كراكاس - و.م.ع
هي كيسل إسكوديرو ، شابة فنزويلية لا تتجاوز عقدها الثالث، عشقت المغرب حتى النخاع، عشقا جعلها تسافر إلى هذا البلد غير ما مرة، أغرمت بمدنه العتيقة وثقافته المتنوعة وحضارته العريقة وشعبه المضياف ونسجت معه علاقة حب وتعلق عز نظيرها. في كل ركن من بيتها بكراكاس جعلت كيسل ما يبقي على حبل الود بينها وبين المغرب في وصال دائم، في مدخل الباب بسطت زربية تقليدية نسجت خيوطها المزكرشة يد صانعة مغربية، وهناك في بهو المنزل الفسيح جعلت نافورة فخار يتدفق ماؤها ليل نهار ليسمع من بالبيت خرير نافورات رياضات المدن العتيقة بالمغرب، أما في مملكتها الصغيرة، داخل المطبخ، فأينما يممت فتمة أواني خزفية، وتوابل تفوح بنكهات عابقة بتقاليد عريقة. قررت كيسل أن تبوح بقصتها وتشاطر الفنزويليين جزء من هذا التعلق والعشق للمغرب، فاختارت أن تشارك في معرض "مكاراكواي"، الذي يقام سنويا شمال العاصمة كراكاس، بشيء لم يعهده ساكنة هذه المدينة اللاتينية من قبل، فأقامت "العنبر"، وهو الرواق الذي وضعت فيه كل ما جلبته من المغرب بعناية ودقة فائقتين لا تخطئهما العين. حناء، وغاسول، وكحل، وزيت أركان، و"صابون بلدي"، ومواد تجميل طبيعية إضافة إلى ألبسة تقليدية للرجال والنساء والأطفال وحلي من الفضة ونعال جلدية...هكذا يبدو مشهد "العنبر" الذي جعلته كيسل كأحد "بزارات" مراكش أو فاس فغدا كل من يزوره يسافر في رحلة عبر التاريخ لا تمل "عاشقة المغرب" من شرح كل تفاصيلها حتى ولو كان ذلك من باب إشباع فضول الزائرين فقط، "فليس كل من يدخل العنبر حتما يشتري"، تقول بمزحة أهل مراكش. "من بين كل البلدان التي زرتها في جميع بقاع العالم، حينما كنت أشتغل في منظمات إنسانية، لم انبهر مثلما انبهرت أمام جمال المغرب الفتان خاصة في مدن فاس ومراكش والصويرة وتطوان وأكادير ، ولائحة الجمال لا تنتهي في هذه البلاد أتمنى أن أزور جميع المدن"، بهذه الكلمات باحت كيسيل، المتخصصة في اللغات والترجمة واللسانيات، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء. لقد خطرت ببالي فكرة ان أعرف الفنزويليين وخاصة سكان مدينتي كراكاس بما شاهدته في "بلد رائع، طبيعته خلابة وأناسه طيبون للغاية"، فلم أجد خيرا من هذه المنتوجات التقليدية التي تفننت يد الصانع المغربي في إبداعها وإخراجها في أبهى حلة، تقول كيسل وهي تلتفت لإحدى الزبونات قائلة "إنه زيت الأركان" يوجد فقط في المغرب فوائده متعددة بالنسبة للبشرة والشعر ...لتجيب الزبونة: أنا طبيبة متخصصة في التجميل وأعرف "الأركان" جيدا..". وتعود كيسل لتسترسل حديثها بالقول "أنا أحمل المغرب في قلبي اينما كنت" ولعل أبرز ما يشدني في شخصية المغاربة أنهم شعب مضياف، صفة يتوارثونها جيلا بعد جيل، ما أن يتعرفوا إليك حتى يدعونك إلى البيت للتلذذ بكأس شاي بالنعناع، يتفانون في إكرام ضيفهم حد المبالغة أحيانا. وقبل أن تغوص في تفاصيل رحلة جديدة مع زائر آخر لرواقها، تقول كيسل "لعل ما سيظل خالدا بذاكرتي إلى الأبد هو تلك الكلمات المنقوشة على جبال المغرب، تعلمت أن أقرأها بالعربية فهي شعار المملكة الخالد: الله، الوطن، الملك".