لندن - كونا
كشفت وثائق سرية الجمعة عن علم بريطانيا في عهد رئيسة الوزراء الراحلة مارغريت تاتشر بامكانية رد ليبيا بشكل "عنيف" على سماحها لمعارضي الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي بتنظيم مظاهرة خارج السفارة الليبية في لندن عام 1984 والتي انتهت بمقتل الشرطية ايفون فلاتشر. واكدت الوثائق التاريخية التي نشرت بموجب قانون رفع السرية عنها بعد مرور عشرين عاما عن تلك الاحداث ان الحكومة البريطانية كانت تملك ادلة فضلا عن تلقيها تهديدات مباشرة من السلطات الليبية بأنها سترد على اية مظاهرة يسمح بتنظيمها خارج السفارة الليبية في منطقة "سان جيمس بارك" وسط لندن. واوضحت ان التهديدات وصلت عن طريق دبلوماسيين ليبيين زارا وزارة الخارجية البريطانية ثم عن طريق السفير البريطاني في طرابلس اوليفر مايلز الذي استدعي ليلا ليبلغ باستعداد ليبيا بالرد على معارضي القذافي داخل بريطانيا. واشارت الى ان اجهزة الامن البريطانية علمت بتهريب دبلوماسيين ليبيين لأسلحة داخل بريطانيا في حقائب دبلوماسية ولكن لم يكن ممكنا اعتراضها خوفا من رد ليبي ضد موظفي السفارة البريطانية في طرابلس. وكشفت الوثائق عن حجم التخبط الذي وقعت فيه السلطات البريطانية بين التحرك او تجاهل تلك التطورات بحجة ان نظام القذافي كان متعودا على اطلاق تهديدات مماثلة في كل الاتجاهات وضد اكثر من جهة حول العالم. وبينت ان احد موظفي وزارة الخارجية البريطانية استغرب زيارة الدبلوماسيين الليبيين للوزارة في وقت متأخر تاركين ورقة كتب عليها ان "ليبيا لن تتحمل اية تبعات عن سماح بريطانيا بتنظيم مظاهرة ضد نظام العقيد القذافي". وكان اكبر ما قامت به السلطات البريطانية للرد على التهديدات هو تعزيز التواجد الامني ووضع حواجز على الارصفة المحاذية لمقر السفارة بهدف تنظيم المتظاهرين لكن دون منع المظاهرة التي تمت في 17 ابريل 1984 وانتهت بمقتل فلاتشر وجرح 11 من المتظاهرين برصاص اطلق من احد نوافذ السفارة. ووفقا للوثائق لم تتمكن السلطات البريطانية من محاكمة القاتل الذي نجحت في تحديد هويته بسبب تمتعه بالحصانة الدبلوماسية وخوفا على حياة دبلوماسييها في طرابلس الذين احتجزوا في مقر السفارة البريطانية لمدة 11 يوما ولم يسمح لهم بالمغادرة حتى خروج الدبلوماسيين الليبيين ومن ضمنهم القاتل من بريطانيا. واظهرت الوثائق غضب وزير الداخلية البريطاني آنذاك ليون بريتان من رئيسة الوزراء مارغريت تاتشر لموافقتها السريعة على خروج القاتل من البلاد بحجة احترام القواعد الدبلوماسية. يذكر ان هذه الحادثة تسببت بقطع العلاقات الدبلوماسية بين طرابلس ولندن لأكثر من 15 عاما ولم يتم اعادتها حتى عام 1999 بعد تغير جذري في سياسة نظام القذافي واعترافه بمسؤوليته عن عدة حوادث من بينها قتل الشرطية البريطانية وقيامه بصرف تعويضات مالية لأسرتها.