لا يثير إنتاج الوقود الحيوي من المحاصيل الزراعية الجدل فقط حول ما إذا كانت الأولوية تعطى للغذاء أم للوقود، إنما أيضا حول التهديد الذي يمثله إنتاج الطاقة بذلك الأسلوب بالنسبة للتنوع البيولوجي. قام أكثر من مائتي عالم أمريكي بالتعبير عن غضبهم عبر رسالة احتجاج إلى إدارة الرئيس أوباما الخريف الماضي، إذ لم يكن علماء البيئة وعلماء الأحياء والغابات يشعرون بالرضا عن خطط السلطات للتوسع في زراعة نوعين من الأعشاب بهدف إنتاج الوقود الحيوي. وطالب العلماء في رسالتهم بضرورة منع انتشار هذه النباتات على نطاق واسع، وإلا يمكن انتظار وقوع نوع جديد من الكوارث في المستقبل.ويذكر العلماء في هذا السياقبعض النباتات المتسلقة التي تم جلبها من القارة الآسيوية بغرض استخدامها كعلف للحيوانات، فانتشرت إثر ذلك في جنوب الولايات المتحدة وأصبحت تنمو على النباتات والأشجار لتقضي عليها بالتدريج. وما يشغل المختصين بشكل رئيسي نباتات القصب العملاقة (Giant Reed) وأعشاب الفيلوهي أنواع لا تنمو أساسا في القارة الأمريكية وإنما منشأها الأصلي في آسيا أو أفريقيا. وهناك في موطنها الأصلي لم تتمكن تلك النباتات من الانتشار على نطاق واسع نسبة لوجود أنواع نباتية أخرى منافسة، وأيضا لوجود الفيلة التي تقتات عليها. وبسبب نموها السريع على التربة الفقيرة تعتبر نباتات القصب العملاقة وأعشاب الفيل مثالية لإنتاج الوقود. وهذه الصفات بالذات تتيح لتلك الأعشاب النمو بسرعة والانتشار على مساحات ضخمة دون قيود. وبحسب الخبراء في "جمعية علوم الحشائش الأمريكية" فإن كلتا العشبتين تنتميان إلى فصيلة الأعشاب "الغازية"، وهي النباتات المستجلبة التي تفرض وجودها بقوة في الأرض التي تنتقل إليها، وتتسبب بذلك في تراجع النباتات الأصلية في المنطقة، وبالتالي في إلحاق أضرار بالغة بالتنوع البيولوجي في المنطقة المعنية. ومثلاً يتوقف نمو بعض الأنواع الأصلية فيالولايات المتحدة كل عام بسبب عدم وجود المساحة الكافية لها، وكذلك لنقص الضوء والمواد المغذيةفي التربة. ووفقا لتقديرات الخبراء تحتل النباتية "الغازية" الآن حوالي 700ألف فدان من الأراضي في الولايات المتحدة، الأمر الذي تسببفي خسارة تقدر بمليارات الدولارات. وفي رسالتهم دعا الباحثون للتدخل في الوقت الملائم، لأن هذا أجدى وأقل تكلفة بكثير من محاولة معالجة الوضع بعد "الغزو النباتي".