نهاية قريبة لأزمة دار الفتوى في لبنان على ما يبدو، فاستمرار سيل الاتهامات والتقاذف الكلامي الذي وقع بسبب انتخابات المجلس الشرعي بين المفتي محمد رشيد قباني من جهة، والمجلس الشرعي الأعلى ورؤساء الحكومات السابقين واللاحقين من جهة أخرى، لا يبشر بالتئام قريب لحجم الهوة بين الطرفين. ويرى مراقبون في إصرار المفتي على التمسك بنتائج انتخابات المجلس الشرعي التي جرت واعتبارها شرعية، وإصرار الفريق الرافض لها على بطلانها ووجوب إلغائها، تعميقا لأزمة انعكس حضورها على حجم المشاركة في الانتخابات التي جرت جزئيا في مناطق دون أخرى بسبب المقاطعة تارة وعدم اكتمال النصاب تارة أخرى، وزادها بلة -بحسب المراقبين- مصادقة المفتي على نتائجها الجزئية واعتماد شخوصها أعضاء في المجلس الجديد. ويواصل الطرفان حتى اليوم تبادل الاتهامات وتحميل مسؤولية ما وصلت إليه سمعة دار الفتوى في البلاد، حيث اتهم الأمين العام للمجلس الإسلامي الشرعي الأعلى السابق خلدون عريمط فعل المفتي إجراء الانتخابات دون إجماع بأنها 'عمل كيدي يسيء لوحدة المسلمين ومقام دار الفتوى'، مضيفا في بيان صحفي بعد بروز النتائج أن المفتي لم يعد قادرا ولا مؤهلا لمتابعة مسيرة العمل الإسلامي الديني في لبنان. أما مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو فاعتبر أن معركة الانتخابات كانت سياسية أكثر منها دينية، مؤكدا في تصريح صحفي أنه كان بالإمكان تحاشي الخلاف ومرور الأمور بشكل طبيعي، وكان على الجميع المشاركة في هذه الانتخابات بطريقة إيجابية دون ضجيج أو نشر للغسيل. وشهدت الانتخابات مقاطعة رؤساء الحكومات السابقين -باستثناء سليم الحص- وغالبية الوزراء والنواب الأعضاء بالمجلس وقضاة العدل والشرع، ورؤساء وأعضاء مجالس بلدية من السنة في كثير من مراكز المحافظات. في المقابل يعتبر المفتي قباني نتائج الانتخابات التي برزت بأنها 'شرعية ولا غبار عليها'، إلى جانب اعتباره أن مجلس الدولة لم يصدر قرارا ببطلان الانتخابات بل أصدر رأيا فقط فيها. ويرى المفتي في المجلس الشرعي الحالي أنه فاقد للشرعية بالنظر إلى انقضاء شرعية ولايته الرسمية منذ ثلاث سنوات كان يجري فيها دوما التمديد دون قبوله وإرادته من خلال التصويت.