دبي - أحمد الأحمد
تلعب «الجوائز الأدبيّة» دوراً مهمًّا ومحوريًّا على السَّاحة الأدبيّة العربيًّة بشكل عامّ، إذ ظهر تنافس واضح وقويّ بين الأدباء في شتَّى مناحي الأدب بصفة عامّة حول تلك الجوائز، التي لا يتوقف أثرها عند القيمة المادّيَّة للجائزة فحسب، بل تفوق ذلك بكثير جدًّا، إذ إنها تُعدّ بوابة لشيوع اسم الكاتب وعمله الأدبيّ، ليحظى بتقدير أدبيّ ومعنوي أكبر من قبل جمهور القرّاء، إذ يوسع قاعدة جمهوره ليس داخل بلده فقط، بل يمتدّ إلى خارجها أيضاً.
ومن أبرز تلك الجوائز الأدبيّة على سبيل المثال جائزة «نجيب محفوظ» في القاهرة، فضلاً عن «جائزة ساويرس»، وجائزة الدولة التقديرية بمصر، والجائزة البارزة والمهمة وهي جائزة الشيخ زايد للكتاب.
كل ذلك إضافة إلى الجائزة الأكبر والأهم بالنسبة للروائي العربي وهي «جائزة البوكر العربية»، والتي أعلنت قبل أيام نتائجها لهذا العام، بفوز الروائي العراقي أحمد السعداوي عن روايته «فرانكشتاين في بغداد».
قيمة
ويؤكد نُقاد ومثقفون لـ «البيان» أن الجوائز الأدبيّة تلعب دوراً بارزاً في خلق روح المنافسة بين المبدعين العرب، بما يُثري السَّاحة الثّقافيّة العربية بشكل عام، ويضيف إلى المكتبة العربية المزيد من الأعمال البديعة، ذلك فيما أبدى البعض الآخر تخوفه من إمكانية أن تؤثر المنافسة في تلك الجوائز تأثيراً سلبيًّا بما يحدّ من الإبداع.
حافز
ويشدّد الكاتب والروائي عبدالوهاب الأسواني، في تصريحات خاصة لـ «البيان»، على أهمية «الجوائز الأدبيّة» في دعم الرواية العربية بشكل عام، إذ تعد تلك الجوائز حافزاً بالنسبة للروائيين والأدباء بشكل عام أن يقدموا أكثر على كتابة الرواية، خاصة أن العمل الأدبيّ الجيد يحصل على جوائز مميزة، واهتمام على الصعيد الأدبيّ والنقدي، وكذلك يتم الرواج له بشكل جيد بين القراء.
ويُضيف أنّ «غالبية الأعمال الأدبيّة التي تلقى استحساناً وجوائز في المحافل العربية والدولية، هي التي تفتح مجالاً جديداً أمام القراء على عوالم مختلفة، سواء كانت موجودة بالفعل أو عوالم افتراضية، ومن هنا تكمن أهميتها».
ويرى الأسواني أن الرواية كفنّ هي الأجدر على خلق تلك العوالم، عن غيرها من الأشكال الأدبيّة مثل القصة القصيرة، والشعر، والمسرحيات وخلافه، فالرواية تستوعب عدداً لا نهائيًّا من الشخصيات والأحداث، واستغراق الرواية يميزها عن غيرها من الوسائط المقروءة الأخرى، لهذا فهي تستحق هذا الاهتمام الكبير، وفتح مجالات لها ومنها الجوائز الأدبيّة الخاصة بها، في تحفيز للكتاب وزيادة لإبداعهم، مثل جائزة «البوكر» البارزة المخصصة فقط للأعمال الروائية.
ويوضح الأسواني أن للجوائز فائدة تعود على العمل الأدبيّ نفسه، ومنها زيادة نسبة القراء، وكذلك الشهرة التي تتمتع بها المبدع بعد ترشح عمله الأدبيّ لجائزة ما حتى لو لم يفز بها، مضيفًا أن الجوائز بشكل عام لا تزيد أو تقلل من قيمة الرواية في ذاتها، فالرواية أو العمل الأدبيّ بشكل عام محفوظة، ولا تنتقص قيمتها، حيث إن كل رواية لها قارئها الخاص، وما دامت تتمتع الجوائز بالسمعة الطيبة وتبتعد عن العصبيات أو التميز بين الكتاب أو الأعمال، فهي جوائز مهمة تستحق المشاركة بها وتقدير القائمين عليها.
بريق خاص
ويتفق الناقد الأدبيّ والشاعر شعبان يوسف، مع رأي الأسواني، إذ يرى أن الجوائز تفيد العمل الأدبيّ وتفتح له المجال لجمهور أكبر، وتوسع دائرة قراءته، وتزيد من مبيعات ذلك العمل بشكل عام، كما أنها تعطي له بريقاً خاصاً وهالة اهتمام من الصفوة والقراء بشكل عام.
ويضيف يوسف لـ «البيان»: «ورغم ذلك فلا تعتبر الجوائز هي مقياس جودة الرواية مثلاً، فالرواية يحكم عليها التاريخ، فما إن خرجت من تحت يد الكاتب أصبحت ملك التاريخ والقراء».
الحدّ من الإبداع
في المقابل، كان للروائية عفاف السيد وجهة نظر مختلفة، إذ تذكر أنها ضدّ الجوائز بكل أشكالها، سواء كانت من قبل الدولة أو من جهات أخرى، وتعتقد أن فكرة الجوائز المالية تحدّ من الإبداع، كما ترى أن الجوائز العينية أو المعنوية أفضل.
وتضيف أن بعض الجوائز الأدبيّة في الوقت الحالي توزع حسب الأهواء، وبعض الجوائز الأدبيّة لا تتمتع بالشفافية، وتحوم حولها الكثير من الشوائب. كما ترى أن الإبداع لابد أن يبتعد بشكل كامل عن الناحية المادية.
ويشير نقاد وأدباء إلى أن الجوائز الأدبيّة أسهمت في زيادة تدفق الإنتاج والإبداع على مدار العام، وظهور وجوه جديدة على السَّاحة الأدبيّة، ولكن يجب أن نتنبه إلى أن لا تؤثر في جعل الكتاب والمبدعين في عجلة من أمرهم للمشاركة في المسابقات، ما ينعكس ربما بالسلب على العمل الأدبيّ وتكوينه وقيمته، كما يجعل الرغبة في الجائزة في كثير من الأحيان تتحكم في الإبداع وطبيعته.