بعد احتفائه بالحركة الثقافية في المملكة العربية السعودية خلال العام الماضي، يضرب معرض الدار البيضاء للكتاب والنشر -المقرر تنظيمه بين 29مارس/آذار و7 أبريل/نيسان- موعدا لجمهوره ببرنامج يفسح المجال أمام التعرف على أوضاع الإنتاج الثقافي في ليبيا ما بعد الثورة. وتعد هذه المبادرة ثاني احتفاء ثقافي عربي بليبيا الجديدة بعد حلولها ضيف شرف لمعرض القاهرة من 23 يناير/كانون الثاني إلى 5 فبراير/شباط المنصرم، إذ ينتظر أن تسلط هذه التظاهرة الكبرى الضوء على التجليات الجديدة للثقافة الليبية في مختلف القطاعات الإبداعية، بعد أن ظلت مشاركة ليبيا القذافي في الدورات السابقة محدودة في أسماء وإصدارات يدور جلها في المدار الرسمي. وفي حين أكد وزير الثقافة المغربي، محمد أمين الصبيحي، أن هذا الاحتفاء يندرج في سياق "العلاقات الأخوية المتميزة التي تجمع بين المغرب وليبيا٬ سواء على المستوى الثنائي أو في إطار المنظومة المغاربية٬ وتكريسا للتبادل الثقافي بين مختلف الفعاليات الفكرية والإبداعية في البلدين٬ وتقديرا لإسهامات الثقافة الليبية في متن الثقافة العربية"، فإن السؤال السياسي خيم على الندوة الصحافية التي قدمت خلالها العناوين العريضة للمعرض، إذ ربط عدد من المهتمين بين هذا الاحتفاء والوجه السياسي الجديد لليبيا، بغض النظر عن العامل الثقافي في هذا الاختيار. ومما يلفت الانتباه في استقبال الثقافة الليبية بأروقة معرض الدار البيضاء للكتاب غياب الأصوات الكبرى التي مثلت المشهد الثقافي الليبي خلال العقود الأخيرة في المجال الإقليمي، على غرار الروائي إبراهيم الكوني وأحمد إبراهيم الفقيه، الأمر الذي لم يقدم له مسؤولو القطاع الثقافي بالمغرب تفسيرا بالنظر إلى كون تنسيق أنشطة البلد الضيف عهد إلى اتحاد الناشرين الليبيين ووزارة الثقافة والمجتمع المدني بليبيا. فهل هي محاولة لحجب الأسماء التي ذاع صيتها في ظل النظام السابق؟ من جهة أخرى، ينتظر أن يعرف هذا الموعد الثقافي الذي يستقبل أزيد من أربعين فاعلا ثقافيا ليبيا، تنظيم أربع ندوات عن الأصوات النسائية في الحياة الأدبية الليبية٬ وثقافة الطفل٬ والعلاقات التاريخية المغاربية٬ واللغات والدوارج المغاربية، وإلقاء محاضرات في مجالات الترجمة٬ والإعلام٬ والمسرح الليبي٬ وتراث النوبة٬ والشعر الليبي المعاصر٬ ومجتمع المعرفة المغاربي. ويحضر الإبداع الأدبي الليبي المعاصر بقوة من خلال أمسيات شعرية وقراءات قصصية٬ وعرض أعمال تشكيلية. ورغم أن المعرض يعرف مشاركة 47 دولة ويستقبل 780 عارضا بازدياد في عدد دور النشر، خصوصا الأوروبية، فإن عددا من الفاعلين الثقافيين أعرب عن خشيته من انحسار إشعاع المعرض، خصوصا بعد تأجيل موعده المعتاد في الشهر الماضي، بداعي اعتبارات مادية ولإتاحة الفرصة أمام تنظيم معارض محلية للكتاب عبر ربوع المملكة، فضلا عن تزامنه مع معرض الإسكندرية للكتاب. مع ذلك، ينتظر أن يكون برنامج المعرض مناسبة لتقديم أصوات أدبية جديدة في القصة والرواية والشعر والاحتفاء بتجارب أدبية متنوعة وتقديم شهادات مبدعين مغاربة وأجانب بشأن علاقتهم بالكتابة وتقديم كتب جديدة وإحياء أمسيات شعرية بالإضافة إلى ندوات تقارب جملة من القضايا الراهنة. ومن العالم العربي، تشمل قائمة الأسماء التي ستنشط فضاءات المعرض مجيد الربيعي (العراق) وواسيني الأعرج (الجزائر) وأمين صالح (البحرين) وإبراهيم نصر الله ونجوى شمعون (فلسطين) وإبراهيم عبد المجيد (مصر) وأمين الزاوي (الجزائر) بالإضافة الى محمد الأشعري ومحمد برادة وإدريس الخوري من المغرب وغيرهم.