باريس ـ كونا
قالت المديرة العامة لمنظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) ايرينا بوكوفا اليوم ان الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية يمثل مناسبة للاعتراف بما قدمته هذه اللغة من مساهمة هائلة للثقافة العالمية مؤكدة ان التنوع اللغوي جزء لا يتجزأ من التنوع الثقافي. وقالت بوكوفا في كلمتها الافتتاحية للاحتفالية التي نظمتها اليونسكو بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية ان "التنوع اللغوي عنصر اساسي من عناصر التنوع الثقافي في العالم يسمح لنا بالتفاعل والحوار البناء والتعايش بسلام ويعكس ثراء الوجود الانساني". واضافت في كلمتها التي بدأتها بنطق كلمات عربية ترحيبية بالحضور ان "اللغة العربية هي كنز ينبغي ان نحشد كل قوانا للتعرف عليها عن قرب فهي بلاشك حليفتنا من اجل محو الامية وبناء مجتمعات المعرفة للدول ال22 العربية الاعضاء في منظمة اليونسكو". وذكرت ان "اللغة العربية تكتنز ثقافة إسلامية ألفية وتحمل في طياتها أصوات الشعراء والفلاسفة والعلماء الذين سخروا قوة هذه اللغة وجمالياتها لخدمة الإنسانية ومنهم العالم الكبير ابن سينا الذي نحتفل هذه السنة بذكرى مرور ألف عام على تأليف كتابه القانون في الطب". وقالت "اننا نحتفل اليوم باللغة العربية لما تحمله من معرفة فريدة من نوعها وهي وسيلة لمزيد من الحوار والربط بين الحضارات" مؤكدة اهتمام اليونسكو باللغة العربية من اجل التوصل الى تنمية مستدامة وسلام دائم. واوضحت ان احتفالية هذا العام ستركز بشكل خاص على دور وسائل الاعلام في نشر اللغة العربية مشيدة بالجهود التي يبذلها القائمون على الخطة الدولية لتنمية الثقافة العربية (ارابيا) التابعة لليونسكو في هذا الشأن. وقالت ان "وسائل الاعلام والاتصال لاعب رئيسي للتعريف ونشر اللغة العربية كما ان على الصحافيين مسؤوليات كبيرة في مساندة هذه الجهود ومنظمة اليونسكو ملتزمة بدعم وسائل الاعلام العربية نحو الحوار والمواطنة". وشددت على ضرورة تعزيز اعداد الصحافيين وزيادة الدعم المخصص لتنمية وسائل الإعلام بغية إسماع اللغة العربية وإتاحة قراءتها في أوساط الجمهور العام. من جانبه قال رئيس الهيئة الاستشارية للخطة الدولية لتنمية الثقافة العربية (ارابيا) المندوب الدائم للمملكة العربية السعودية لدى اليونسكو السفير زياد الدريس في كلمته ان "المديح والاطراء للغتنا العربية العريقة وحده لا يجدي كثيرا ولكن الاسلوب الفعال والصحيح لرفع مكانة لغتنا يأتي من خلال الاكثار من استخدامها والتكلم بها باعتزاز". واضاف الدريس ان "اللغة هي عامل اساسي للحوار وتفتيت الهويات المتوترة فهي من اهم طرق التعبير عن الانتماء والهوية كما تكمن اهميتها في الحوار بين الحضارات والتواصل بين الثقافات". واوضح ان اللغة معرضة للضعف عندما لا يتم تغذيتها او تركها خاملة في بيئة مغلقة لافتا الى انها تتميز ب "كينونة حيوية يجب الاهتمام باستخدامها وعدم تهميشها". من ناحيتها اكدت مديرة معهد العالم العربي في باريس منى خزندار في كلمتها ان " المعهد معني تماما بجهود نشر الثقافة العربية من خلال انشائه (مركز الحضارة والثقافة العربية) في عام 1993 ". وقالت خزندار ان المركز يقيم باستمرار دورات للغة العربية وانشطة وندوات ومعارض تهدف الى التعرف عن قرب على الثقافة العربية والاوضاع الاجتماعية او الثقافية في العالم العربي كما قام بنشر مناهج تربوية للتشجيع على قراءة اللغة العربية والتعرف عليها مشيرة الى انه يمثل جسرا حضاريا بين الثقافة العربية والثقافات الاوروبية. وقالت ان معهد العالم العربي يعتبر مرجعا حقيقيا لجميع الباحثين والراغبين بتعزيز تواصلهم مع العالم العربي كما يعمل باستمرار على تعميم نشاطاته ووثائقه باللغتين الفرنسية والعربية ويعتمد على احدث الاساليب المعلوماتية في هذا الشأن مؤكدة انه احد اكبر مناصري تعليم ونشر اللغة العربية في اوروبا. واعلن برنامج (الامير سلطان بن عبدالعزيز لتعزيز نشر اللغة العربية في اليونسكو) خلال الاحتفالية تقديم دورات مجانية لتعلم اللغة العربية لغير الناطقين بها كما جرت عليها العادة كل عام وهي مشاركة من المملكة العربية السعودية لنشر اللغة العربية في العالم. ونظم خلال الاحتفالية ثلاث ندوات بمشاركة اعلاميين وكتاب وباحثين في اللغة العربية يمثلون وسائل اعلام مختلفة تناولت الاولى دور الفضائيات العربية في نشر اللغة في العالم فيما ناقشت الندوة الثانية دوافع استخدام اللغة العربية في الفضائيات الاجنبية وركز المشاركون في الندوة الثالثة على في كيفية مساهمة الاعلام الجديد ووسائل التواصل الاجتماعي في اعادة الشاب العربي الى لغته. وتخللت الاحتفالية باليوم العالمي للغة العربية في مقر اليونسكو بباريس القاء قصائد شعرية وعزف مقاطع موسيقية عربية كما اقيم غداء عربي اعدته الوفود العربية في اليونسكو للمشاركين والحضور. وكانت منظمة اليونسكو قد اقامت احتفاليتها الاولى باليوم العالمي للغة العربية العام الماضي وذلك بعد ان اقر المجلس التنفيذي في دورته ال 190 في اكتوبر عام 2012 مقترح المجموعة العربية بتكريس يوم 18 من ديسمبر يوما عالميا للغة العربية. وجاء اختيار 18 من ديسمبر لأنه اليوم الذي أقرت به الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1973 اعتبار اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية لها ولجميع المنظمات الدولية المنضوية تحتها. وتعتبر اللغة العربية احدى لغات العمل الست في المنظمة الدولية وهي لغة 22 دولة من الدول الاعضاء في اليونسكو ويتحدث بها ما يزيد على 422 مليون عربي ويستخدمها اكثر من 5ر1 مليار مسلم.