بعد 26 سنة أبحاث واختبارات في ألمانيا على عظام وجدوها تحت إحدى الكاتدرائيات، تم الإعلان بأنها تعود لشارلمان العظيم 'أب الأوروبيين' وأعظم ملوكهم، وإمبراطور الدولة الرومانية المقدسة 'ملك الفرنجة' الذي استلبسه العجب من ساعة جاءته هدية من هارون الرشيد، فسحرته بتحرك منظومتها من دون طاقة، وظن من في قصره أن فيها شيطانا، فحطموها في ظلمات الجهل الأوروبي قبل 1200 عام. العلماء الألمان أعلنوا قبل 4 أيام، وورد ما ذكروه في نشرة The Local وهي موجز أخبار بالإنجليزية عن ألمانيا، ومنها نشرت الخبر معظم وسائل الاعلام، أن العظام التي عثروا عليها أسفل 'كاتدرائية آخن' الألمانية، وهي 94 عظمة تأكدوا قبلها أنها لرجل مسن ونحيف 'هي على الأرجح للملك شارلمان' الذي لم يكن أحد يعرف تماما أين هي رفاته، برغم أهميته لمعظم الأوروبيين. والكاتدرائية، المعروفة بكاتدرائية الإمبراطور، هي رومانية كاثوليكية، والأقدم بشمال أوروبا، وفيها تم تتويج 30 ملكا بألمانيا طوال 6 قرون، بحسب ما راجعته 'العربية.نت' في أرشيفات عنها، وبدأ ببنائها في العام 792 شارلمان نفسه، ثم تم تدشينها بعد 13 سنة 'على شرف مريم العذراء' وعندما توفي شارلمان في العام 814 وضعوا رفاته في قبو أسفلها. وفي عام 1000 قام الإمبراطور أوتو الثالث بفتح القبو، وتم توثيق ما قال وما فعل، لكن يبدو أنه بالغ بالعيار بما 'رأى' أو أن المبالغة جاءت ممن وثقوا زيارته الشهيرة للقبو، فقد نقلوا أنه قال: 'ذهبنا إلى شارلمان، ولم يكن مستلقيا كما الأموات، بل كان يبدو كما لو كان جالسا متوجا بتاجه الذهبي وفي يديه الصولجان'. لكن يظهر أن عظام شارلمان لم تكن الوحيدة المدفونة في القبو، فقد كان فيه غيرها لآخرين أيضا، لذلك لم يعد معروفا أي منها هي رفاته، وقد عثرت 'العربية.نت' على تقرير نشرته في 2010 مجلة 'در شبيغل' الألمانية، عن أضرحة وقبور لمشاهير يصعب معرفة مكانها، كالاسكندر المقدوني مثلا، وشارلمان الذي ذكر تحقيقها أن الباحثين 'فشلوا بالعثور على رفاته بالكاتدرائية بعد جهود دامت 3 قرون'، وقالت إنه منذ الإمبراطور أوتو الثالث 'لا أحد يعرف أين قبر مؤسّس أوروبا' وفق تعبيرها. وعودة إلى العظام، فبين من شاركوا بدراسة عظام شارلمان، بروفسور شهير اسمه فرانك روهلي، وهو من جامعة زوريخ السويسرية، وكان هو من أعلن عن هوية صاحب الرفات، فذكر أنه: 'بفضل نتائج (أبحاث وتجارب) منذ 1988 حتى اليوم، نستطيع بترجيح كبير أن نؤكد بأننا نتعامل مع الهيكل العظمي لشارلمان' كما قال. وكان الفريق العلمي أجرى أبحاثا وفحوصات بشكل خاص على عظام الفخذ والساق والعضد لمعرفة طول صاحبها وبنيته الهيكل- عظمية، والتي تطابقت تماما مع أوصاف الإمبراطور الشهير، فاتضح أن طوله كان 1.84 سنتيمترا، ونحيلا وزنه 78 كيلوغراما، وهو ما تطابق تقريبا مع ما كتبه بعض المؤرخين بأن طوله كان بين 1.79 و1.92 سنتيمترا. وهناك مؤرخ مهم استند إليه الفريق العلمي، وهو 'اينهارت' الفرنسيسي الجرماني، وكان من حاشية الإمبراطور وتوفي في العام 840 واشتهر بتأليفه كتابا عن سير مشاهير القرون الوسطى، وأهمهم شارلمان بالذات، فقد كتب عنه بأنه كان يعرج بمشيته في سنوات حياته الأخيرة، وهو ما اتضح من فحص العظام أيضًا. كما عثروا على آثار لإصابات في عظام الملك، لكنهم لم يعثروا بعد على دليل يؤكد وفاته بالتهاب رئوي، ولا على آثار تؤكد تصرفات 'حميمة' اشتهر بها الإمبراطور الذي سحره هارون الرشيد بساعة من صنع العرب.