بيروت ـ ننا
الكسليك مؤتمرها الدولي الثالث، حول "الحضور اللبناني في العالم"، بدعوة من مكتب مفوض رئيس الجامعة للنشاطات والاحتفالات الرسمية، على مدى يومين، في حرم الجامعة الرئيسي في الكسليك، في حضور سفيرة الأورغواي في لبنان مارتا بيتزا نيللي، رئيس الجامعة الأب الدكتور هادي محفوظ، مفوض رئيس الجامعة للنشاطات والاحتفالات الرسمية الأب جان - مارون مغامس وأعضاء مجلس الجامعة وأساتذتها وطلابها، إلى نخبة من المتحدثين من القارة الأميركية وأوروبا والشرق الأوسط ووجوه اغترابية وتربوية واجتماعية وإعلامية. افتتح المؤتمر بكلمة تقديم للاعلامية كريستين صليبي، تحدثت فيها عن هدف المؤتمر في "المحافظة على التواصل بين لبنان وأبنائه الأحباء المنتشرين في شتى أنحاء العالم على امتداد القارات الخمس"، وقالت: "ها هو هذا المؤتمر يحاول أن يحفظ وحدة نسيج هذه العائلة اللبنانية الكبيرة عبر الإلتفاف إلى بعض أبنائه الذين يقتخر بهم، على أمل أن يعزز روابطهم بالوطن الأم الذي يحتاج إليهم ليكونوا له سندا وضوءا مشرقا في زمن كثرت فيه العتمة". ثم كانت كلمة للأب جان - مارون مغامس، سأل فيها "لماذا يعيش اللبنانيون اليوم تشققا علائقيا ولم لا يتوصلون إلى بناء علاقات في ما بينهم إلا عن طريق المجازفات والفتنة؟ ألا تكفي كلمة سر واحدة ليتغلبوا على مواقفهم المتعارضة والمتباينة؟"، وقال: "تقول ميشلينا تناس: بعيدا عن الإيمان بالله، تصبح حياتنا سخيفة وغير إنسانية وقاسية، يطغى عليها سوء الفهم وتملؤها النزاعات. وكما يقول البابا بولس السادس: مع الصليب والكتاب والمحراث. وعلى هذا المنوال ساهم القديسون اللبنانيون بتقدم حضارتنا وصمموا وحدة مجتمعاتنا، لأن السلام ينمو في قلب الإنسان قبل أن يصبح أساس الحضارة والعدالة. لبنان بلد متميز بفضل ثباته الديني والثقافي والحضاري وهو بحد ذاته ثروة أصلية. يقول النبي: أطلبوني فتحيوا، بمعنى آخر، فلنسعى إلى أجل معرفة مشيئة الله لكي ننفذها". وقال: "ان هذا المؤتمر الثالث حول "الحضور اللبناني في العالم"، الذي يأتي كامتداد للمؤتمرين السابقين اللذين نظمتهما الجامعة عامي 2012 و2013، يعبر عن مساحة جديدة للتفكير حول الثقافة اللبنانية المتعددة. لذلك، يرمي هذا المؤتمر إلى تسليط الضوء على مساهمة اللبناني في بناء الثقافة العالمية وفي خلق حضارة الحب المجبولة بالمعرفة والفهم وعرفان الجميل". ولفت إلى أن "اللبناني فكر واعد يساهم في تقدم أرض الضيافة، حاملا نفس لبنان في عروق عاداته بفضل رسالة الحب الخالدة، وهي علامة تدل بلا منازع على دوره في إعداد التراث العالمي. من تاريخه كمغترب مواطن في البلد المضيف الذي أصبح بلده الثاني إلى تاريخه كمغترب (2012) رحل من شرق متزعزع إلى آفاق جديدة (2013)، صمم اللبناني على الاندماج بالسياسة في معناها الإنساني منفتحا على كل ابتكار ثقافي وفني وأدبي وفلسفي ومحضرا لبنان، المرتبك بأحداثه الدموية، للاندماج بطريقة أفضل في قلب الألفية الجديدة. كما أراد اللبناني الإثناء على الحضور اللبناني في العالم والعمل من أجل الاعتراف بالآخر وسط الحوار بين البشر. يسعى اللبناني، المدعو منذ أكثر من ثلاثة عشرة قرون إلى السفر حول العالم وإلى تكريم أجداده الذين ورثوا فن كتابة التاريخ، والذي تتكون هويته من مجموعة انتماءات في خدمة تكوين الإنسان وحضارته، إلى تعزيز ثقافة الحب الجديدة من خلال علمه وفنه وأدبه وفلسفته". وأوضح أن "مؤتمرنا هذا يتمحور حول ثلاثة محاور، الأول: الفن والعلم، حيث تركز المساهمات المشتقة من هذا المحور على المظاهر الفنية والعلمية الموجودة في تاريخ اللبنانيين المنتشرين في العالم ومن المتوقع أن تركز المحاضرات على مشاركة اللبنانيين في الفن من خلال الموسيقى والرسم والنحت والشعر والهندسة والسينما والعلم. والمحور الثاني فهو حول الأرض والبيئة وعلم البيئة: لمفاهيم الأرض والبيئة وعلم البيئة مكانة هامة في حياة المدينة. ووسط هذه الفوضى العالمية وعقب هذه العولمة التي تسمح بتواجد كل ما هو في خدمة الاقتصاد، أصبحت الأرض-الأم تعاني، وباتت البيئة تتعرض للمشاكل وتحول علم البيئة إلى مأساة عالمية. يدور هذا المحور حول سلوك اللبنانيين في العالم في مواجهة البلد-الأم والبلد المضيف ويستجوب البيئة وتأثيرها على هويته ويشمل علم البيئة متوقعا بذلك سياسة بيئية وأخرى إيكولوجية. أما المحور الثالث فهو حول الرسائل والمذكرات، في هذا المحور الأخير، نوجه دعوة إلى المفكرين والمؤلفين اللبنانيين الذين شاركوا في تطوير ثقافة العالم من خلال تجاربهم كمغتربين". وتحدث رئيس الجامعة الأب الدكتور هادي محفوظ، فقال: "شرف عظيم لنا وسعادة أن نتشارك معا اهتمامنا بالحضور اللبناني حول العالم"، مشيرا إلى "أن جامعة الروح القدس هي ابنة الرهبانية اللبنانية المارونية وهي أول رهبانية تحمل لبنان في اسمها"، مؤكدا أن "الاهتمام بكل ما يتعلق باللبنانيين هو من صلب رسالة الجامعة ومن هنا هدف المؤتمر وأهميته". واذ تطرق إلى الجامعة ولبنان، واعتبر أن "كل لبناني في العالم هو ابن الرهبانية وكل ما يتعلق بلبنان يعنينا بتاريخه وجذوره وحاضره ومستقبله. فنحن لا نكتفي بماضينا فقط بل نتطلع إلى المستقبل"، مشددا على "أن جامعتنا تميزت بالكشف عن التراث اللبناني والمشرقي والماروني بشكل خاص والحفاظ عليه"، مستذكرا قولا للامام علي بن أبي طالب: "إن الفتى من يقول ها أنا ذا، ليس الفتى من يقول كان أبي". أضاف :"نحن نبني لأجيالنا القادمة، نحن مسؤولون عن زرع المحبة والخير والطيبة. صحيح أن لكل بلد مشاكله وهمومه، والقلق الوجودي يرتدي في كل بلد حلة مختلفة، لكن يجب التحلي بالإيجابية والابتعاد عن التباكي، والعمل بما يخدم المصلحة العامة. وهذا الأمر من ضمن الثوابت في جامعتنا"، مؤكدا أن "ثلاثة مؤتمرات عن الحضور اللبناني في العالم مدعاة فخر لنا وأمانة للرسالة المؤتمنين عليها"، شاكرا منظم المؤتمر الأب جان - مارون مغامس على جهوده الحثيثة، مشيدا بمزاياه "الفضلى والخدمة التي قدمها في مختلف بلدان الانتشار"، مهنئا إياه على "هذه المبادرة الطيبة". واختتمت الجلسة الافتتاحية بمعرض فني لماريا بوحبيب بعنوان "دروب الفن"، تضمن لوحات طغى فيها وجود الوجوه البشرية، وتركزت مواضيعها على الأفكار الشخصية للفنانة، والأحزان والأسئلة الميتافيزيقية، إضافة إلى الأحلام والذكريات والأوقات الحميمة والمناظر الطبيعية التي اختبرتها خلال رحلاتها في بلدان عدة. ثم انعقدت جلسات اليوم الأول التي تركزت مواضيعها على محاور المؤتمر الثلاث. وأدارت الجلسة الأولى البروفسورة نيكول شلهوب، وشارك فيها الدكتور نبيل الآزان من جامعة باريس3- سوربون، والسيدة لينا سعادة جبران من جامعة الروح القدس والدكتور أنطوان خوري حرب من الجامعة اللبنانية. أما الجلسة الثانية فانعقدت بإدارة الإعلامية مايا خضرا، وتحدث فيها الدكتور جورج يرق والدكتورة باميلا شرابيه من جامعة الروح القدس. وانعقدت بعدها جلسة ثالثة بإدارة الدكتور أندريه عفيش، تخللها مداخلات لكل من الدكتور فادي فغالي من جامعة باليرما - إيطاليا، والدكتور هادي مخلوف من ميونيخ - المانيا، نائب رئيس المعهد التكنولوجي في نيو جرسي - الولايات المتحدة الأميركية الدكتور فادي الديك. وفي اليوم الثاني، انعقدت الجلسة الرابعة بإدارة الدكتورة ميراي عيسى وشارك فيها كل من الدكتورة روزي غناج من جامعة الروح القدس والأستاذ ميلاد وهبة من توكومان - الأرجنتين والدكتورة لارا خالد واكد من الجامعة اللبنانية. ثم انعقد الجلسة الخامسة بإدارة الأستاذ شربل خوري من جامعة الروح القدس وبمشاركة الدكتور محبوب هاشم من الجامعة الأميركية في الشارقة - الامارات العربية المتحدة، والدكتور سيزار نمور والدكتور اندريه نصار من الجامعة اللبنانية، والدكتورة ليليان زيدان الخوري من جامعة الروح القدس. أما الجلسة السادسة والأخيرة فكانت بإدارة البوفسورة هدى نعمة، تخللها مداخلات لكل من جالوسا برستس ابايدة من ساو باولو - البرازيل والدكتورة السا غصوب عرموني من جامعة الروح القدس والدكتور جورج يونس من الجامعة اللبنانية والأب جان - مارون مغامس عن جامعة الروح القدس.