خلَّفَت العاصفة الثلجية القطبية التي ضربت منطقة الشرق الأوسط خلال الأيام الماضية عاصفة سياسية في إسرائيل جرَّاء انهيار البنية التحتية في الكثير من المدن، في حين ما زال أكثر من 25 ألف منزل في القدس بلا كهرباء. وتعالت الاصوات داخل اسرائيل التي تتساءل، اليوم الأحد،: "إذا فشلنا في مواجهة منخفض جوي قطبي وانهارت البنية التحتية فكيف لنا أن نواجهة صواريخ تسقط في قلب اسرائيل في أية حرب مقبلة؟ وكشفت العاصفة الثلجية التي أُطلِق عليها اسم "أليكسا" أن اسرائيل، وخلافاً لما سبق وروجت له الجبهة الداخلية على مدار السنتين الأخيرتين، غير جاهزة، ليس فقط لمختلف السيناريوهات المتوقعة في حال الطوارئ، إنما لأبسط هذه السيناريوهات. وطرح السؤال كيف يمكن لإسرائيل أن تواجه تعرضها لقصف صاروخي مكثف إذا لم تتمكن من توفير الحماية والأمن لسكانها لمجرد عاصفة ثلجية. وأعادت إخفاقات الجبهة الداخلية الصهيونية خلال أيام العاصفة، إلى نقاش الإسرائيليين إخفاقاتها خلال السنوات السبع الأخيرة، بدءًا من حرب لبنان 2006، ثم عملية "الرصاص المصبوب" 2009، ثم حريق الكرمل 2010، وعملية "عامود السحاب" 2012، وصولاً إلى الإخفاق الحالي في تجهيز البلاد لمواجهة العاصفة الثلجية. وإزاء هذا الاحتدام العاصف في النقاش قرر مراقب الدولة الاسرائيلية فحص هذه الإخفاقات فيما دعت جهات مسئولة إلى تشكيل لجنة تحقيق. أما الحكومة الاسرائيلية فأعلنت حال طوارئ وعقدت جلسات متواصلة رفض خلالها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزير الحرب موشيه يعلون والقائد العام للشرطة يوحنان دانينو الانتقادات، وطالبوا بوقف ما أسموه "التذمر"، من الوضع، كما رفضوا الدعوة إلى تشكيل لجنة تحقيق في الأوضاع، وادعى نتنياهو أن إسرائيل عالجت الأوضاع بشكل أفضل من دول أخرى، سقط فيها عدد كبير من الضحايا جراء العواصف. وأدَّت العاصفة الثلجية إلى وفاة أربعة إسرائيليين، وظهر في مدينة القدس المحتلة، على وجه الخصوص، الإخفاق الأكبر للجبهة الداخلية، وتبين أن المدينة غير جاهزة لأي حال طوارئ، حيث المؤسسات والمدارس ما زالت مغلقة ومعظم الطرق مغلقة. وأدّت العاصفة إلى انهيارات لم تتمكن طواقم الطوارئ من الوصول إلى السكان وإنقاذهم، وفي الشمال، أشعل فشل الجبهة الداخلية الضوء الأحمر، حيث وضع المنطقة لم يكن أفضل من القدس. وبموجب المعطيات الاسرائيلية فقد أدت "أليكسا" إلى انقطاع التيار الكهربائي عن حوالي ستين ألف بيت، خاصة القدس المحتلة وشمال إسرائيل، وحتى كتابة هذه السطور لم تتمكن الجهات المسؤولة عن إعادة الكهرباء لغالبية البيوت. وألحقت العاصفة خسائر مادية بلغت قرابة 420 مليون شيكل، وشارك جيش الاحتلال في عمليات الإنقاذ، حيث قام بنقل 35 مصفحة إلى مناطق مختلفة في البلاد لتقديم المساعدة للمواطنين، خاصة في مدينة صفد، في الشمال. ووصفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" ما حدث في القدس بـ"الحصار"، لافتة "بعد يوم من العاصفة "أليكسا" بدأنا نتذكر الحصار الذي شهدته القدس أيام حرب 1948، فالوجوه الاسرائيلية التي استقبلت الثلوج، صبيحة الجمعة، بالابتسامات والفرح سرعان ما شعرت باليأس والوهن، وكلما ازداد سقوط الثلج وغطى شوارع المدينة، أطلَّت المزيد من الإخفاقات الخطيرة التي أدت إلى انقطاع التيار الكهربائي وخطوط الهاتف عن عشرات آلاف البيوت، إضافة إلى مشاكل تزويد المياه وشل حركة المواصلات، بل وشل الحياة"، وأضافت الصحيفة تقول:" هذه الأوضاع جعلت المسنين يتذكرون أيام الحصار على القدس في حرب 48، يتذكرون تلك الأيام ويضطرون إلى الانغلاق في بيوتهم من دون كهرباء، وماء وفي حالات كثيرة من دون غذاء أو اتصال مع محيطهم. وفيما وصفت الصحيفة موقف نتنياهو والمسؤولين بالاستهتار أوضحت:" أن المؤتمر الصحافي الذي عقدوه كان عرضا متعجرفًا وفكاهيًا غريبًا، وصل قمة الاستهتار فيه عندما دعا القائد العام للشرطة الصهيونية إلى التوقف عن التذمر والأنين". وفي جانب آخر، وصف البعض القدس المحتلة خلال العاصفة بالعودة إلى العصور الوسطى وكتب الصحافي جاد ليئور يقول: " أحداث العاصفة الثلجية الكبيرة التي ضربت القدس كانت واضحة تمامًا، وأظهرت فشل جميع الأنظمة، فالكهرباء انقطعت، ومسارات الطرق التي وعدنا بفتحها أُغلِقت من قِبل الشرطة، والآلاف امضوا ليلة كاملة على الطرق الموصلة إلى العاصمة في حالة تجمد، بلا طعام ولا ماء ولا غطاء. ورفض الكاتب حديث نتنياهو والمسؤولين بأن العاصفة كانت شاذة، وأعلن: "يذكرني هذا الإخفاق بإخفاقات سابقة أثبتت في كل مرة أنه توجد لدى السلطات وأجهزة الطوارئ عملية منظمة وصحيحة لاتخاذ القرارات".