أظهرت أحدث دراسة قطرية أعدتها الباحثة الاجتماعية د. ظبية سعيد فرج السليطى انخفاض نسبة الأمية في قطر، وذلك بفضل الجهود الحثيثة التي تقوم بها الدولة والمجلس الأعلى للتعليم في مجال محو الأمية وتعليم الكبار، بما يتفق مع متطلبات استراتيجية المجلس الأعلى للتعليم 2030 وتعزيز الجودة والكفاءة والمساواة في التعليم. وأوضحت الدارسة في بحثها أن النظام التعليمي في دولة قطر قد نجح "في توسيع الخريطة التعليمية للبلاد وتحقيق مستويات قيد عالية في التعليم الأساسي، وضمان مستويات بقاء طويلة للتلاميذ داخل النظام التعليمي والتقليل من مستويات التسرب. وكشفت الدارسة ارتفاع مستويات التحصيل العلمي والمعرفي لمختلف مكونات المجتمع لا سيما لدى الشباب من الجنسين، حيث إن غالبية الشباب القطري يحسنون اليوم القراءة والكتابة، حيث يتراوح معدل الإلمام بالقراءة والكتابة خلال الفترة 1990 — 2009 بين 95 % و99.8 للإناث، وبين 98 % و99.4 للذكور. وأكدت الدارسة أن "تطور الخدمات التعليمية بفضل الجهود الحثيثة التي تبذلها الدولة للارتقاء بهذا القطاع الحيوي، الذي يدل عليه تزايد الإنفاق الحكومي على التعليم بوتائر متسارعة وارتقاء معدل معرفة القراءة والكتابة بين السكان وانحسار الأمية، والارتفاع النسبي في معدل الالتحاق بالمراحل التعليمية المختلفة، ولا سيما الإناث.. وأشارت الى أن المستوى الطموح الذي وصلت إليه دولة قطر من انخفاض معدل نسبة الأمية لم يأتِ صدفة، وإنما نتج من جهد ومثابرة وتخطيط، ووعي ترجم عن حرص قيادة الدولة والقيادة التربوية على ضرورة القضاء على الأمية، والتي تدفع جهود تعليم الكبار قدماً لتحقيق أهدافها في إتاحة الفرصة لمواصلة التعليم.. وأوضحت الدارسة أن الحاجة إلى المشاركة المجتمعية في عالمنا اليوم، وتقدير الممارسات الديمقراطية، وحقوق الإنسان بما يكفل تعزيز تكافؤ الفرص بين أفراد المجتمع، وتحقيق العدالة والمساواة بينهم يندرج هذا في مفهوم التعليم للجميع، باعتبار أن التعليم حق من الحقوق الإنسانية للأفراد في المجتمع، وإن مكافحة الأمية لا تهدف إلى تعليم القراءة والكتابة فقط، بل إلى تحرير الإنسان ونموه ومشاركته في المجتمع.. هذا وتؤكد فلسفة وأهداف تعليم الكبار أن يكون تعليم الكبار مصحوباً بالأمية، وبذلك يصبح محو الأمية ركناً أساسياً بالنسبة لتعليم الكبار، ومن الناحية الفلسفية وجود علاقة مباشرة بين قراءة الكلمة وقراءة العالم، حيث إن محو الأمية أداة لإنارة الوعي وليس مجرد التزود بالمعلومات والمهارات، ولذا تقوم فلسفة تعليم الكبار على اعتباره عاملاً حيوياً في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لكافة الشعوب. واشارت الى ان الحركات الأولى لمحو الأمية على مستوى الوطن العربي بدأت عام 1966، ثم قررت الجامعة العربية إنشاء الجهاز العربي لمحو الأمية وتعليم الكبار 1966، وهدف إلى بذل جهود في سبيل محو الأمية بمختلف أنحاء الوطن العربي. وقد نجحت برامج محو الأمية في الحد من تخفيف الظاهرة بالكثير من المناطق الفقيرة بالدول العربية، وبذلك تمكنت من خفض نسبة شبه الأمية بالمنطقة، وتشير الإحصاءات الآن إلى أن هناك سبع دول عربية، قد تتخلص من الأمية بحلول عام 2015 وهي الإمارات وقطر، والبحرين والكويت، والأردن وفلسطين ولبنان، وقد بلغ محو الأمية في الوطن العربي في سنة 2013 حوالي 27 % من إجمالي السكان، وبلغ عدد الأميين نحو سبعين إلى مائة مليون نسمة. جهود قطر لقد استلهمت دولة قطر قيمة العلم من الدين الإسلامي الحنيف، فأولت العملية التعليمية والتربوية والبحث العلمي وتطوير نظام التعليم جل اهتمامها، وتمثل ذلك في إنشاء المجلس الأعلى للتعليم عام 2002 م بصفته السلطة المسؤولة عن رسم السياسة التعليمية لدولة قطر، وخطط تطوير التعليم والإشراف عليه. كما تم إنشاء المدينة التعليمية عام 2003م بهدف دعم النهضة الحضارية، وتحقيق التنمية الشاملة، وذلك بتوفير سبل العلم والمعرفة، وتضم المدينة التعليمية عدداً من الجامعات العالمية والمراكز البحثية. ودولة قطر لا تدخر وسعاً في توفير فرص التعليم للجميع، إيماناً منها بأن العلم ضرورة دينية وحياتية ومسؤولية اجتماعية للفرد تجاه مجتمعه ووطنه، لذلك حرصت الدولة على توفير كل الإمكانات التي تكفل النمو السريع، والوصول إلى مستوى علمي يساير تلك المستويات في البلاد المتقدمة، ولقد أدركت دولة قطر مشكلة الأمية وأبعادها وأخطارها، فبدأت جهودها واضحة في هذا المجال عامي 1954ـ 1955، فشهد عام 1954 إنشاء أول مركز لتعليم الكبار ومحو الأمية، وافتتاح أول صفوف منتظمة لمحو الأمية، وتعليم الكبار أواخر عام 1956، ثم إنشاء قسم التعليم الفرعي الذي عهد إليه الإشراف على التعليم الليلي والتعليم الصباحي. وأثمرت جهود القسم افتتاح 7 مدارس ليلية لمحو الأمية وتعليم الكبار، حتى بداية الستينيات تضم (614) دارساً، تم خلالها تدريس مناهج التعليم النظامي؛ وتطبيق نظمه الإدارية والفنية والتقويمية، وكانت تلك المدارس مخصصة فقط للطلاب والدارسين الرجال دون النساء. وشهدت هذه الفترة انشاء أول إدارة للتعليم الليلي والامتحانات، واستمرت الجهود تسير حتى الستينيات من القرن الماضي، حيث طرحت مشكلة الأمية من جديد على الصعيد العربي، وبرزت الحاجة إلى وضع تخطيط سليم لتعليم الكبار ومحو الأمية، حيث تم وضع منهج لتعليم الكبار ومحو الأمية ضمن مناهج الدراسة، وقامت وزارة التربية والتعليم"سابقاً" بتنفيذ الخطة الدراسية الجديدة التي تقضي باختصار المرحلة الابتدائية إلى ثلاث سنوات، بدلا من ست سنوات تسمى، كل سنة حلقة دراسية تشتمل الحلقة الأولى على مقررات الصفين الأول والثاني من النظام المتبع قديما، وتشمل الحلقة الثانية مقررات الصفين الثالث والرابع، ويعطى الدارس بعدها شهادة لمحو الأمية، ومن حقه بعد هذا أن يواصل تعليمه، فيتقدم في نهاية الحلقة الثالثة إلى امتحان الشهادة الابتدائية مع طلاب المدارس النهارية، وقد شاركت دولة قطر في عدة لقاءات للاستفادة من تجارب الدول الأخرى.