أوضح تربويون اسباب تراجع مستوى طلبة الصفوف الثلاثة الاولى خاصة في مادتي القراءة والحساب , والتي من بينها البيئة التعليمية وتلك السياسات العامة التي تتعلق بطرائق التعليم . وقالوا لوكالة الانباء الاردنية (بترا) ان المعلم هو الاساس في العملية التربوية بحيث يشكل القدوة للطلبة، مطالبين بضرورة الاهتمام به كونه الركيزة الاساسية في العملية التعليمية , من خلال تهيئة الظروف المناسبة التي تمكنه من العطاء من ناحية توفير المواد والمستلزمات التعليمية التي تساعده في التدريس والالتفات ايضا الى تهيئته عمليا قبل الاعتماد عليه في هذه المرحلة الحساسة، والاهتمام بتحسين وضعه المادي . وطالبوا برفع معدل القبول في تخصصي معلم صف ومعلم مجال موضحين ان الاقل معدلا في الثانوية العامة هم من يتجهون الى مهنة التعليم وان التعليم لديهم ليس رغبة اصيلة. واشار اولياء امور الى ان المنهاج الحالي لهذه الصفوف لا يحاكي الواقع الذي نعيشه, مشيرين الى ثقل الحقيبة المدرسية على الطلبة نتيجة اكتظاظ البرنامج الدراسي اليومي، مبينين ان بعض المعلمات يطلبن للمادة الواحدة اكثر من ثلاثة دفاتر يتوجب ان يحضرها الطالب يوميا وهو ما يزيد من وزن الحقيبة المثقلة اصلا بالكتب. مديرة ادارة المناهج في وزارة التربية والتعليم وفاء العبداللات اقرت بوجود مشكلة في عناصر النظام التعليمي والمنهاج والمعلم اضافة الى المجتمع واولياء الامور وقالت ان المشكلة في المناهج تتعلق بطريقة البناء اذ انها أعلى من مستوى الطلبة خاصة ما تعلق منها بالقراءة ، مشيرة الى اهمية التركيز على مهارات القراءة والنسخ واجراء العمليات الحسابية البسيطة في الصفوف الثلاثة الاولى. ونوهت الى دراسة كانت اجرتها الوزارة في العام 2012 وشملت ثلاثة الاف طالب وطالبة في الصفوف الثلاثة الاولى من 156 مدرسة في المملكة , وانه تم اختيار المشاركين وفقا لمبدأ العينة العشوائية لضمان عدم التحيز، اذ هدفت الدراسة الى معرفة نقاط الضعف في نظامنا التعليمي وتحديدا في القراءة والحساب حيث اظهرت ضعفا واضحا لدى طلبة الصفين الثاني والثالث الاساسيين في القراءة والحساب خاصة . وقالت انه تبين من خلال الدراسة وجود بعض معلمي هذه الفئة ممن لا يعرفون ما هي مهارات القراءة وكيفية تعليمها للاطفال ، لافتة الى انه تم تشكيل لجنة لمعرفة اسباب ضعف الطلبة في المراحل الاولى , توصلت الى ضرورة التركيز على المعلم بشكل اساسي، نظرا لضعف المعرفة بالمبادىء الاساسية في اللغة العربية والرياضيات لدى عدد من معلمي هذه الصفوف الثلاثة وهو ما ينعكس سلبا على الطلبة. واشارت الى انه تمت التوصية بضرورة الاسراع بمخاطبة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ليتم تغيير الخطط الدراسية في الجامعات بحيث يتم زيادة عدد الساعات الدراسية لتمكن معلم الصف من تدريس مادتي اللغة العربية والرياضيات ، موضحة ان من يتجهون الى دراسة تخصص معلم صف هم من اصحاب المعدلات المتدنية وبالتالي تمت التوصية برفع معدل القبول في هذا التخصص. وبينت انه يجري العمل حاليا على وضع نظام للحوافز خاص بالمعلمين يأخذ بالاعتبار اي نشاط او جهد اضافي يقوم به المعلم ينعكس على الطلبة يكون مقابله حافز مادي يحصل عليه . العبداللات اشارت الى شكوى معلمي الصفوف الاولى من كثرة نصاب عدد الحصص الاسبوعية لكل مادة حيث يدرس المعلم في هذه الصفوف كل المواد باستثناء اللغة الانكليزية. وبينت انه تم تقديم ورقة عمل حول الخطة الدراسية للصفوف الثلاثة الاولى الى مجلس التربية والتعليم توصي بالارتقاء بالعملية التعليمية في هذه الصفوف وتم الاخذ بها ليصار الى تطبيقها بداية العام الدراسي المقبل . منسق الدراسة السابقة رئيس قسم اللغة العربية في الوزارة الدكتور اسامة جرادات قال انه تم اختيار عشرين طالبا من كل مدرسة بطريقة عشوائية مقسمين على الصفين الثاني والثالث الاساسيين ، لتقديم اختبار القراءة والحساب ، مبينا ان الدراسة خلصت الى وجود ضعف في القراءة في الصفوف الثلاثة الاولى ووجود فروقات فردية بين الطلبة والى حاجة المعلم لتطوير ادائه من خلال عقد ورش ودورات تدريبية متخصصة في كيفية ادارة الصف والتعامل مع هذه الفئة العمرية . وشدد جرادات على دور الاهل في التشجيع على القراءة لما له من دور فاعل في تنمية ملكة القراءة والاستيعاب لدى الطفل , اذ تم تقديم ورقة عمل لمجلس التعليم توصي بان يحتوي كل صف على مكتبة تضم مجموعة كتب وقصص من الصف الاول والثاني والثالث بحيث تكون ضمن المنهاج ، وعلى كل طالب من هذه الصفوف انهاء مجموعة من القصص خلال الفصل لتشجيعهم على القراءة واغنائهم بالمفردات وتشجيع مهارات التخيل وتنمية مداركهم العقلية . وقال انه لا يمكن فصل القراءة عن الكتابة املائيا وجماليا مشيرا الى وجود كراس منفصل للخط سيتم التركيز عليه بصورة رئيسة من الصف الاول وحتى الثالث , وبعد ذلك يقوم المعلم بتوجيه الطلبة للكتابة في كراس منفصل . وطالب عميد كلية العلوم التربوية في الجامعة الاردنية الدكتور بسام العمري باجراءات لتحسين نوعية التعليم ، مشيرا الى ان كليات التربية في معظم الجامعات الاردنية لا تقوم بواجبها الحقيقي في إعداد المعلمين. ودعا الى ايجاد جهة تقوم بتدريب المعلمين على مستوى الوطن العربي بحيث تربط بين الجانبين النظري الاكاديمي والعملي التطبيقي لنصل الى معلم يؤدي دوره التربوي، مشيرا الى ان التوسع الذي حصل في التعليم ايجابي لكن قسما منه جاء على حساب النوعية . وقارن الدكتور العمري بين التعليم الخاص والحكومي وقال ان المعلم في القطاع الخاص يقوم بالتعليم من خلال اللعب والنشاطات الاخرى اضافة الى ان عدد الطلبة في الصف قليل مقارنة مع الصفوف الحكومية التي قد يصل فيها عدد الصف الى ما بين 50 و 60 طالبا . واضاف ان توفير بيئة تعليمية مناسبة مع التركيز على اهمية رضا المعلم عن الراتب والبيئة التي يتعامل معها والتسهيلات التعليمية مهمة لتحقيق مخرجات جيدة، وانه لا بد من ان تكون هناك معايير وشروط لاختيار المعلمين وتوفير المستلزمات الضرورية لاكمال عمله في غرفة الصف . وحول خريجي كليات العلوم التربوية في الجامعات الاردنية قال : للاسف ان من يتم قبوله في كليات العلوم التربوية هم الاقل معدلا في الثانوية العامة ، موضحا اننا بحاجة الى تأهيل وتحسين بيئة عمل المعلمين . ونادى برفع رواتب المعلمين بشكل مجز لان مهنة التعليم من اصعب واجّل المهن, مشيرا الى ان معظم المعلمين في وزارة التربية يلجأون الى عمل اضافي لتحسين وضعهم المعيشي , فمنهم من يعمل سائق اجرة او بائعا، متسائلا كيف يمكن ان يقوم هذا الشخص بواجبه التربوي في ظل الازمة المادية التي يعيشها ؟ . وقال ان الهم الاكبر لتحسين مخرجات التعليم تحمله وزارة التربية والتعليم التي تعتبر الحاضن الحقيقي للطالب لكي يحصل على العلم والقيم العليا معا وبشكل صحيح . رئيس لجنة التربية والتعليم في مجلس النواب النائب الدكتور محمد القطاطشة اعتبر نتائج الدراسة بمثابة اعلان عن تفشي الامية في المملكة قائلا ان اللجنة تقصت نتائج الدراسة . ودعا الى عقد ورش عمل لاعادة تأهيل الفئات المتضررة من الطلبة في المملكة بشكل عام وفي الجنوب على وجه الخصوص والتركيز على تعليمهم مهارات القراءة والكتابة والحساب , والى مضاعفة رواتب المعلمين واعادة تأهيلهم مشيرا الى انه عندما يدخل المعلم الى الغرفة الصفية وهو منهك بالاعباء الحياتية لن يقوم باداء واجبه على اكمل وجه . الناطق الاعلامي في نقابة المعلمين ايمن العكور قال ان اصلاح التعليم في الصفوف الثلاثة الاولى هو اساس اصلاح التعليم بشكل عام ، مشيرا الى ان الخلل في هذه الصفوف ناتج عن تراكم جملة من الاسباب تشمل طبيعة المنهاج والبيئة الصفية والمدرسية ونظام تأهيل المعلمين والادارة المدرسية ، ناهيك عن نظام الإكمال والنجاح التلقائي في المراحل اللاحقة لضعاف الطلبة . وأعاد العكور التأكيد على اهمية دور المعلم كأساس في عملية التربية والتعليم ، مبينا ان ما يحتويه المنهاج في الصفوف الثلاثة الاولى يعتبر الاخطر في حياة الطفل اذ يصعب امتلاك المهارات الاساسية للقراءة والكتابة لاحقا . وبين ان الوزارة لم تشرك النقابة ولا التربويين من خارجها ولا استعانت باساتذة الجامعات في تطوير المناهج الدراسية لافتا الى انه لا نستطيع الحكم على المناهج الجديدة التي اعلنت الوزارة عن اعدادها للعام الدراسي المقبل قبل التجربة . واشار الى ان النقابة طالبت بعقد مؤتمرات وورش عمل لمعالجة الخلل في التعليم في مختلف مراحله لكن الوزارة لا زالت مستمرة في سياستها بانها صاحبة القرار الاول والاخير، ولا تزال تنأى عن الاستفادة من الخبرات التربوية الموجودة في الميدان.