في نابولي صمم بعض ابرز المهندسين المعمارين والفنانين والمصممين في العالم شبكة "محطات الفن" التي باتت تضم 15 محطة فيمكن من خلال بطاقة سعرها 1.30 يورو يشتريها الفرد لاستقلال قطار الانفاق الاطلاع على معرض للفن المعاصر مجانا. في محطة "توليدو" التي اختارتها صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية اجمل محطة قطار في اوروبا "يخطف" البحر المتوسط المجاور الركاب فينزل الشخص الى باطن الارض محاطا بمربعات من الفسيفساء الزرقاء كما لو انه في قعر حوض سباحة يربطها مصدر نور بالعالم الخارجي. بعدما تستقبل "امواج" المعماري الكاتالوني اوسكار توسكيتس بلانكا الراكب عند اسفل السلم الكهربائي قبل ان تحيط به اعمال روبرت ويلسون بعنوان "باي ذي سي ... يو ان مي" والمؤلفة من لوحات مزينة باضواء كهربائية "ليد"، تضيء عند مروره امامها. "محطات الفن" التي تضم ما لا يقل عن 200 عمل فني تندرج في اطار خطة واسعة للتخطيط المدني وتطوير وسائل النقل العام في نابولي المعروفة بازمات السير الخانقة. محطة "يونيفرسيتا" زهرية في جزء منها وخضراء وصفراء في الجزء الاخر وهي الوحيدة التي صممها فنان واحد هو المصمم الانكليزي-المصري كريم رشيد. فالارصفة والجدران وصولا الى السلالم المؤدية الى الخارج تساهم جميعها في ادخال المسافر في "تجربة احساسية وجمالية". اكيلي بونيتو اوليفا المستشار الفني لدى الشركة المشغلة لقطارات الانفاق هو الذي اختار لكل محطة الفنانين والمهندسين المعماريين والمصممين الايطاليين والدوليين. ويوضح لوكالة فرانس برس "انه لقاء بين الجمال والنقل. نطلب من الفنانين انجاز عمل يندمج مع المحطة". ويضيف الناقد الفني ان الامر لا يتعلق "بتزيين" المكان بل اقامة "متحف الزامي" لايجاد "تآلف" بين مسافرين لا يزورون المتاحف وبين فن "يسافر" و لديه "وظيفة اجتماعية". وفي مدينة يثقل كاهلها لفقر والبطالة من المهم "وضع الفن في حياة الناس" على ما يؤكد جانجيديو سيلفا مدير شركة "مترو نابولي". واطلق المشروع في مطلع الالفية ويحظى بميزانية قدرها مليار ونصف المليار يورو تمول اوروبا نصفها. وقد بلغ المشروع بعدا جديدا مع تدشين "محطة الفن" السادسة عشرة تحت ساحة غاريبالدي على ان تفتتح ابوابها امام الجمهور نهاية كانون الاول/ديسمبر. وكلف المهندس المعماري الفرنسي دومينيك بيرو تصميمها. واشاد رئيس بلدية نابلولي لويجي دي ماجيستريس في تصريح لوكالة فرانس برس "بمتحف الفن المعاصر هذا تحت الارض وبقطارات الانفاق لدينا وهي من الاجمل في العالم". في اسفل السلالم الكهربائية في محطة غاريبالدي على عمق 40 مترا وتحت كوة زجاجية مصنوعة من انابيب فولاذية مرآة ضخمة تعكس صور المسافرين الذين ينتظرون ويتبادلون الاحاديث والنظرات. وقد حضر الفنان البالغ 80 عاما التدشين موضحا انه كان يفكر منذ فترة طويلة بعمل "حول فكرة المحطة". وقال "المسافرون/الزوار يدخلون في العمل ولو للحظة (..) انها العلاقة بين الحياة والفن بين الفن والمحطة". وبحلول العام 2015 ستتفح محطات اخرى مثل "دومو" من تصميم ماسيمليانو فوكساس و"مونيسيبيو" من تصميم المعماريين البرتغاليين الفارو سيزا وادواردو سوتو دي مورا الحائزين جائزة بريتزكر وهي بمثابة نوبل الهندسة المعمارية.