قال الدكتور مهندس محمد موسى عمران وكيل أول وزارة الكهرباء ‏والطاقة المتجددة للبحوث والتخطيط ومتابعة الهيئات ، إن حل أزمة الكهرباء اليوم يرتكز على ‏ترشيد الاستهلاك ، مشيرا إلى أنه أرخص أنواع توليد الكهرباء وفقا لما يقوله العالم اليوم .. فبدلا ‏من توليد الكهرباء يتم تقليل استهلاكها.‏
وقال الدكتور مهندس موسى عمران ، في مقابلة مع وكالة أنباء الشرق الأوسط، إذا كان المتوفر والمتاح الآن هو 22 إلى 30 ‏ألف ميجاوات على سبيل المثال فإن توفير 10 في المائة منه معناه بناء محطات قدرتها ‏‏2200 إلى 3000 ميجاوات، وهو ما يعني بناء محطات كهرباء جديدة لتلبية الاحتياجات ‏المتزايدة.‏
وفيما يتعلق بما إذا كان الترشيد هو عدم الاستهلاك، قال بوضوح وبشكل مباشر "لا"، وشدد ‏على أن "الترشيد هو استهلاك الكهرباء على قدر الاحتياج فقط"، مشيرا إلى أنه إذا تمت ‏إضاءة مكان أو تشغيل جهاز في المنزل بدون حاجة فإن هذا يعد اهدارا للكهرباء وتكلفة على ‏صاحب المنزل قبل أن يكون مشكلة على الدولة.‏
وأوضح : " النصيحة للمستهلك.. استهلك بقدر احتياجك.. وأوقف تشغيل ما لا تحتاج إليه"، ‏مشيرا إلى أن "الترشيد يؤدي إلى خفض قيمة فاتورة الكهرباء على المواطن والدولة في نفس ‏الوقت، وهو أمر هام في المرحلة الحالية". ‏
ونوه بأن الهدف من الترشيد هو تقليل الاستهلاك في ظل محدودية الوقود حتى لا يتم اللجوء ‏إلى تخفيف الأحمال وقطع الكهرباء.‏
ولفت إلى أن توفير استخدام لمبة واحدة أو جهاز واحد عند كل مستهلك سيوفر الكثير من ‏الكهرباء على مستوى الدولة.. فإيقاف تشغيل مليون جهاز تكييف قدرة الواحد كيلوات واحد ‏سيوفر 1000 ميجاوات.‏
وشدد على أنه لابد أن نتوقف عن إلقاء اللوم على بعضنا البعض فيما يتعلق بأزمة الطاقة ‏سواء المواطن أو الدولة، وبدلا من ذلك نستطيع كمواطنين عندما نضع أيدينا معا أن نتغلب ‏على أزمة الطاقة ونحن على وعي كامل بها وبكيفية ترشيدها.‏
كما شدد على أن "حل الأزمة في أيدينا نحن كمواطنين وليس في يد أي طرف آخر.. حيث ‏يمكننا أن نتجنب قطع الكهرباء، وخاصة عندما يكون أحد الأبناء في المصعد أو يذاكر ‏دروسه، كما يمكننا من تقليل فاتورة الكهرباء.. كما يمكننا من أن لا نجعل مصر تحتاج إلى ‏دول أخرى لتوفير الوقود.. وأن لانجعل مصر تستورد وقودا من أجل توليد الكهرباء بمبلغ ‏‏500 مليون دولار شهريا".‏
وأضاف: "يمكننا أن نتجاوز هذه الأزمة.. ولكن لابد من أن نضع أيدينا معا.. وأن تكون قلوبنا ‏على بلدنا بكافة انتماءاتنا السياسية والدينية والحزبية"، مشددا على أن جميع الأديان تحض ‏على الترشيد وعدم الاسراف أو إهدار الموارد.‏
ونوه بأنه لم تتمكن أي دولة في العالم، ولا حتى أغنى الدول، من اللحاق بالطلب على الطاقة ‏واحتياجات الناس منها بإنشاء محطات توليد الكهرباء فقط.. لأنه لا يمكن توفير التمويل ‏اللازم لإنشاء جميع المحطات أو تمويل الوقود اللازم لها.. مشيرا إلى أنه من الأفضل استخدام ‏الوقود في أغراض أخرى بدلا من حرقه لتوليد الكهرباء.‏
ولفت إلى أن أي مشروع يتم انشاؤه لمجابهة الطلب على توليد الطاقة الكهربائية يستغرق ‏الكثير من الوقت.. فمحطات الطاقة التقليدية تستغرق 3 إلى 4 سنوات لمرحلة الانشاءات، ‏ومحطات طاقة الرياح تستغرق 3 سنوات، أما الطاقة الشمسية فتستغرق من 5 إلى 6 اشهر ‏للإنشاءات.. ولكن عمل مناقصة وطرحها يستغرق من 18 إلى 24 شهرا.‏
وفيما يتعلق بدور المواطن في المنازل في ترشيد الاستهلاك، قال عمران إن المواطن عليه ‏التعاون بعدم تشغيل الأجهزة كثيفة الاستهلاك وقت الذروة مثل الغسالات وما شابهها، ‏وتشغيل أجهزة التكييف التي يحتاج إليها فقط مع ضبطها على 25 درجة فقط، مع فصل ‏السخانات التي لا تكون هناك حاجة لها في فصل الصيف.. وذلك بدلا من قطع الكهرباء.‏
ووجه عمران عددا من النصائح للمستهلك، فقال "لا تشغل إلا ما تحتاج إليه من إضاءة ‏وتكييف في المكان الذي تتواجد فيه.. وأوقف التشغيل في الأماكن الأخرى.. وإذا كان الأولاد ‏يتركون جهاز التليفزيون يعمل ويخرجون من غرفهم.. فعليك ايقافه". ‏
وأضاف: "ليس من المنطق تشغيل جميع تكييفات المنزل للحفاظ على درجة الحرارة كما هي ‏عند الانتقال من مكان إلى آخر داخله.. هذه طاقة مهدرة وفاتورة مرتفعة.. وفي النهاية يتساءل ‏المستهلك عن سبب ارتفاع تكلفة فاتورته.. وهي في النهاية استهلاكه هو نفسه".‏
كما نصح عمران بفصل الكهرباء عن الأجهزة ليلا وعدم تشغيل خاصية التحكم عن بعد في ‏الأجهزة "الريموت كنترول" في الأوقات التي لا نحتاج إليها فيها، مما يقلل من التكلفة ‏والاستهلاك.‏
ونوه بأن استخدام المصابيح الموفرة للطاقة ومنها الحلزونية باستهلاك 15 وات، وغير ‏الحلزونية من نوع الليد سواء النجفة أو الأنبوبية، وهي متوفرة بـ 3 و 4 وات فقط وإضاءتها ‏جيدة جدا، سيوفر في التكلفة والاستهلاك.‏
وقال: "إذا كانت هناك نجفة بها 10 لمبات الواحدة قوتها 40 وات فإنها تستهلك في الساعة ‏‏400 وات، بينما تستهلك في الحلزونية 150 وات، وباللمبات الليد 30 إلى 40 وات فقط.. ‏وبذلك يمكن توفير 250 وات إلى 370 وات في الساعة الواحدة من نجفة واحدة"، مشيرا إلى ‏أن استخدام اللمبات من نوع ليد يخفض الاستهلاك في الإضاءة بما يصل إلى حوالي 90 في ‏المائة.‏
وفيما يتعلق بشكوى بعض المواطنين في بعض الاحيان من رؤية أعمدة الإنارة مضاءة نهارا ‏في ظل المناداة بالترشيد.. أوضح عمران أن هذه مسئولية المحليات والمحافظات وهو ما ‏أوضحته وزارة الكهرباء على مدى سنوات، مشيرا إلى أن وزير الكهرباء أعلن استعداد الوزارة ‏للتعاون معهما وتوفير جميع ما يحتاجون إليه للتغلب على هذه المشكلة.‏
ولفت إلى أنه إذا لم تقم المحليات والمحافظات بدورهما، فإن وزارة الكهرباء يجب أن تتدخل ‏وتقوم بالإصلاح بنفسها على أن يتم احتساب التكلفة على المحليات والمحافظات من ‏ميزانيتهم.‏
وقال إن إنارة الشوارع تمثل أحد أسباب الاستهلاك، مشيرا إلى أنه يجب البحث عن وسيلة ‏لإنارة الشوارع بالشكل الصحيح.. موضحا أن الوزارة تلقت الكثير من العروض من جهات ‏عرضت أن تتولى مسئولية عملية الإنارة بدلا من المحليات والمحافظات على أن تحصل على ‏الفرق بين ما توفره هذه الشركات من استهلاك وما تدفعه المحليات حاليا. ‏
وأضاف أن هناك شركات أخرى عرضت أن تستخدم الطاقة الشمسية في إنارة أعمدة الإنارة أو ‏استخدام لمبات موفرة مقابل منحها حق الإعلان لفترة معينة على عمود النور الذي تحوله ‏للطاقة الشمسية.‏
وشدد على ضرورة دراسة المحليات بجدية للعروض التي طرحتها الشركات من أجل ذلك.‏
وفيما يتعلق بمشكلة الاعلانات الموجودة على الطرق، قال عمران إن هناك لوحات إعلانية ‏على الطرق تستخدم أكثر من 100 لمبة مضاءة، وفي بعض الأحيان تكون هذه اللوحات ‏مضاءة دون وجود إعلان عليها.‏
وأوضح أن عدد 100 لمية نيون (فلوريسنت) بقوة 40 وات تستهلك في الساعة 4000 وات.. ‏وإذا تم تحويلها إلى لمبات ليد فسيتم خفض استهلكها إلى حوالي 400 وات فقط في الساعة.. ‏أي يمكن توفير من 85 إلى 90 في المائة من الاستهلاك.. بواقع حوالي 3600 وات في ‏الساعة.‏
ودعا إلى إصدار قانون يلزم شركات الاعلانات بالتحول إلى الطاقة الشمسية في إضاءة لوحات ‏الاعلانات باستخدام اللمبات الليد، أو التحول إلى نظام الإضاءة الخارجية وليس الإضاءة ‏الخلفية بكشافين أو ثلاثة كشافات فقط تؤدي نفس الغرض.‏
وشدد على أن تكون الاعلانات تابعة لجهة واحدة تكون مسئولة عنها وعن اضاءتها.‏
وفيما يتعلق بدور وزارة الكهرباء، قال عمران إن الوزارة عليها وضع خطط لحل الأزمة بغض ‏النظر عن المسببات السابقة ومن المتسبب فيها.. مشيرا إلى أن الخلاف احتدم دون طائل ‏خلال السنوات الماضية بشأن المتسبب في الأزمة سواء وزارة الكهرباء أم وزارة البترول.. مشيرا ‏إلى أن هذا ماض وانتهي ولنبدأ صفحة جديدة نتجاوز فيها البيانات المضللة التي افادت بأن ‏مصر تسبح فوق بحر من الغاز الطبيعي.‏
وعند سؤاله "هل هناك حل؟"، أجاب بوضوح "نعم.. المصريون قادرون على وضع الكثير من ‏الحلول كما فعلوا من قبل مع الكثير من الأزمات.. بداية من بناء السد العالي إلى القيام ‏بثلاث ثورات، وهي ثورة 23 يوليو وثورة 25 يناير وثورة 30 يونيو.. وكذلك حرب أكتوبر ‏‏1973 وتحطيم خط بارليف".‏
وأضاف: "لابد ن ندرك أن الحل في أيدينا.. وليس في يد وزارة الكهرباء أو وزارة البترول.. فوزارة ‏الكهرباء ستبذل كل ما في وسعها وستقوم بتشغيل كل ما يمكنها تشغيله من محطات.. ووزارة ‏البترول ستوفر أقصى قدر يمكنها توفيره من الوقود.. الجميع وطنيون ولا نشك لحطة في ‏وطنية جميع أجهزة الدولة". ‏
وقال: "إذا لم يكن لدي فرصة لإنشاء محطة غدا.. فإن لدي فرصة الأن كي أطفئ لمبة أو ‏جهاز تكييف أو سخان لا أحتاج إليهم.. وهو ما يوفر الكهرباء اليوم وفي نفس الوقت يوفر ‏المال الذي يمكن استخدامه في إنشاء محطة غدا". ‏
وبالنسبة لدور الوزارة، قال عمران: "نضع خططا متوسطة الأجل تستهدف الترشيد أولا هذا ‏العام، والعام القادم نقوم بتركيب عدادات ذكية والعمل والتوسع في مجال توليد الكهرباء من ‏الطاقة الشمسية ووضع مستهدفات للسنوات الثلاث القادمة لإنتاج الطاقة الشمسية من وحدات ‏يتم تركيبها على أسطح المنازل".‏
وقال : "عشنا فترات وفرة.. ونعيش الآن في فترة أزمة.. ولكننا نستطيع أن نعبرها رغم أن ‏مواردنا محدودة ولسنا دولة بترولية.. نحن من يمكن أن يحدد كيف يمكن أن نتجاوز هذه ‏الأزمة بمواردنا المحدودة.. وزجاجة ماء واحدة تكفي 10 أشخاص في الصحراء.. ولكنها لا ‏تكفي شخص واحد في المدينة في ظل وفرة المياه". ‏
من ناحية أخرى، دعا الدكتور مهندس محمد موسى عمران وكيل أول وزارة الكهرباء والطاقة ‏المتجددة للبحوث والتخطيط ومتابعة الهيئات إلى هيكلة أسعار الكهرباء، مشيرا إلى أن سعر ‏الكيلوات من الكهرباء في مصر ثابت من السبعينات عند 5 إلى 6 سنتات دولارية، ولم يزد ‏سوى بالقرش فقط بمتوسط 7ر22 قرشا أي أنه انخفض عند حسابه بالسعر العالمي بالسنت ‏‏(حوالي 3 سنت فقط الآن) بسبب فرق العملة.. رغم ارتفاع أسعار الوقود ومعدات توليد ‏الكهرباء عالميا.‏
وأوضح أن سعر الكهرباء عند انشاء السد العالي كان أعلى من سعرها الآن.. عند حسابه ‏بالدولار.. لأن سعر الدولار عند بناء السد العالي كان 37 قرشا فقط، أما الآن فإن الدولار بـ ‏‏700 قرش.‏
ونوه بأن وزارة الكهرباء لا تحقق أي مكسب من بيع الكهرباء سوى على الجهد العالي، وقال: ‏‏"تكلفة الكيلووات 26 قرشا على الجهد الفائق للمصانع (حديد واسمنت) وعدد مشتركيه قليل ‏وتبيعه وزارة الكهرباء بـ 28 قرشا.. أما على الجهد المنخفض الذي يغذي المنازل والأغراض ‏التجارية مثل عيادات الأطباء وبعض المصانع الصغيرة فإن تكلفة الكيلووات 41 قرشا ووزارة ‏الكهرباء تبيعه بـ 8ر19 قرشا، وعلى الجهد المتوسط مثل المولات والمنتجعات فإن التكلفة 34 ‏قرشا وتبيعه الوزارة بـ 4ر27 قرشا".‏
وأوضح أن المتوسط العام في يناير 2013 لتكلفة الكيلووات بلغ 32 قرشا ويتم بيعه بـ 22 ‏قرشا فقط.‏
ودعا عمران إلى تحمل المستهلك القادر والذي يحقق ارباحا كبيرة للتكاليف الحقيقية لاستهلاكه ‏من الكهرباء"، مشيرا على سبيل المثال إلى أن الطبيب يحصل على 200 وحتى 700 جنيه ‏في الكشف، ورغم ذلك تحصل عيادته على الكهرباء بسعر المنازل.‏