شهدت غالبية أجزاء الربع الشمالي الشرقي في الولايات المتحدة، خلال الأيام القليلة الماضية برودة في أحوال الطقس، تعتبر الأقسى منذ حوالي 20 عاماً، بينما تدنت درجة الحرارة في الغرب الأوسط بشكل خطير. وتقع غالبية أراضي الولايات المتحدة بين خطوط العرض الوسطى، ما يعني أنها بين المناطق الاستوائية والقطبية، وبالتالي تتأثر درجات الحرارة بالطقس في كلا الاتجاهين. ومن المعروف أنه لا يمكن خلط الهواء البارد في القطب الشمالي والهواء الاستوائي الحار، لجعل الهواء أقرب إلى المعتدل، وذلك بسبب دوران الأرض والذي يتسبب بتحرك كل تيار هوائي إلى جهة بعيدة عن الأخرى. وتتمثل النتيجة بالتيار النفاث، أي موجة من الهواء السريع الذي يهب من الغرب إلى الشرق على ارتفاع طيران الطائرات النفاثة، وعلى طول الجزء العلوي من الحدود التي تفصل بين الطقس الدافئ والبارد. ولكن الهواء البارد والحار لا يمكن أن يبقى بعيدا إلى الأبد. ويشكل الهواء النفاث دوامات بحجم واحد أو أكثر في الولايات الأمريكية. وهذه هي أنظمة الضغط العالية والمنخفضة، والتي تثير الغلاف الجوي المحيط على نطاق عملاق. وتحرك الهواء إلى الشمال أو الجنوب بسرعة كافية. وتعتبر درجات الحرارة المنخفضة، طبيعية للدائرة القطبية الشمالية. ولكن ما يجعل هذا الحدث قاسيا، لا يتمثل بوجود الهواء البارد، بل حقيقة دورانه بطريقة أبعد من المعتاد. أما لماذا حدث ذلك؟ فمن الصعب ايجاد الأسباب المباشرة التي تؤدي إلى الظواهر الجوية، ولكن يمكن أن يكون هناك أسباب أكبر لإجراء تغييرات تدريجية في احتمالات حصول أنواع معينة من الأحداث. وتعتبر ظاهرة الاحتباس الحراري واحدة من بين هذه الأسباب الكبيرة. وبطبيعة الحال، فإن موجة البرد التي ضربت غالبية بلدان العالم، لا تتعارض مع حقيقة الاحتباس الحراري، ما يشكل الاستثناء الذي يثبت القاعدة. ويمكن وصف حالة الطقسء خلال الأيام الماضية بالأقسى منذ 20 عاماً. واستناداً على التقرير الأخير للفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ، فإنه "من شبه المؤكد" أن الحد الأقصى لدرجات الحرارة اليومية على الأرض قد زاد منذ العام 1950. وعالميا، فإن العام 2013 شهد الطقس الأكثر حرارة خلال تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وفي الآونة الأخيرة فإن سجلات درجات الحرارة العالية قد كسرت مراراً بالمقارنة مع سجلات درجات الحرارة المنخفضة. ولكن سجلات درجات الحرارة المنخفضة، ما تزال تكسر في بعض الأحيان، عندما يحمل الهواء النفاث الهواء البارد إلى مكان في الجنوب أبعد من المعتاد، أو يجعله أسرع من المعتاد. ويجادل بعض العلماء ، في الواقع، أن ظاهرة الاحتباس الحراري قد تتسبب بأن يحدث ذلك بشكل متكرر.