القاهرة ـ أ.ش.أ
تحول المهرجان الثقافي الهندي الحالي في مصر :"الهند على ضفاف النيل" الى حوار حميم بين ثقافتين من أعرق ثقافات العالم فيما تقدم الهند تقدم نموذجا لافتا للتنمية والنمو والديمقراطية على نحو اثار اهتمام العديد من المثقفين المصريين.
وفي وقت كثر فيه الحديث عن استلهام نماذج من هنا او هناك للتطبيق في مصر يتوجب القول باديء ذي بدء ان مصر لاتعاني من فراغ ثقافي حتى تستورد نماذج خارجية لتطبيقها بالكامل وانما المطلوب التفاعل مع كل النماذج في ندية وتكافؤ وعبر التأثير المتبادل مع امكانية الاستفادة من عناصر القوة في اي تجارب ثقافية-سياسية مثل التجربة الهندية.
وكما لاحظ البعض ومن بينهم السفير الهندي في القاهرة نافديب سوري فثمة تشابه كبير بين الشعبين المصري والهندي مع تقارب في مستويات المعيشة وتماثل في الضغوط اليومية الى جانب مخزون ثقافي هائل وركام ضخم من التقاليد الموروثة والقيم العتيقة.
وقال سوري ان التشابه كبير بين الشعبين الهندي والمصري سواء في الشوارع والبيئة والحياة الاجتماعية والتمسك بالروابط الأسرية والعادات والتقاليد معيدا للأذهان انه يشغل منصب سفير الهند بالقاهرة منذ عام 2012 بعد مضي 25 عاما على الفترة التي قضاها في مصر لأول مرة.
ومع ذلك فان الهند تحظى بديمقراطية كانت محل اعجاب كثير من المصريين بقدر مايمكن ان تكون مصدر الهام في سياق التحول الديمقراطي المصري بعد الثورة الشعبية.
ولعل التجربة الهندية التي باتت علامة دالة على التنمية و النمو مفيدة في سياق استلهام الدروس المفيدة لمصر في وقت يحتدم فيه الجدل حول قضايا مثل اهمية وجود مشروع وطني ودعم مصادر قوة الدولة الصلبة والناعمة والتوظيف الايجابي لطاقات الشباب والاستفادة من العقول المصرية في الخارج .
وهذه التجربة تثبت امكانية قيام نظام ديمقراطي وتحقيق النمو السياسي على اساس التعدد الحزبي رغم وجود اشكاليات هائلة وتحديات كبيرة في الواقع الهندي وكذلك سبل تحقيق التوافق الوطني حول اهداف الأمة وغاياتها والتلاحم المجتمعي في مواجهة المخاطر التي تهدد الحاضر والمستقبل.
كما أن الهند التي يصل عدد سكانها الى مليار ومائتي مليون نسمة تشهد تجربتها على اهمية دور اجهزة الخدمة المدنية في بناء الدولة الحديثة وتنظيم تفاعلات العلاقات داخل المجتمع المتعدد الأعراق والأديان بما يحفظ التكامل الوطني واعلاء ثقافة الجدارة بدلا من تصفية العناصر الموهوبة والاستبعاد الممنهج للكفاءات الذي ينطوي على خطر تجريف عقل الدولة وغياب الرؤى المبدعة والسياسات الرشيدة والفعالة وشيوع ظاهرة الاغتراب .