الدوحة - العرب اليوم
استضافت جامعة حمد بن خليفة ، عضو مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع ، اليوم، الدكتور خالد بن محمد العطية وزير الخارجية ، حيث رأس جلسة نقاشية تفاعلية خاصة مع طلاب المدينة التعليمية، وذلك تحت عنوان "جيل جديد، آفاق جديدة: مستقبل الدبلوماسية القطرية".
وقد جذبت الجلسة عددا كبيرا من الخريجين القطريين والطلاب المتوقع تخرجهم هذه السنة من الجامعات الموجودة في المدينة التعليمية، والتف عدد من الشباب القطري واستمعوا بنهم إلى الوزير وهو يطرح ويناقش مواضيع مثل السياسة الخارجية لدولة قطر وأولوياتها ومتطلبات تحقيق الأمن والسلم الدوليين. وفي بداية كلمته أكد الدكتور خالد بن محمد العطية أن العلم والتواصل العلمي من أجل التطوير والتجديد ليس ترفا فكريا أو جدلا نظريا بل هو ضرورة ملحة وقضية مصير للشعوب في العصر الحديث، وذلك من أجل اللحاق والاندماج في الركب الحضاري الدولي. وأوضح أنه من هذا المنطلق أدركت دولة قطر خلال العقدين الماضيين الأبعاد المختلفة للألفية الجديدة والنظام العالمي الجديد، وحتى يتبوأ الشعب القطري المكانة التي تليق به فعملت على استشراف مواكبة مستجدات هذا النظام في ظل الثورة العلمية المستمرة فأولت الدولة جُلَ اهتمامها لتوفير التعليم الجيد والمتميز. وأضاف : "نحن اليوم في المدينة التعليمية التي تدينُ بالفضل في وجودها إلى الرؤية الثاقبة لصاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وصاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر ، وتعمل الدولة على استمرار و ترسيخ ذلك تحت القيادة الحكيمة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى". واستطرد قائلا: إن عالما أكثر عدالة وتكافؤا هو عالم أكثر أمنا واستقرارا ورفاهية، لقد شهد العالم في العقد الماضي ولا يزال تغيرات سياسية واقتصادية وعلمية وتكنولوجية هائلة، كان من العسير تصور حدوثها منذ عدة عقود، وهي تغيرات تتزامن مع تحولات جوهرية قد حدثت وتحدث في موازين القوى العالمية. وبينوزير الخارجية أن التجارب الإنسانية في العقدين الماضيين، وما شملته من صواب وخطأ، تؤكد أن مقتضيات تحقيق التقدم والازدهار ورفع مستويات المعيشة للشعوب واحترام حقوق الإنسان أصبحت ماثلة للعيان بدرجة أكثر وضوحا عما كان عليه الأمر منذ عدة عقود، وهو أمر يتواكب مع تصاعد مجموعة من المعايير الأخلاقية التي لم تعد تسمح بالاحتلال والقهر والاستبداد وازدواجية المعايير وانتهاك حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وحتى بالنسبة للأفكار التي سادت لفترات زمنية طويلة حيال القيود الجغرافية بأنها تقف عائقا لتقدم بعض الدول، لم تعد تلك الأفكار تصلح في العصر الراهن في ظل تجارب صعود ونجاحات العديد من الدول في هذا الشأن. وأضاف الدكتور خالد بن محمد العطية وزير الخارجية أن الدبلوماسية القطرية انتهجت ومازالت، سياسة "الأبواب المفتوحة" في التعامل مع ما هو مطروح إقليميا ودوليا ، فهي تطرح إزاء القضايا والأحداث مواقف الحد الأقصى الذي تسعى إلى تحقيقه والحد الأدنى الذي لا يمكن القبول بأقل منه. وشدد على أن تحقيق المصلحة الوطنية للشعب القطري يأتي في مقدمة أولويات السياسة الخارجية لدولة قطر ، وذلك ضمن رؤية شاملة لعالم يسوده السلام والمصالحة ويتحقق فيه الخير لجميع الشعوب في مناطق العالم المختلفة عن طريق تبادل المصالح والمنافع وتسخير الإمكانات المادية والعلمية المتوفرة للإنسان للوصول إلى حياة أفضل للجنس البشري انطلاقا من إيماننا بأن المجتمع الإنساني يواجه مصيرا واحدا. وأشار ، في كلمته ، إلى أن البعد الإنساني مثل أحد أهم مرتكزات السياسة الخارجية القطرية وذلك لمساعدة ونجدة المحتاجين وللتخفيف من معاناة المتضررين من الكوارث والحروب والأزمات في أي مكان في العالم دون النظر إلى دين أو عرق أو لون أو مذهب، موضحا أن السياسة الخارجية لدولة قطر تعمل على تعزيز الدبلوماسية الوقائية بغية تطويق الأزمات والتخفيف من حدة النزاعات والصراعات في المنطقة والعالم والسعي إلى التوازن والاستقرار الإقليمي. وأوضح أن دولة قطر لم تتوان لحظة واحدة في الاضطلاع بمسؤولياتها على الصعيدين الدولي والإقليمي في مختلف القضايا العالمية والاقليمية إدراكا منها واقتناعا بأن تسوية القضايا والوصول إلى حلول ترضي كافة الأطراف من شأنه أن يوفر الاستقرار والأمن اللازم لانطلاق جهود التنمية وتحقيق الرخاء لكل الشعوب في العالم. وأكد وزير الخارجية على أن السلم والأمن العالميين يشكلان منظومة دولية تكفل الحقوق والاحترام لجميع الشعوب، ومما يؤسف ويحزن له فمرة تلو الأخرى تنتكس وتتعثر عملية السلام في الشرق الأوسط لتتوقف وتتجمد. وأشار إلى أن تحقيق الأمن والسلم الدوليين يتطلب من المجتمع الدولي وبخاصة القوى الفاعلة ومجلس الأمن احترام القانون وقرارات الشرعية الدولية وعدم الازدواجية في التعامل مع القضايا، ولا شك أن مواطن الضعف في النظام القانوني الدولي تعتبر انعكاسا لمواطن الضعف في النظام الدولي الشامل، لذا يتعين على المجتمع الدولي التمسك بحكم القانون وأن يضمن إسباغ الشرعية الدولية التي يجب أن يؤسس عليها الأمن والسلم الدوليين وأن تمارس الأمم المتحدة وسائر المنظمات الدولية مسؤولياتها وفقا للشرعية الدولية، وأن تقوم العلاقات الدولية على التوازن القائم على العدل، بما يحفظ حقوق الشعوب. وأضاف الدكتور خالد بن محمد العطية وزير الخارجية متسائلا: "فإلى متى يستمر مناخ عدم التوازن بين الدول، هل ننتظر ظهور قوى فاعلة جديدة داخل المجتمع الدولي تعيد العالم الجديد إلى توازنه في إطار القانون؟ أم لابد من احترام القانون والديمقراطية في العلاقات الدولية لتأكيد القيم التي تكفل التوازن والاحترام بين الدول؟ هذا ما يجب أن نتبعه حتى تحكم أعمالنا قيم الشرعية والقانون". وشدد على أنه إذا كان الهدف الأسمى للبشرية هو تحقيق السلام والأمن والاستقرار والتنمية المستدامة فمن المؤسف أن تتنشر أعمال العنف في مناطق عديدة من العالم، ومنها ما يحدث في سوريا وفلسطين والذي يعد انتهاكا صارخا لحقوق شعبي البلدين، وللشرعية الدولية ومواثيق حقوق الإنسان وينبغي على المجتمع الدولي تحمل المسؤولية والتصدي لها والوقوف بجانب الشعبين السوري والفلسطيني لنيل حقوقهما المشروعة. وأوضح لن يكون هناك حلول للصراعات بالوسائل السياسية والسلمية)، مشيرا سعادته إلى أن الوقت قد حان لإحلال السلام وإنهاء الاحتلال الاسرائيلي لكافة الأراضي العربية والتوصل إلى تسوية عادلة وشاملة ودائمة استنادا إلى مقررات الشرعية الدولية ، ولن يتأتى ذلك إلا عبر قيام المجتمع الدولي بتبني سياسات عادلة والالتزام بتنفيذها وفقا للشرعية الدولية وعدم الازدواجية في المعايير. وأكد على أن الأشكال المختلفة للظلم والحرمان والاستبداد والإقصاء والتهميش والطائفية السائدة في مناطق عدة من العالم تشكل أرضا خصبة لنشر الإرهاب العدو الحقيقي للبشرية في الوقت الحاضر، موضحا أنه إذا كانت السياسة المطلوبة هي عزل المتطرفين والضغط عليهم دون دعم نشط للقوى الشرعية المعتدلة ومنحها كافة حقوقها المشروعة ومعالجة الأسباب الحقيقية للإرهاب ، فإن الشعوب لن تلمس الايجابيات المنشودة تجاه قضاياها العادلة وستفقد هذه السياسات المصداقية. وأضاف إنني أعي بصورة خاصة وأنا اتحدث هنا اليوم دور العلم والطلاب في إحداث التقدم للمجتمعات، لذا أطلب إليكم أيها الطلاب والطالبات والخريجون الحرص على العمل في مجال التخصص وأشير هنا إلى أن وزارة الخارجية تفتح أبوابها لخريجي هذه الجامعة بالنسبة لكافة التخصصات السياسية والاقتصادية وتكنولوجيا المعلومات وغيرها من التخصصات ذات الصلة بعمل وزارة الخارجية . في ختام هذه الجلسة تم فتح باب الحوار حيث تم طرح مجموعة من الأسئلة المحورية ، فحول سؤال عن العلاقات الخليجية ، أجاب الدكتور خالد بن محمد العطية وزير الخارجية " إن علاقات دولة قطر بالدول الخليجية اجتماعية في المقام الأول ثم انبنت عليها العلاقات الاقتصادية والسياسية وبقية العلاقات"،وشدد على أن مجلس التعاون الخليجي هو آخر تكتل متماسك في الشرق الأوسط وأن مصير الدول الخليجية واحد وقوتهم من تماسكهم لذلك فلا مخاوف لأن اختلافاتنا في بيت واحد. وردا على سؤال حول علاقة قطر بتركيا أكد الدكتور العطية أن تركيا بلد متطور وقفزت قفزات هائلة مما يستلزم إقامة علاقات معها لتحقيق أهدافنا فالدبلوماسية القطرية انتهجت ومازالت، سياسة "الأبواب المفتوحة" في التعامل مع ما هو مطروح إقليميا ودوليا. وقال آدم السعدي مدير مركز التطوير المهني في جامعة حمد بن خليفة:" نتمنى أن تكون هذه الجلسة مصدر إلهام للطلاب للعب أدوار قيادية، فمستقبل دولة قطر يعتمد على هذا الجيل الجديد. ونحن نهدف إلى بناء مهارات وخبرات قيادية بين الطلاب، وصقل معرفتهم الأكاديمية على أحسن وجه". وعلقت عهود آل ثاني خريجة من جامعة نورثوسترن في قطر قائلة: "أسعدني للغاية حضور هذه الجلسة، إذ أتاحت لي الفرصة لخوض نقاش تفاعلي وطرح الأسئلة على الوزير. وقد كانت هذه أول جلسة حوارية أحضرها من هذا النوع، لذلك كنت متشوّقة لسماع الأسئلة التي طرحها زملائي أيضاً." وقال، عبدالعزيز الفيحاني، خريج جامعة تكساس إي أند أم في قطر: "أعتقد بأن هذا الحدث شكل منصة مميزة أتاحت لوزير الخارجية إعداد تقرير مع الطلاب والشعب القطري لتوضيح العوامل التي تؤثر على اتخاذ القرارات وكيف يتم ذلك. وقد تمكن الوزير من تسليط الضوء على عدد من القضايا اليوم ، وآمل أن أحظى بفرصة حضور مثل هذا الحدث قريباً." نقلا عن وكالة "قنا"