أطلقت بلدية "حمانا" في المتن الأعلى وجمعيّة "طبيعة بلا حدود" صرخة موحدة، الثلاثاء، من أجل الحفاظ على نبع الشاغور، تضمن دعوة صريحة لإلغاء مشروع إقامة سد القيسماني فوق حرم النبع، وأن تأخذ الجهات المعنية بما تضمنه دراسات علمية عدة أبرزها دراسة أعدها خبراء من الجامعة الأميركية في بيروت، خلصت إلى أنه "استنادًا إلى الدراسات التي تمت مراجعتها، من الواضح أنه لم يتم تقييم سد القيسماني المقترح بشكل كافٍ على مختلف المستويات: أكانت الهيدرولوجية أو الجيولوجية المائية أو الزلزالية أو البيئية أو الاجتماعية".وبعد تفقد حرم نبع الشاغور، عقد رئيس بلدية "حمانا" جورج شاهين، ورئيس جمعية "طبيعة بلا حدود" المهندس محمود الأحمديّة، مؤتمرًا صحافيًا مشتركًا في مركز البلدية، وأعلنا تبني ما جاء في العديد من الدراسات وما لحظته بشكل خاص دراسة الجامعة الأميركية من أنه "في ظل أفضل سيناريو متفائل ليس هناك شك في أن كمية المياه ونوعيتها في نبع الشاغور سوف تتأثر سلباً، إنما مدى هذه السلبية هو موضع جدال بسبب دراسات غير كافية. في ظل أسوأ سيناريو متشائم يحتمل أنّ يفقد نبع الشاغور الكثير من تدفقه حتى يجف، أو يصبح ملوثًا بشكل خطير (أقصى قدر من التأثير السلبي) إلى جانب المخاطر الزلزالية في واحدة من أكثر المناطق النشطة زلزاليًا في لبنان، كما أن المخاطر المرتبطة بالموقع المقترح ليست مضمونة ولا مبررة، خصوصًا عندما يكون ممكنًا أنّ تكون تكلفة وتأثير البدائل لتحقيق نفس الأهداف أقل، ولكن للأسف غير مستكشفة".وأثنى شاهين على "نضالات جمعية طبيعة بلا حدود في منطقتنا وكنا مواكبين لها دائمًا"، وأوضح "باسمي وباسم أهالي حمانا سوف لن نوفر جهدًا في نضالنا ضد إنشاء سد القيسماني على حرم نبع الشاغور في سهل المغيتة وليس على إقامته، كما كان مقررًا في منطقة القيسماني، فعلى العكس كانت بلديتنا السابقة برئاسة المحامي حبيب رزق ومع اتحاد بلديات المتن الأعلى تطالب بالإسراع في إنشاء بحيرة أو سد لتأمين المياه لقرى المتن الأعلى".ولفت إلى أنّ "السدّ أصبح في حرم نبع الشاغور، وهي منطقة من المفترض حمايتها، وممنوع الاستثمار فيها بأكثر من 1%، وذلك استناداً إلى التصميم التوجيهي والنظام التفصيلي العام المعتمد في وزارة الأشغال العامة والنقل (وفقاً للمرسوم الرقم 15613 الذي صدر عام 2005) والذي يمنع ضمن المنطقة المحددة H1 الاستثمارات الصناعية والملوّثة، وحتى المواد الكيماوية والعضوية للزراعة، وإنشاء مجمّعات سياحيّة، إضافة إلى عدم وجود شبكات للصرف الصحّي، ما يؤدّي حتماً إلى تلوّث المياه الجوفية التي تغذي نبع الشاغور، المصدر الوحيد لمياه الشفة في بلدتنا"، وأسف أنّ "وزارة الطاقة وافقت على إقامة هذا السد على منطقة حرم نبع الشاغور المصنفة من قبلها والتي أخذ بها التنظيم المدني ولحظ هذا الموقع ومحيطه وصنفها H1 احترامًا لقرار وزارة الطاقة التي لم تحترم قرارها".وعرض باسهاب لمخالفات بيئية وقانونية، لافتًا إلى أنّ "تلزيم المشروع تم دون الأخذ في الاعتبار دراسة الأثر البيئي، وهذا مثبت لدينا بتواريخ، ولم يؤخذ بهواجسنا كبلدية لجهة ما أكدته أكثر من دراسة موثقة تشير إلى تلوث مياهنا ونقصانها أو تعرض المنطقة لتصدع زلزالي فضلاً عن التغيير البيئي للمنطقة، إضافة إلى أنّ ثقل السد قد يؤثر على الطبقات الجوفية لنبع الشاغور".ولفت إلى أنّ البلدية وأهالي حمانا تمكنوا من وقف العمل في حرم نبع الشاغور، وأكّد أنّ "قضيتنا أصبحت بيد القضاء وسلكت الطرق القانونية، وأملنا أن يصوب القضاء المغالطات الكثيرة وتكون له الكلمة الفصل لصالح بيئة لبنان ومعالمه الجمالية".وأكّد الأحمدية "أننا كنا نتخذ بلدة حمانا دائما كنموذج يختذى بيئيًا وثقافيًا وعمرانيًا"، وحيا "رئيس بلديتها الوزير الراحل الدكتور نجيب أبو حيدر الذي حافظ على الأبنية التراثية وجعل من حمانا بلدة نابضة بروح القرية اللبنانية". موضحًا "بغض النظر عن موقفنا المتشدد حيال إنشاء السدود نحن في حمانا اليوم لتقديم مقاربة علمية وبيئية لسد القيسماني الذي وإن كان يمثل حلاً لمشكلة المياه، إلا أنه يجب ألا ننسى وجود قانون الـ444 القاضي بتقييم الأثر البيئي الذي أقر في عهد وزير البيئة السابق ناظم الخوري، بعد نضال استمر لأكثر سنوات من المجتمع الأهلي وأصبح هذا القرار ملزمًا لبناء أي منشأة بعد دراسة الأثر البيئي، فكيف إذا كانت هذه المنشأة هي عبارة عن سد سيقام فوق حرم مياه نبع الشاغور الذي لا يمثل أهمية كمرفق طبيعي وحيوي فحسب، وإنما هو جزء من ذاكرة الوطن وجمالاته؟".واعتبر أنه "إذا كان هناك شك واحد بالألف بأن السد سيلوث مياه الشاغور، ويتسبب بنقصان مياهه فسنتصدى كمجتمع أهلي وبلدية حمانا يدًا واحدة ولن نسمح بتشويه وتلويث وتغيير هذا المعلم الطبيعي الذي يمثل جزءا من ذاكرة الوطن"وأكّد "نحن نستند في تحركنا الرافض للمشروع والداعم لبلدية حمانا إلى دراسات علمية موثقة، فضلاً عن أنّ هناك اعترافًا صريحًا وواضحًا بهذا الأمر من الجهة المعنيّة أي وزارة الطاقة والمياه، لكن اعتدنا في لبنان أنّ تنقض مؤسسات الدولة قراراتها".وعرض للمخاطر التي ستنجم عن بناء السد، ودعا إلى "مراجعة الدراسات المنجزة ولاسيما منها الدراسة التقييمية الصادرة عن الجامعة الأميركية في بيروت"، وخلص إلى أنه "في المطلق لسنا ضد إقامة منشأة للحفاظ على المياه ومع حلول لا تسيء إلى الطبيعة والبيئة خصوصًا وأن لبنان يعتبر من أغنى دول العالم في المياه والأجدى أنّ نحسن إدارة هذه الثروة بدلاً من تخريبها وتدميرها".