اللاذقية – سانا
تعبر الأديبة زينب الخير عن وجعها وحلمها وأملها وخوفها وكل انفعالاتها عبر الكتابة فالأدب بالنسبة لها هو هاجس أسري صرف كونها تنحدر من عائلة ثرية بالأسماء والتجارب الأدبية المهمة الأمر الذي جعل منها وريثة شرعية لهذا المناخ الإبداعي المتوهج والذي أنبت فيها الإمكانات الأدبية الفذة بعد أن اينعت بذور الموهبة لديها باكرا لتستفيد لاحقا من السير الأدبية المختلفة في مناخها الثقافي الواسع والذي ألهمها الكثير من الكتابة الإبداعية في مجال القصة القصيرة تحديدا. في هذا الإطار ذكرت الأديبة الخير ان والدها الشاعر عز الدين الخير ربما فرض حضوره الشعري الجميل في البيت من حيث لا تدري وربما هي صفة وراثية أخذتها عنه أو ميل مكتسب أو جميع هذه الأشياء معا المهم أن الاهتمام بالشعر وبالأدب عموما كان يشبه الحقيقة البديهية فقد أفاقت على الدنيا لتجد حولها من يكتب شعراً ويقرأ كتباً وصحفاً ومجلات ولتجد روايات ودواوين شعر وكتب فلسفة مرمية على المقاعد والكراسي وقرب أسرة النوم فجميع أفراد عائلتها هم من أصحاب القلم. وأوضحت انها كانت دوماً تخربش أشياء تظنها شعرا ثم تقارن بين ما تكتبه وبين ما تحفظه من شعر السياب أو المتنبي أو نزار قباني أو بدوي الجبل فتعييها تلك المقارنات الظالمة طبعا وتشعر أن ما تكتبه لا يتصل بالشعر الجميل لا من قريب ولا من بعيد وتمزق ما كتبته لكن النشر حسب تعبيرها يحتاج لمواجهة مع الذات كانت تظنها غير لازمة فيكفيها أن تقرأ وتستمتع بما تقرؤه ثم تكتب وتستمتع أيضاً بما تكتبه وبعد ذلك تطوي أوراقها وتدفعها في أحد الأدراج. وأضافت الخير انها بعد فترة زمنية ليست بالقصيرة شعرت بالحاجة الحقيقية للتعبير عما يجول في ذهنها فبدأت بالكتابة عبر الصحف حول ما يواجهها في الحياة والمجتمع من هموم صارت كلها أمورا غير شخصية ويهمها جداً مشاركة قرائها بها وأقنعتها تلك الشراكة كثيرا لتصل مقالاتها إلى ما يقارب السبع مئة مقالة بين أدبية وخدمية ودراسة وتحقيق. وعن قراءاتها الأدبية أوضحت انها قرأت ما استطاعت من التراث العربي والعالمي القديم والحديث مع التركيز على ما ترجم من الأدب الروسي لتكتشف ان هؤلاء الأدباء والكتاب ليسوا كبارا بالصدفة أو عن عبث ومثلهم كتاب عرب كثر متميزون جدا بل رائعون لكن للأسف لم يأخذوا حقهم ولم ينصفوا على المستوى العالمي. وعن رأيها بالأدب النسوي في محافظة اللاذقية أوضحت انها تنتمي للفئة التي لا ترى ان هنالك أدباً نسوياً وأدباً غير نسوي بل هنالك أدب جيد وأخر بائس أو أدب ممتع وآخر مقيت مؤكدة ان مشكلة المرأة الكاتبة لا تختلف في خطوطها العريضة عن مشاكل المرأة العاملة عموماً فالوقت والبيت والأولاد والالتزامات الأسرية كلها تأتي في تراتبية الأولويات قبل العمل الأدبي والإبداع أناني يحتاج لإخلاص مطلق ولأن تكون الأولوية له وحده بالإضافة إلى بعض القيود الاجتماعية والغلبة الذكورية على أجواء العمل الإبداعي بحكم قدرة الرجل على التفرغ الكامل لعمله مهما تكن طبيعة هذا العمل. ولفتت الخير إلى ان الكاتب موجود دائما في نصوصه على الأقل من حيث رؤيته للأشياء وفهمه وتحليله لها وقدرته على توظيفها لكن الخطأ الأكبر الذي يمكن للكاتب أن يقع فيه هو أن يسقط مفاهيمه ولغته العالية على أبطال أعماله. وعن أدب الشباب أوضحت ان هناك مفاجآت جميلة بين الشباب تلمحها في الصحف عادة وأدب الشباب تحديدا يشي بالكثير من المواهب الفذة لكنها تحتاج إلى كثير رعاية واهتمام ليأتي بعد ذلك دور الشباب المبدع نفسه في تطوير أدواته وصقل موهبته والارتقاء بها وهذا لا يتم إلا عبر القراءة والمطالعة والتعلم من تجارب الآخرين الأمر الذي يعني ضرورة ان يجتهد المبدع على نفسه بالدرجة الأولى. وبالنسبة للواقع النقدي ذكرت انها قليلاً ما قرأت نقداً وأعجبها لأن مهمة النقد هي في تقريب الفكرة ولإمساك القارئ العادي غير المتخصص من يده والطوفان معه في صفحات العمل الأدبي لإظهار جماليات النص وكنوزه المخبوءة بالإضافة إلى الإشارة إلى النقص ان وجد وإلى ضياع الدلالات عن مساراتها وتقديم الضد أو البديل المحتمل تماماً مثلما يقود الدليل السياحي مجموعة من السياح في قلعة أو مدينة أثرية ويشرح عمرها وتفاصيلها. واضافت الخير.. أعتقد أننا نحتاج لنقاد من أمثال ميخائيل نعيمة ورجاء النقاش فهم اشبه بقضاة عدل يشرحون لنا كيف يصدرون الحكم .. وبالنسبة لي أحب القراءات الانطباعية أكثر فرغم كم المجاملة الذي قد تتضمنه إلا انها أصدق بكثير من النقد التخصصي. يذكر ان القاصة زينب الخير من مواليد مدينة جبلة عام 1963 ولديها مجموعة قصصية بعنوان "أغداً ألقاك" مؤلفة من اثنتي عشرة قصة واخرى قيد الطبع بعنوان "أبناء السبل" إلى جانب عدد كبير من المقالات السياسية والخدمية والعلمية.