الرقابة العسكرية الإسرائيلية

تطالب الرقابة العسكرية الإسرائيلية المؤسسات العامة بإشراكها في مجموعات تطبيق 'واتس أب' التي تزود الصحفيين بالمعلومات للمصادقة عليها قبل نشرها، وهذا ما تعارضه أوساط مدنية وصحفية، وترى فيه تقييدا لحرية النشر والتعبير.

وتوجهت الرقابة العسكرية أمس لسلطات الإنقاذ والشرطة وبقية المنظمات العامة التي تتواصل مع الصحفيين لتمكينها من الانضمام لمجموعات تطبيق 'واتس أب' الخاصة بها بغية منع تسرب 'معلومات مضرة بأمن الدولة'.

وفي رسالة لمنظمات ومؤسسات مختلفة كـ'الإسعاف الأولي' والشرطة، تطالب الرقابة العسكرية بانتداب أحد موظفيها رقيبا على تمرير المعلومات للصحفيين.

كما تطالب الرقابة العسكرية في إسرائيل أصحاب المدونات الخاصة بتحويل مضامينها قبل نشرها.

ويرفض مدير قسم العلاقات العامة في مؤسسة خدمات الإسعاف الأولي موطي الماليح مطلب الرقابة العسكرية، معتبرا تطبيق 'واتس أب' قناة للتواصل بين الصحفيين وبين مصادر معلوماتهم.

وردا على سؤال للجزيرة نت، يقول الماليح إن مؤسسته تزود الصحافة بالمعلومات وهي المسؤولة عن غربلتها واستخدامها وفق معايير مهنية.

ويحذر من أن مشاركة مندوب للرقابة العسكرية في مجموعات تطبيق 'واتس أب' من شأنها تضييق الخناق على حرية الصحافة وأن تدفع الصحفيين لرقابة ذاتية أيضا.

ويستخف صاحب مدونة 'أصدقاء جورج' يوسي جوروبيتش بطلب الرقابة العسكرية لتحويل مضامينه لها، ويقول إنه حتى لو كشف أحدهم بالخطأ سرا عسكريا بنص بالعبري فإن احتمال اكتشافه من قبل جهة معادية يناهز الصفر.

بالمقابل، يدافع الناطق السابق باسم جيش الاحتلال آفي بنياهو عن موقف الرقابة العسكرية، ويقول إنه لم يصدر في الماضي بلاغ قبل إطلاعها عليه.

ويحاول بنياهو تبرير تأييده لطلب الرقابة العسكرية بقوله لإذاعة الجيش الإسرائيلي اليوم 'تخيل ثلاثة فتية مخطوفين وتقوم واحدة من تطبيقات 'واتس أب' بالكشف عن مكانهم المحدد'.

ويشير إلى أن الرقابة العسكرية واجهت في الماضي سؤالا عن كيفية التعامل مع إذاعات محلية ومواقع إنترنت، زاعما أنها تقوم الآن بمحاولة صادقة ومهنية لملاءمة ذاتها للواقع الإلكتروني المتغير.

معطيات حساسة
وينفي بنياهو وجود نوايا لدى الرقابة العسكرية بملاحقة المصادر المعلوماتية للصحفيين، ويدعي أن كل ما تريده هو الحؤول دون تسرب معطيات أمنية حساسة.

من جهتها، تحاول الرقابة العسكرية في إسرائيل تبرير مخططها بالقول إنها تأخذ بالحسبان دائما الحاجة للدفاع عن أمن الدولة مقابل قيمة حرية التعبير.

وفي بيانها تشير الرقابة العسكرية اليوم إلى أن صلاحياتها المحددة بالقانون والخاضعة لنقض المحكمة العليا تنطبق على كل أنواع النشر المتعلق بأمن الدولة بصرف النظر عما إذا كان في وسائل الإعلام التقليدية أو بطرق أخرى.

وتنوه إلى أنها لا تلغي كل المعلومات الأمنية، بل تحول دون نشر ما من شأنه أن يمس بأمن الدولة.

كما تدعي أنها تتوجه بين الفترة والأخرى إلى جهات معنية وتذكّرها بواجب تحويل مواد بمجال الأمن لها قبل نشرها.

كما تشير الرقابة العسكرية ضمن تبرير خطواتها الجديدة إلى ازدياد صفحات عامة في فيسبوك طابعها إخباري يسري عليها الواجب القانوني بمراقبة مضامينها.

تكميم الأفواه
لكن الصحفي الإسرائيلي غدعون ليفي يرى في تصريح للجزيرة نت أن ذلك محاولة لتكميم الأفواه وإسكات الأصوات النقدية المناهضة للاحتلال ولتوجهات المؤسسة الحاكمة.

ويحذر ليفي من أن الرقابة العسكرية تتجه لإلزام المؤسسات المتعاونة مع الصحفيين بتحويل بلاغاتها ومعلوماتها لها أولا.

ويضيف 'بدلا من منح الصحافة المزيد من الحرية تتجه الرقابة العسكرية لتضييق الخناق على عمل الصحفيين ودفعهم لرقابة ذاتية وهي أخطر أنواع الرقابة وهذا ينسجم مع الأجواء الفاشية السائدة اليوم في إسرائيل'.

وردا على سؤال للجزيرة نت، تقول الصحفية والمدونة السياسية طال شنايدر إنها غير قلقة من الإجراء المذكور، وتعتقد أن الرقابة العسكرية لا تستطيع السيطرة على النقاش وسريان المعلومات.

وتضيف 'لن تجرؤ الرقابة العسكرية على منع سريان المعلومات لأنها بذلك ستقتل روح الديمقراطية'.