهندي 50 في المائة.