القاهرة ـ العرب اليوم
قال الدكتور عبد الحليم نور الدين، أستاذ آثار ورئيس إتحاد الأثريين المصريين، دائمًا كان الناس في أوروبا يسألونني، هل المصريون عرب أم فراعنة؟ وهو سؤال ليس له معنى. جاء ذلك خلال ندوة حول "التاريخ والهوية" ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الــ45، بحضور الدكتورة زبيدة عطا، والدكتور عبد الحليم نور الدين أستاذ آثار ورئيس اتحاد الأثريين المصريين. وأشار نور الدين إلى أنه يجب التوقف عن استخدام كلمة نحن فراعنة، فنحن جميعا تحت المظلة العربية، ولكن لنا خصوصيتنا، ونستخدم كلمة فرعون وفراعنة بشكل لا يلق بنا، وهي كلمة تشير إلى الجبابرة، وهذا أيضا غير صحيح، وإنما هي تعني البيت الكبير مثل البيت الأبيض ونحن الآن لسنا بحاجة إلى هذه الكلمة. وأضاف نور الدين، أننا لا بد أن نحدد ما هي الهوية فهي سمات لمعتقدات ومجموعة من التقاليد والمثل التي تكون شخصية الإنسان، مؤكداً أن في ظل فترات الأزمات تتفاعل جميع المكونات لتشكل الهوية التى تدل على الانتماء. وأشار نور الدين، إلى أن العظمة المصرية والمكونات التي منحت للأرض والإنسان ثم خرج منها الجنس المصري الذي له تقاليد ومعتقدات نختلف بها عن غيرنا. وأوضح نور الدين، أن السمات الشخصية المصرية تنشأ من الظروف البيئية وتلعب دوراً مهما في هذه البلاد، فمصر عرفت بعدة أسماء ولكنها في النهاية انتهت إلى مصر والله حمى هذه البلاد. وأشار نور الدين، إلى أن نهر النيل له دور كبير في تشكيل الشخصية المصرية، وهناك من يقول، إن مصر هبة النيل، ولكن مصر هبة الإنسان المصري، لأن النيل لا يصنع حضارة مثل ما صنعه الإنسان المصري، وإذا كانت مصر هي هبة النيل، فأين حضارات البلاد التي يمر بها النيل، وكلمة النيل ليست عربية وقد حرفت فى القبطية إلى يارو وتعني ذات النهر العظيم. كما أكد نور الدين، أن المناخ أيضاً لعب دورًا كبيرًا في تكوين الشخصية المصرية التي نجحت في بناء المؤسسات ونظام إداري بارع ونجحت في كثير من العلوم، كما آمن المصري بالاتصال بالعالم الخارجي في ظل تبادل العلاقات ونجح المصري في تحقيق العدالة الاجتماعية، وكل المفردات التى تتداول في مجتمعنا الآن جاءت من الحضارة القديمة. وقالت الدكتور زبيدة عطا، عميد كلية الآداب جامعة حلوان السابق، مع بدايات العصر الحديث ووجود أجانب في مصر بدأت تظهر اتجاهات معينة في مصر تشكل الهوية. وأكدت زبيدة، أن الشخصية المصرية على طول تاريخها تتميز بالوسطية، وليس العنف من سماتها، وفي وجود ضغط يظهر العنف ومع زوال هذا العرض ترجع إلى طبيعتها مرة أخرى وهي الوسطية. وأشارت عطا إلى أن الدين لعب دورًا أساسيًا في العصور السابقة، وذاكرة الإنسان تحوي كل الحضارات السابقة ومعظم العبارات جاءت من الحضارة الفرعونية وهذا دليل التواصل والترابط. واستشهدت عطا بعبارة لجمال حمدان وهو يقول "المصرى يستوعب الأجنبي ويخرج منه طبعة مصرية". وتابعت وفكرة الخلافة من قبل كانت موجودة، وهناك بعض الناس كانوا يرون أن مصر لا تستطيع أن تسير بدون الخلافة، فيجب علينا معرفة طبيعة العصر الموجود، ومع بداية عصر التنوير خلال حكم محمد على باشا، حينما كان يقوم بإرسال بعثات للتعليم بالخارج والتطوير، وبعد ذلك في عهد إسماعيل، كان هناك تداخل كبير مع العنصر الأجنبى وأصبحنا مطمعا للأجانب، وكانت توجد شركات استثمار كثيرة داخل مصر ومعظمها من اليهود. وأضافت عطا، أنه مع بدايات القرن العشرين، كان لمصر بعد متوسطى وإفريقى وبعد عربى حول آسيا وبدأت فكرة الهوية المصرية، وجاء الشيخ محمد عبده الذى كان يتميز بالوسطية، ثم جاءت جماعة الإخوان المسلمين المتشدة. وأوضحت عطا أن ظهور الكثير من التيارات منها التيار العروبي، وهو تيار يدعو للعروبة وتزعمه عبد الرحمن عزام، رئيس الجامعة العربية آنذاك، والتيار الشيوعي وبدأ بمجموعة من الأجانب ثم انتقل إلى المصريين وظهر من خلال سلامة موسى، وظهرت له صحف وكانت توجهاته إلى الرأسمالية العمالية وكان يطالب بحقوق العمال التي وصلت إلى حد الفقر، وجاءت حركة حسن البنا لتكوين جماعة الإخوان وكونت التنظيم الخاص. وأكدت عطا أن التيارات جميعها حاولت استقطاب الناس والمصريين، ولكن المصريين كان لهم هدف أساسي وهو طرد الاستعمار الإنجليزى في تلك الفترة، وفي خلال تلك الفترة نظمت مجموعة لمقاومة الاستعمار وبدأت حرب 48 وانتهت بالهزيمة. وتابعت وبدأ بعد ذلك تيار قوي داخل الجيش بعد حصار الفالوجة، وبدأ تنظيم الضباط الأحرار وكان لهم تكوين سياسي معين، وأصبح عبد الناصر زعيم القومية العربية وكان ولاء أفريفيا في فترة جمال عبد الناصر لمصر. وأكدت عطا أن في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات ظهرت القومية الوطنية وفي عصر مبارك لم توجد قومية عربية ولا وطنية قومية ولا مشروع قومي.