جمعية معهد تضامن النساء الأردني

احتفل العالم قبل عدة أيام، في 23 حزيران/يونيو 2017، باليوم الدولي للأرامل، اعترافًا من الأمم المتحدة بما تعانيه الأرامل بعد وفاة أزواجهن، بغض النظر عن أعمارهن أو أماكن تواجدهن، من فقر وعنف وحرمان وتهميش، وبما ينعكس على حياتهن وصحتهن ومستقبلهن ومستقبل أولادهن، في ظل مجتمعات ترتبط فيها مكانة النساء الاجتماعية بمكانة أزواجهن وحضورهن.

وأشارت جمعية  حقوقية أردنية، إلى أن الممارسات الثقافية والأعراف في العديد من الدول تضع الأرامل في مواجهة مع مجتمعاتهن استبعادًا وتهميشًا ونبذًا، ويكون فقدانهن لأزواجهن بمثابة إعلان عن بدء هذه المواجهة التي تجردهن من أغلب مكتسباتهن، والتي ارتبط حصولهن عليها بمراكزهن الاجتماعية لمراكز أزواجهن، فيحرمن من الميراث ويتعرضن للاعتداءات الجسدية التي قد تصل لحد القتل، ويجبرن في حالات أخرى على الزواج بأقارب أزواجهن، ويعاني أطفالهن من صعوبات صحية وتعليمية وتضطرهن الظروف ومن أجل إعالة أسرهن للعمل أو دفع أطفالهن للعمل وطفلاتهن للزواج المبكر، إضافة إلى المعاناة النفسية والمعاملة القاسية لهن ولأطفالهن.

واعتبرت جمعية  معهد تضامن النساء الأردني "تضامن"، أن الفقيرات في العالم يشكلن 70% من مجموع الفقراء البالغ عددهم مليار ومائتي فقير/ فقيرة يعشيون/ يعشن على أقل من دولار واحد في اليوم، إلا أن الفقيرات من الأرامل يصل عددهن إلى 115 مليون أرملة.

وتتزايد أعداد الفقيرات منهن بسبب أميتهن وعدم انخراطهن بالحياة الاقتصادية، ويتعرضن بعد فقدانهن لأزواجهن لانتهاكات جسيمة كالانتهاكات الجسدية والجنسية والمعنوية، حيث تعرضت 81 مليون أرملة لاعتداءات جسدية، وفي كثير من المجتمعات فإن الأرامل يعتبرن فريسة سهلة للاستغلال والإتجار بهن والاعتداء عليهن جنسيًا واغتصابهن، مما يؤثر سلبًا على حقوقهن الصحية ويعرضهن لأمراض قاتلة.

ومن جهة أخرى، فإن أوضاع بعضهن الاقتصادية قد تدفعهن إلى العمل في مجالات جنسية كالدعارة، وتعتبر الصراعات والنزاعات المسلحة والحروب رافدًا أساسيًا لكي تصبح النساء أرامل، وفي أغلب الأحيان يترافق مع فقدانهن لأزواجهن انتهاكات صارخة لحقوقهن الإنسانية كمشاهدتهن لعمليات تعذيب وقتل أزواجهن، وقد يتعرضن لمختلف أنواع التشويه والتعذيب والاعتداءات الجنسية، ويعشن بسبب النزوح أو اللجوء بظروف قاسية أو مهينة أو غير إنسانية، وقد يستخدمن كأدوات حرب، وقد يتعرضن لضغوطات استغلالية هن وأطفالهن.

وتشير التقديرات الى أن 50% من النساء في بعض مناطق جمهورية الكونغو الديمقراطية هن من الأرامل، وأن نحو 3 ملايين أرملة في العراق، ويقدر عدد الأرامل في مدينة كابول لوحدها في أفغانستان بنحو 70 ألف أرملة، وعدد الأرامل من السوريات يقدر بالآلاف بسبب النزاع المستمر في سورية، وما زالت أعدادهن مرشحة للزيادة في ضوء ذلك.

وبينت نتائج التعداد العام للسكان والمساكن 2015 وجود نحو 252.511 ألف أرملة من مجموع السكان البالغ 9.531.712 نسمة، وبنسبة بلغت 5.63% من الإناث، وفي مقابل ذلك فقد بلغ عدد الأرامل من الذكور نحو 27756 أرمل وبنسبة 0.55% من الذكور.

وبشأن عدد الأرامل من الأردنيين، فقد بلغ عدد الأرامل الذكور 18999 أرملًا، فيما بلغ عدد الأرامل من النساء الأردنيات 172688 أرملة منهن 105347 أرملة تزيد أعمارهن عن 60 عامًا وبنسبة 61%، و 6178 أرملة تقل أعمارهن عن 30 عامًا.

وتؤكد "تضامن" على الحاجة الملحة للاهتمام بهذه الفئة من النساء، والتي اضطرتهن الظروف إلى الدخول في نفق مظلم، فالمجتمع الدولي والحكومات ومؤسسات المجتمع المدني لا تولي العناية الكافية بهن، فلا ترصد أعدادهن واحتياجاتهن المادية والنفسية، ولا توثق الانتهاكات التي يتعرضن لها، ولا تعمل على التوعية بمشاكلهن وإيجاد الحلول المناسبة لها، ولا تمكنهن اقتصاديًا أو توفر فرص عمل لهن، ولا تعمل على تغيير الصورة النمطية والسلبية السائدة في المجتمع تجاههن، ولا تجعل من حصولهن على فرص التعليم والرعاية الصحية والتأمينات الاجتماعية أمرًا سهل المنال.

وتقع على النساء الأردنيات اللاتي يرأسن أسرهن مسؤوليات جمة، منها ما تعلق بتربية الأبناء وأخرى بتأمين الاحتياجات المادية والمصاريف الحياتية والمعيشية، وهن في حاجة ماسة إلى دعم المجتمع، لا سيما وأن العديد منهن يعانين من ضعف في التعليم  أو عدم القدرة على العمل، أو عدم القدرة على تعليم الأبناء.

ويشار إلى أنه وفي تاريخ 21 كانون أول/ ديسمبر 2010، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم "65/189" يوم 23 حزيران من كل عام، باعتباره يومًا دوليًا للأرامل، مشددة على أن التمكين الاقتصادي للنساء ومن بينهن الأرامل يعتبر أمرًا حاسمًا في القضاء على الفقر، ومؤكدة على أن صلة قوية إيجابية كانت أم سلبية تربط ما بين حالة الأرامل وحالة أطفالهن.