عمان ـ وكالات
اعتبر إعلاميون أردنيون الأربعاء قرار الحكومة الاخير بحجب نحو 300 موقع اخباري الكتروني غير مرخص تقييدا لحرية الاعلام بهدف "تكميم الافواه" في البلاد التي تحوي نحو 400 موقع اخباري الكتروني وقرابة 3,5 ملايين مستخدم للانترنت، هم نصف سكان المملكة. واصدرت الحكومة قبل نحو 10 ايام قرارا يقضي بحجب نحو 290 موقع الكتروني اخباري من اصل نحو 400 موقع"بسبب عدم حصولها على ترخيص". وياتي القرار الذي اقره البرلمان الصيف الماضي وأثار جدلا حول حرية الاعلام في البلاد، تطبيقا لتعديلات قانون المطبوعات والنشر التي اقترحتها الحكومة بهدف "تنظيم عمل تلك المواقع". ويقول نضال منصور، مدير مركز حماية وحرية الصحافيين، ان "الهدف الاساسي من انفاذ هذا القانون هو تكميم الافواه وتقييد حرية الاعلام الالكتروني"، مضيفا ان "الحكومة تحاول جلب الصحف الالكترونية المستقلة الى بيت الطاعة". واعتبر ان "ادعاء الحكومة بأن المراد من انفاذ هذا القانون هو تنظيم عمل المواقع الالكترونية، حق يراد به باطل لان الترخيص لا يصنع تنظيما فمنذ عام 1993 هناك سبعة قوانين مطبوعات ونشر لم تسهم في تنظيم المهنة ولا في تطوير المحتوى الاعلامي". ورأى منصور ان "اصدار هذا القانون وانفاذه يعصف بحرية الاعلام ويضع عليها قيودا تتناقض مع الدستور والمعاهدات والمواثيق التي وقع عليها الاردن". من جانبه، وصف خالد المجالي، رئيس تحرير موقع "كل الاردن" الاخباري القرار بانه "عرفي بامتياز يعيد الاردن الى زمن الاحكام العرفية، وهو جاء من حكومة عرفية غير منتخبة لا علاقة لها بالديمقراطية ولا تطبق مبدا الشعب مصدر السلطات الوارد بالدستور". ورأى ان "القانون جاء لاغلاق مواقع مستهدفة وتعتبر في نظرهم تتجاوز الخطوط الحمراء ولم ترضخ لعمليات الابتزاز والسيطرة" مؤكدا ان "المقصود منه تكميم افواه ليس فقط المواقع الاخبارية غير المرخصة بل حتى المواقع المرخصة التي تخشى الآن على نفسها من الاغلاق في أي لحظة". واشار المجالي الى ان "الاشتراطات الواردة في القانون تعجيزية تسعى لتحويل المواقع الالكترونية الى صحف يومية حكومية مسيطر عليها، ومن الطبيعي اذا اتيت برئيس تحرير منتسب لاربع سنوات لنقابة الصحافيين من صحيفة يومية ان يكون معتادا على الرقابة وحتى الرقابة الذاتية". وقال ان "القرار لم يؤثر فعليا على عمل المواقع وذلك لجهل الحكومة فهي لم تدرك ان الفضاء الالكتروني لا يمكن السيطرة عليه وان هناك عشرات الوسائل للاطلاع على تلك المواقع". اما طاهر العدوان، وزير الدولة السابق لشؤون الاعلام والاتصال فيرى من جهته، ان "حجب المواقع قرار فاشل لأنه لن ينجح في النهاية ومعظم المواقع التي يتم حجبها بموجب القانون متاحة ويقرأها الناس بطرق مختلفة". ورأى ان"محاولة تقييد الاعلام الالكتروني وتكميم الافواه ستفشل لان عالم الانترنت عالم واسع والناس تعبر عن رأيها بحرية". واعتبر العدوان ان "القرار يعبر عن ضيق من الحريات الاعلامية ومحاولة حكومية للسيطرة او لوضع الاعلام في قبضتها باسم القانون او التنظيم". واعتصم عشرات الاعلاميين الاربعاء في عمان احتجاجا على قرار الحكومة الذي اعتبروا انه "يغتال حرية الاعلام" في البلاد. وتوقع مدير دائرة المطبوعات والنشر فايز الشوابكة في تصريحات صحافية نشرت الاربعاء ان "يصل عدد المواقع المرخصة الخميس الى قرابة 150 موقعا إلكترونيا". واشار الى ان "هناك مواقع إلكترونية راجعت وزارة الصناعة والتجارة وغيرت غاياتها من إعلامية إلكترونية إلى اجتماعية ثقافية، وبذلك اصبحت غير مشمولة بأحكام قانون المطبوعات والنشر". من جانبه، قال طارق المومني، نقيب الصحافيين الاردنيين، "لا شك ان الهدف الابعد لقرار الحجب ان الحكومة ضاقت ذرعا بموضوع الاعلام الالكتروني وسبب لها صداعا وبالتالي هي تسعى لوضع حد لتمدد هذا الاعلام و لحريته". واضاف "لسنا ضد تنظيم عمل المواقع الالكترونية لكن كنا نتمنى ان يكون قانون يتوافق عليه كل الاطراف بحيث يكون منسجما مع المعايير الدولية ويعزز حرية الاعلام الالكتروني ولا يضع أي قيود عليه". وقال المومني "لا يمكن حجب الفضاء او الاعلام الالكتروني، ستفشل الحكومة في حجب المواقع وبالفعل يمكن لاي مواطن ان يدخل لأي موقع حتى وان تم حجبه بوسيلة او بأخرى". وانتقدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الاميركية المدافعة عن حقوق الانسان قبل اسبوع القرار معتبرة انه يشكل "انتهاكا لحرية التعبير". ويلزم القانون الذي اقر في ايلول/ سبتمبر الماضي المواقع الالكترونية الاخبارية بالتسجيل في دائرة المطبوعات والنشر والحصول على ترخيص ويخضعها للقانون اسوة بالصحف والمطبوعات الورقية. ويشترط هذا القانون ان يرأس تحرير كل موقع اخباري عضو في نقابة الصحافيين.