الجزائر ـ الجزائر اليوم
تم تداول صور للمناضلة الجزائرية، جميلة بوحيرد، في وسائل التواصل الاجتماعي على الفيسبوك مؤخراً ، منها تلك الصورة التي نشرتها بمعيتها الإعلامية المعروفة، فريدة الشوباشي. وعندما تذكر المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد، يستذكر الجيل العربي الذي عاصرها، بكل الفخر والاعتزاز ،قصة نضالها البطولي ضد المستعمر الفرنسي، إبان ثورة التحرير الجزائرية. فقد كانت جماهير الشارع العربي خلال عقدي الخمسينات، والستينات من القرن الماضي، تعيش قضايا الامة العربية في المواجهة من أجل التحرر من الاستعمار، باهتمام بالغ، وتتفاعل مع حركة تلك الأحداث، بشكل وجداني عارم، يتخطى حدود صيغ التعبئة المنظمة،الى الحشد التعبوي الجماهيري التلقائي.
بتلك الروح التعبوية العالية ، كانت الجماهير العربية تدعم نضال الجزائر،ضد الاستعمار الفرنسي الغاشم، وتنتصر إلى مجاهدي الجزائر الابطال،بكل الامكانات المتيسرة امامهم،على الساحة يوم ذاك. فلقد عاش الوعي الشعبي في تلك الحقبة،مرحلة من النضج التلقائي الجمعي، والتوقد الثوري العارم،بالرغم من محدودية وسائل الاعلام المتيسرة.
ولا زال ذلك الجيل يستذكر كيف كانت الجماهير العربية تناصر قضايا العروبة،وتندد بالاستعمار الفرنسي،في ممارساته القمعية،ضد ثوار الجزائر،ومنهم بالطبع، جميلة بوحيرد، وتعبر عن دعمها المطلق للثورة الجزائرية، لتحرير الجزائر،من نير الاستعمار الفرنسي، التي تمكنت بصمودها، وتضحياتها، من تحرير الجزائر، وحافظت على عروبتها ، هوية،ولغة، وثقافة،بعد ان كاد الاحتلال الفرنسي يطمس عروبتها بالفرنسة قسرا.
ولأن ثورة الجزائر بمجاهديها الابطال، بما فيهم المناضلة جميلة بوحيرد، كانت قد حملت في ضميرها روح الامة،فقد تخطت برمزيتها الاقتحامية،حدود الحضور الوطني الجزائري،فألهبت مشاعر الجماهير العربية،على امتداد الوطن العربي، التي جسدها الوجدان العربي الثائر يوم ذاك، بحسه المتعاطف مع ثورة الجزائر، اهازيج هادرة، واغاني وطنية، وشعرا غاضبا. وفي هذا السياق يقول الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري :
جزائرُ يا كوكبَ المشرقَيـن دجا الشرقُ من كُربةٍ فاطلُعي
جزائر يا جدثَ الغاصبين بوركت في الموت من مربــــــع
ويا نبعةَ الصُّبُرِ للصامـدين لوَتْها الريـــــاحُ ولم تقطـــعِ
تعاصت فلم تعط من نفسها لنكبة جزعاء من زعــــــزع
مشت لك باريس أم الحقوقِ وحشاً يـدب على أربـــــعِ
تمزق أظفـــاره أمــةً بحــق الحيـاة لهـا تدعــي
فرنسا! وما أقبح المدعى كِذابـاً، وما أخبـث المدعــي
فداء لمقصـــلة الثائرين مجازر للشــيب والرضـــع
لك الويل من رائم أُطعمت دم الراضــعين ولم تشبـــعِ
لك الويل فاجرةً علَّقت صليبَ المسيح على المخـــــدع
تَهدم “بستيل” في موضعٍ وتبني “بساتيلَ” في موضـــــعِ
في حين انشدها الشاعر المبدع أبو يعرب، إبراهيم علي عبدالله الجبوري ، في قصيدته، تحية إلى ثورة الجزائر،التي ألقاها في حشد جماهيري عارم يوم ذاك، ونشرت في العديد من الصحف، وتضمنها ديوانه الصادر عن مطبعة الكرم في الموصل، بقوله:
ابت الجزائر ان تنام على الأذى وسيوفها مسلولة لا تغمد
ضحت بمليون لأجل حياتها فغدوا شموعا وهجها يتوقد
وهكذا ستبقى الذاكرة الشعبية العربية، تستذكر الصورة النضالية لجميلة بوحيرد، ورفاقها، أبطال ثورة الاوراس،التي استقرت في اعماق الوجدان الشعبي العربي، رمزا للاستلهام، في مقاومة المحتل الأجنبي ،وعنوانا للتحرير،على الدوام.