أربعة أشقّاء اثنان منهم جامعيان وآخر في صفّه العاشر الأساسيّ... جمعهم السجن بعيداً عن مقاعد دراستهم التي طالما كلّلها غبار الغياب بسبب الاحتلال واستهدافه الذي لم ينقطع للعائلة. عائلة المواطن جبر الطيطي من مخيّم العروب شمال محافظة الخليل لا يغيب الاحتلال وجنوده وأفراد مخابراته عن مداهمة المنزل واعتقال الأبناء والتنكيل بهم، غير آبهة بشغفهم لاستكمال حياتهم الدراسية والأكاديمية، وخروجهم إلى عالم ما بعد التخرّج الذي يحول منه صلف الاحتلال. ففي العام (2004) التحق الطالب عبد القادر الطيطي بجامعة القدس المفتوحة في مدينة الخليل على أمل أن يعانق شهادته الجامعية بعد أربعة أعوام، إلا أنّ (7 شهور) من الاعتقال دفعته إلى التحويل إلى كلية العلوم التربوية في رام الله. لكّن معاودة الاحتلال لاعتقال عبد القادر لـ(3 سنوات) أخرى، حال دون إعادة قبوله بالكليّة بعد تحرّره، ليلتحق بعدها بتخصّص المحاسبة في كلّية العروبن لكن هيهات أن يأتي موعد التخرج. وبعد تخطّي عبد القادر عاما واحدا في الدراسة، كان على موعد آخر من الاعتقال، ليزجّ هذه المرّة في الاعتقال الإداري، ويمرّ عليه حتّى هذه اللحظة ما يقرب من (22 شهرا)... ولكن هيهات التحرّر الآن. ويقول شقيقه علاء لوكالة "صفا" :"قصّة أخي عبد القادر في التعليم مريرة وأليمة، ففي الوقت الذي يحلم فيه بدراسة فصل أو فصلين دراسيين، تبدّد الاعتقال الإسرائيلية ما حصّله من ساعات دراسية، ليحاول بعد تحرّره استئناف الدراسة، ولكن دون جدوى، ليحين موعد الاعتقال الجديد". أمّا شقيقه الآخر "شامخ"، فيلفت "علاء" إلى أنّه اعتقل قبل موعد تخرّجه من كلّية العرّوب بشهور، لكّنه سرعان من أعيد اعتقاله بعد شهور قليلة أعقبت تخرّجه، فيما اعتقل شقيقه هشام على أعتاب تقديمه لامتحانات الثانوية العامّة، لكنه استأنف دراسته بعد تحرّره والتحق بالكلية التربوية في رام الله، ليحول اعتقاله دون تخرّجه. أمّا شقيق علاء الأصغر عبد الكريم، فهو الآخر محروم من متابعة تعليمه المدرسي، ويلفت "علاء" إلى أنّ اعتقالات الاحتلال لا تراعي صغر سنّ هذا الأسير، أو محاولته مواصلة دراسته، فيما يعتقد أنّ التهم الموجّة لكامل أشقّائه لا ترقى للإدانة الحقيقية، لكّنه يعتقد أنّ الاحتلال يستهدف التعليم الفلسطيني بكلّ مستوياته وأصنافه، لخلق جيل فاسد وجاهل، الأمر الذي يخسر الاحتلال فيه كلّ مرّة. أمّا الطالب الجامعي والصحفي عامر أبو عرفة فحاله لا تختلف كثيرا عن حال الأشقاء الطيطي، ويقول لوكالة "صفا" :" فور انتهائي من الثانوية العامة اعتقلتني قوّات الاحتلال وقضيت في السجن أربعة أعوام كانت كفيلة بتخرجّي من الجامعة". ويضيف " تحرّرت بالعام 2007، والتحقت بجامعة الخليل، لكنّني كنت على موعد مع الاعتقال لدى الأجهزة الأمنية بمدينة الخليل لثلاث مرّات متتالية، قضيت خلالها بضعة شهور"، موضحا أنّ الاعتقالات جاءت إمّا قبل نهاية الفصل أو مع بداية الفصل، وكان الفصل الدراسي يضيع في كلّ مرّة. ويتابع " لم تكد تمر اعتقالات السلطة حتى عاد الاحتلال لاعتقالي، وهذه المرة اعتقال إداري دون أي تهمة ولمدة عامين كامليين, حالت دون اتمامي لدراستي الجامعة وحتى منعنا من التواصل مع جامعتنا في تكريس جديد لسياسة القمع والتجهيل التي تمارسها إدارة السجون". ويشير أبو عرفة إلى أنّه لم يتمكن سوى من تخطّي ساعات دراسية معدودة في الجامعة، وتصبو آماله بأن تُرفع عنه أيدي الاعتقال والملاحقة من جانب الاحتلال وأجهزة السلطة الأمنية، ليتمكّن من اتمام ما يقرب من سنتين دراسيتين.