المدينة المنورة ـ أ ش أ
اعتمد المؤتمر الإسلامي لوزراء الثقافة الذي اختتم أعماله بالمدينة المنورة، الأربعاء، مشروع الخطة التنفيذية لمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود للحوار بين أتباع الديانات والثقافات " المنجزات والآفاق المستقبلية ". وجدد المشاركون في مشروعات القرارات الصادرة عن المؤتمر الشكر والامتنان لخادم الحرمين الشريفين على إطلاق هذه المبادرة التاريخية والمشروع الحضارى الرائد لتعزيز قيم السلم والأمن وترسيخ أسس التوافق والتسامح ولإبراز إسهام الإسلام والمسلمين فى هذا المجال وخدمة للإنسانية جمعاء، مع الإشادة بالدراسة التى أعدتها الإيسيسكو حول مبادرة خادم الحرمين الشريفين والتنوية بخطتها التنفيذية التى عبرت عن رؤية العالم الإسلامى للحوار بين أتباع الديانات والثقافات. وقرر المؤتمر في هذا الخصوص دعوة مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات إلى التعاون مع الإيسيسكو ومنظمة التعاون الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي فى تنفيذ برامج الحوار بين الثقافات والتحالف بين الحضارات ضمن خطة عمل مشتركة وشاملة فى إطار وثيقة المبادرة والخطة التنفيذية. كما يدعو القرار منظمة الأيسيسكو إلى التعريف بمشروع الخطة التنفيذية لمبادرة خادم الحرمين الشريفين على أوسع نطاق في الدول الأعضاء ولدى مراكز البحث والجامعات والمنظمات الإقليمية والدولية وهيئات المجتمع المدنى، مع تنفيذ برامج فى إطار مبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار بين أتباع الأديان والثقافات وخطتها التنفيذية لفائدة المسلمين خارج العالم الإسلامي من أجل معالجة الصور النمطية عن الإسلام والمسلمين بالتعاون مع الجهات الحكومية المعنية والمؤسسات التربوية والثقافية المختصة والمنظمات والهيئات الإقليمية والدولية المهتمة إلى جانب دعوة المدير العام إلى رفع تقرير عن هذا البند فى الدورة المقبلة. كما أقر المشاركون، فى المؤتمر الذى عقد بجامعة طيبة على مدى يومين، تشكيل مكتب الدورة الثامنة برئاسة المملكة العربية السعودية فى حين أحيط الأعضاء علما بالتقارير الوطنية لدول منظمة التعاون الإسلامى حول جهودها فى تنفيذ الاستراتيجية الثقافية للعالم الإسلامى إضافة إلى اعتماد تقرير مدير عام الإيسيسكو حول تنفيذ تلك الإستراتيجية وتقريره حول تنفيذ إستراتيجية تطوير تقنيات المعلومات والاتصال في العالم الإسلامي. ووافق المؤتمر كذلك على مشروع الإعلان الإسلامي حول الحقوق الثقافية والخطوط العريضة لوثيقة الحقوق الثقافية في العالم الإسلامي الواقع وسبل التطوير مع دعوة الأعضاء إلى تقديم ملاحظاتهم واقتراحاتهم على الوثيقة وموافاة الإيسيسكو بها لعرضها فى اجتماعات مقبلة. وأقر المؤتمر انتخاب المملكة عضوًا استحقاقيًا في المجلس الإستشارى المكلف بتنفيذ الاستراتيجية الثقافية للعالم الإسلامي، بوصفها رئيس الدورة الثامنة ومقر منظمة التعاون الإسلامي إلى جانب انتخاب أعضاء فى لجنة التراث فى العالم الإسلامى، كما اختار المؤتمر سلطنة عمان لاستضافة المؤتمر الإسلامي التاسع لوزراء الثقافة وذلك فى شهر نوفمبر من عام 2015. ويتضمن الإعلان تأكيدًا على حق الإنسان في اختيار هويته الثقافية، ومعرفة ثقافته وتراثه وثقافات الآخرين وحرية الانتساب إلى أي جماعة أو مؤسسة ثقافية أو فكرية، وحرية الإنتاج المعرفي، والحق فى الحماية المعنوية والمادية ذات الصلة بنشاطه الثقافى. ويؤكد الإعلان على حرية تكوين المؤسسات، ودراسة الثقافات، والحصول على المعلومة ونشرها، والمشاركة في السياسات الثقافية، كما يحدد الإعلان ما يترتب على الدول والحكومات من مسؤوليات إزاء الحقوق الثقافية ودعوتها إلى إدراجها ضمن تشريعاتها والعمل بمقتضياتها، وتوفير الأجواء الملائمة والإجراءات العملية لممارسة تلك الحقوق للفرد والجماعة. ويدعو الاعلان إلى تحقيق أكبر قدر من التوافق مع المواثيق الدولية بناء على قاعدة الاحترام المتبادل لخصوصيات كل ثقافة، واحترام حق اختيارات الدول لتشريعاتها ونظمها وفق تطورها الطبيعي، وبناء على مصالحها وثوابتها وتنوعها الثقافى وأمنها المجتمعى والثقافى. وأكد الإعلان أن تفعيل الحقوق الواردة فيه من شأنه أن يرسي دعائم مكافحة الآثار السلبية للعولمة ونزع فتيل التوترات الثقافية وضمان حقوق النساء والشباب والأطفال، والأقليات والفئات الضعيفة والأجانب والمهاجرين، كما يفتح باب المشاركة فى الحياة العامة، وكلها أهداف تتوحد فى صيانة الكرامة الإنسانية كهدف أسمى كفله الدين الإسلامي. ونص الإعلان على وجوب تفعيل الحقوق الثقافية المرتبطة بالمشاركة في الحياة المجتمعية العامة، ومنها الحق في التربية والتعليم، والحق في الانتماء الثقافي، والحق في استعمال اللغة الأم في ميدان القانون والعدالة، والحق فى المشاركة والاستفادة من الخدمة الثقافية العامة، والحق فى استعمال تكنولوجيا المعلومات. كما دعا إلى ضرورة العناية الحقوق الثقافية المرتبطة بمكانة الفرد والجماعة داخل المجتمع، ومنها الحق فى الهوية والتعبير عنها وحمايتها، والحق في احترام المقدسات الدينية، والحق في الحفاظ على الذاكرة الجماعية والحقيقة التاريخية، والحق فى الإعلام والاتصال، وأكد على أهمية الدفاع عن الحقوق الثقافية المرتبطة بالإنتاج الفكرى، العلمى والإبداعى، ومنها الحق فى استعمال اللغة الأم فى الإنتاج الفكري، العلمى والإبداعى، والحق فى نشر الإنتاج الفكرى، العلمى والإبداعى، والحق في الحرية الأكاديمية، والحق في حماية حقوق المؤلف. وأشار الإعلان إلى أن المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة – إيسيسكو هي الآلية الرئيسة للتعريف بهذا الإعلان ومتابعة تنفيذه وتقييم مستوى هذا التنفيذ، من خلال نشر المبادئ الواردة في هذا الإعلان، والتعريف بها والسعى إلى ضمان مراعاتها واحترامها من طرف الجهات الرسمية والأهلية، وحث دول العالم الإسلامي على إدماجها فى تشريعاتها وسياساتها الثقافية والتنموية، وأخذها بعين الاعتبار فى العلاقات فيما بينها، ومع الشعوب والأمم الأخرى، ولدى المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية. ودعا الإعلان الإيسيسكو إلى إعداد عداد دليل مرجعي لمؤشرات إعمال الحقوق الثقافية في دول العالم الإسلامي والقيام بتقييم دوري حول مستوى هذا الإعمال، كما دعا الإعلان الدول الأعضاء إلى إدراج موضوع دراسة آفاق وآليات تطوير الحقوق الثقافية كمحور فى برامج الاحتفال بالعواصم الثقافية الإسلامية، وإدماج هذه الحقوق فى التشريعات الوطنية. وأكد أهمية تفعيل دور الجامعات ومراكز البحث في نشر هذا الإعلان وتحقيق أهدافه، وذلك من خلال إجراء البحوث والدراسات وإبرام اتفاقيات الشراكة والتوأمة وتصميم المناهج والبرامج المناسبة وإنشاء الكراسى المتخصصة فى هذا المجال، وحثّ الجامعات، والمثقفين، والكتاب، والفنانين، والسينمائيين، والرياضيين، والحركات الشبابية والنسوية، وجمعيات الأشخاص المسنين، والمنظمات والجمعيات الأهلية، والقطاع الخاص، والصحافيين والإعلاميين، على تعزيز ثقافة حقوق الإنسان الثقافية، باعتبارها تعبيراً واقعياً وعملياً عن التنوع الثقافي، وذلك من خلال التعاون مع المنظمات والهيئات المتخصصة داخل العالم الإسلامي وخارجه، وفي إطار احترام المواثيق والقوانين المعمول بها في دوله. واعتبر وزير الثقافة والاعلام السعودى عبد العزيز بن محي الدين خوجة أن الإعلان قد أعاد العالم الإسلامي إلى موقع الريادة الفكرية والمبادرة الخلاقة على الصعيد العالمي مشيرًا إلى أنه يعد إطارا مرجعيا على مستوى العالم الإسلامى للحقوق الثقافية. من جانبه، أكد المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم الثقافية "إيسيسكو"الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري أن الإعلان الإسلامى حول الحقوق الثقافية الذي اعتمده المؤتمر هو وثيقة ثقافية تنظيمية تأسيسية فى غاية الأهمية لأنه يرسم معالم الطريق أمام الدول الأعضاء لتعزيز الحقوق الثقافية فى العالم الإسلامى ويحدد لها الآليات لتطويرها, ويشكل إطارًا واسعًا وملائمًا للنهوض بالفعل الثقافي على جميع المستويات الذى يساهم بنصيب وافر فى دعم التنمية الشاملة المستدامة. وذكر أن هذا الإعلان الصادر عن المؤتمر,جاء في الوقت المناسب ليعطى الانطلاقة لتطوير التعاون الإسلامي في مجال تعزيز الحقوق الثقافية التي هي من حقوق الإنسان التى تعود في أصولها إلى ماجاء به الإسلام الحنيف من أحكام شرعية ومبادئ أخلاقية وتعاليم سامية تحض على احترام كرامة الإنسان وصيانة حقوقه كافة.