لندن ـ العرب اليوم
في روايته الشهيرة «قصة مدينتين»، روى الأديب البريطاني الكبير تشارلز ديكنز - أبرز كتاب العصر الفيكتوري - كيفية صعود الغليان الشعبي ضد ظلم الأرستقراطية الفرنسية حتى وصلت حد الثورة التي اقتلعت الملك لويس السادس عشر عن العرش وأعدمته.. إلا أن ديكنز أظهر في روايته بوضوح وقوع ظلم «جانبي» بين على كثير من أبناء تلك الطبقة، رغم عدالة مطالب الثورة.. مركزا على فكرة أن «النوايا الطبية» وحدها لا تكفي، بل قد يكون لتطبيقها كثير من الضحايا الأبرياء. وفي الواقع الحالي، تتشدد بعض كبريات الجامعات في بريطانيا - وبخاصة جامعتي أكسفورد وكمبردج العريقتين - في قبول الطلاب على لوائحهما؛ ورغم وجاهة منطق هذه الجامعات في أسباب إبقاء فرص الالتحاق بها محدودة إلى حد ما، إلا أن الطلاب يرون أن ذلك التشدد زائد على الحد، وأنه تنافس سلبي له جذور تاريخية بين الجامعتين. وتشير جامعتا أكسفورد وكمبردج - وهما أقدم جامعتين في بريطانيا، ودائما على رأس لائحة الأفضل في بريطانيا، وغالبا ضمن أفضل ست جامعات في العالم - إلى محدودية فرص اللحاق بهما، مقارنة بعدد طلبات الالتحاق السنوية، وذلك نظرا لمحافظة الجامعتين المرموقتين على مستوى عال من الأداء يستلزم انتقاء رفيع للطلاب المنتمين إليهما ومحدودية الأماكن المتاحة، وهو ما يقابله تقدير أكثر من رائع لسوق العمل في استقبال خريجي أي منهما.. لكن ذلك المسلك المتشدد لا يروق الكثير من الطلاب، كما انتقده مؤخرا وزير بريطاني. وقال ديفيد ويلتس، وزير الجامعات (التعليم العالي) البريطاني، في تصريحات صحافية مطلع الشهر الحالي، إنه «محبط لعدم إتاحة جامعتي أكسفورد وكمبردج - وغيرهما - لمزيد من الأماكن للطلاب في العام الجديد»، مشيرا إلى اعتقاده بأن الطلاب المبشرين بالنبوغ ينبغي منحهم فرصا أكبر للالتحاق الجامعي وتشير أرقام مركز «خدمة القبول للجامعات والكليات البريطاني (UCAS)» وهو هيئة بريطانية مسؤولة عن تنظيم وتلقي طلبات الالتحاق بالجامعات والكليات، تمول من خلال مصروفات الطلاب ومقابل من الجامعات، إلى أن عدد الطلاب المتقدمين إلى جامعة كمبردج في عام 2012 بلغ 15831 طالبا، قبلت منهم الجامعة 3401، بنسبة نحو 21.5 في المائة من إجمالي المتقدمين. فيما تقدم لجامعة أكسفورد في ذات العام 18143 طالبا، قبل منهم 3281، بنسبة نحو 18 في المائة فقط. وبينما تقول الجامعتان إنهما لا تستطيعان قبول مزيد من الطلاب نظرا لتقيدهما بأعداد معينة بحسب الإمكانات الحالية المتاحة، من أماكن إعاشة وفصول محاضرات ومعامل وخلافه، أظهر الوزير ويلتس أمله في أن تقوم جامعتا أكسفورد وكمبردج بتأسيس كليات جديدة، إذا لم توافق الكليات التابعة لهما حاليا على زيادة أعداد المقبولين.