أجمع المشاركون في الندوة الصحافية التي نظمتها "الشبكة المغربية للنهوض بالإعلام السمعي البصري العمومي"، الأربعاء في الدار البيضاء على أن "دفاتر التحملات" وحدها غير كافية لإصلاح القطاع، وإنما يحتاج الأمر ـ بنظرهم ـ إلى مبادرة حكومية شجاعة للتطبيق الفعلي والسليم لمبادئ الحكامة الجيدة في مؤسسات الإعلام السمعي البصري. وجاء تنظيم هذه الندوة في إطار التحضير للوقفة الاحتجاجية التي ستقيمها "الشبكة" يوم الأربعاء المقبل 29 ماي في الساعة الحادية عشرة صباحا أمام مقر الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة بالرباط. وأبرز المشاركون أنه لا يمكن تنفيذ الإصلاح الذي ينتظره المغاربة مع من كرسوا ممارسات الفساد وسوء التدبير والإخلال بالذوق العام طيلة تواجدهم على رأس المؤسسات الإعلامية السمعية البصرية العمومية. ومن ثم، طالبوا وزير الاتصال بـ"التحلي بالشجاعة السياسية" وبممارسة صلاحياته الدستورية للتعجيل بإدخال تغييرات جذرية على مستوى إدارة تلك المؤسسات. وأسهبت مجموعة من الوجوه الفنية والجمعوية والفعاليات المهنية التي حضرت اللقاء في الحديث عن معاناتها مع رئاسة القطب العمومي التي أنتجت سلوكات مختلة تتمثل في الزبونية وتغييب معيار تكافؤ الفرص وتشجيع الرداءة والابتذال وإقفال الباب في وجه المبادرات الإيجابية. وفي هذا الصدد، تطرق محمد العوني (رئيس منظمة حريات الإعلام والتعبير) إلى متطلبات إصلاح الإعلام السمعي البصري بالمغرب، محددا إياها في مجموعة من الضوابط التي تتعلق بالتعددية والاستقلالية والحرية المهنية والجودة. وندد بالكيفية التي يتعامل بها الإعلام السمعي البصري في المغرب مع هذه المفاهيم، متوقفا عن حالة التسلط والتلاعب بالرأي العام التي تمارس من قبل إدارة القطب العمومي. كما أكد أن آخر شيء يمكن التحدث عنه في مؤسسات هذا القطب هو الحرية المهنية للإعلاميين الذين يخضعون لكل أساليب الضغط والإكراه ويُدفعون بشتى الوسائل للامتثال للتعليمات. وشدد على أن المسؤول الأول عن رداءة المنتوج السمعي البصري الوطني هو الرئيس المدير العام الذي لم يحرك ساكنا لحد الآن لإحداث أي تغيير في المشهد الإعلامي العمومي، مستدلا على ذلك بالوضعية الكارثية التي تعيشها الإذاعة الوطنية في غياب مدير يسير شؤونها. من جهته، قال هشام لعبودي (رئيس المركز المغربي للثقافة والفنون العريقة) إن قرار هذه الهيئة الجمعوية الثقافية الانضمام إلى الشبكة المذكورة والمشاركة في الوقفة الاحتجاجية المرتقبة يرجع إلى تجاهل المسؤولين عن القطاع مجموعة من المراسلات والنداءات التي سبق للمركز أن وجهها إليهم، من بينها تلك التي تمحورت حول موضوع بعض الأعمال الدرامية التلفزيونية التي جعلت متونا تراثية مدخلا من مداخل الترويج للخرافة والبذاءة والإساءة إلى صورة المرأة والأسرة المغربية، وحولتها إلى مستنقع لاستنبات مختلف أشكال التخلف والدونية؛ وهي أعمال افتقرت ـ برأيه ـ إلى رؤية بيداغوجية ناجعة توفق بين تسجيل نسب متابعة عالية والالتزام بالأبعاد التربوية والتوجيهية المرجوة. وأضاف لعبودي أن المركز ندد في نداءات سابقة بالصورة النمطية التي يقدم بها مفهوم الحداثة في التلفزيون العمومي المغربي، والتي تحاول استنساخ قوالب ثقافية وأنماطا اجتماعية وسلوكية مستوردة وجاهزة متجاهلة المفهوم التنويري والنهضوي للحداثة الذي يستلهم روحه من التفاعل الهادف والواعي مع تجارب الشعوب الأخرى، من غير أن يسقط في لحظة الاستلاب التي تقوض الفكر والخلق والإبداع في مجتمعنا. بدوره أوضح الطاهر الطويل (نائب رئيس الجمعية المغربية لحقوق المشاهد) أن العمل المشترك في إطار الشبكة يأتي في سياق تفعيل الأهداف التي تأسست من أجلها الجمعية كإطار مدني يروم الإسهام في الدفاع عن حقوق المشاهد المرتبطة بحرية الاختيار والمساواة في تلقي الإعلام البصري وبحرية التعبير والمشاركة. وأشار إلى أنه سبق للجمعية المغربية لحقوق المشاهد أن نبهت في مختلف لقاءاتها وبلاغاتها إلى ما يعتري مضمون البرامج التلفزيونية العمومية من تغييب للتنوع الثقافي والحضاري للمجتمع المغربي، بالإضافة إلى الإخلال بقيم الحداثة والديمقراطية والمواطنة الحقة. كما عاب الطويل على الشبكة البرامجية التلفزيونية الحالية محاولتها الإساءة إلى المستهلك الإعلامي المغربي واستبلاده من خلال التمادي في إعادة تقديم مواد "منتهية الصلاحية" وبعيدة عن انشغالات المواطن المغربي ومقوماته الهوياتية متعددة الأبعاد. وميّز في كلمته بين نسب المشاهدة وبين درجة الرضى على المنتوجات التلفزيونية، متوقفا عند حرص بعض المستشهرين المغاربة على بث وصلاتهم الإعلانية في قنوات أجنبية. كما أسهب عبد المالك حنين (رئيس جمعية مهنيي ومبدعي الإعلام السمعي البصري) في الحديث عن الاختلالات التي قال إنها شابت تطبيق دفاتر التحملات في الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة ولاسيما الشق المتعلق بطلبات العروض، وتوقف عند حالة التنافي لدى بعض أعضاء لجنة انتقاء الأعمال، مستدلا على ذلك بحالة عضو يعمل في قطاع الإنتاج الخاص استقدمه الرئيس المدير العام قبل تشكيل اللجنة ببضعة شهور، وعينه على رأس إحدى المديريات، من أجل أن يكون ممثلا للشركة في لجنة الانتقاء. كما أكد مصطفى الأبيض (إعلامي وصاحب شركة إنتاج) على ضرورة رحيل الرئيس المدير العام للإذاعة والتلفزة لسوء تدبيره للقطاع ومسؤوليته الكاملة عن الفساد المستشري في الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة. يذكر أن مجموعة من الهيئات النقابية والمهنية والجمعوية التي حضرت الندوة عبرت عن استعدادها للانضمام إلى "الشبكة المغربية للنهوض بالإعلام السمعي البصري العمومي"، ومن بينها الفيدرالية الوطنية للإعلام السمعي البصري والنقابة المغربية للممثلين المحترفين المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، لتنضاف إلى كل من: الجمعية المغربية لحقوق المشاهد، منظمة حريات الإعلام والتعبير، المركز المغربي للثقافة والفنون العريقة، جمعية مبدعي ومهنيي السمعي البصري بالمغرب، اتحاد شركات الإنتاج السمعي البصري، جمعية إبداع بلادي، المركز المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، نقابة الفنان المحترف، جمعية التربية والثقافة عبر السمعي البصري، جمعية المدينة للثقافة والفنون، .