استجابة للحاجة الى تطوير مقاربة وطنية تجمع المؤسسات الحكومية والجمعيات والمنظمات غير الحكومية في شؤون الطفل أقامت وزارة الثقافة الخميس ورشة عمل بعنوان "الإستراتيجية الوطنية لثقافة الطفل" وذلك في قاعة رضا سعيد بجامعة دمشق. وتأتي أهمية هذه الورشة من ضرورة تشكيل فريق عمل وطني لإعداد مشروع استراتيجية وطنية لثقافة الطفل يقيم الفعل الثقافي الموجه للطفل ويحدد نقاط القوة والضعف وفرض التطوير والتحديات التي يواجهها. وتعتبر هذه الخطوة جزءا من استراتيجية وزارة الثقافة في توجيه خطاب ثقافي لأطفال الوطن يساهم في بناء جيل متوازن نفسيا وذهنيا واع لطبيعة دوره الفاعل اجتماعيا ووطنيا وإنسانيا يعمل على تنمية طاقاته وقدراته في مختلف المجالات. وقالت الدكتورة لبانة مشوح وزيرة الثقافة في كلمة لها خلال افتتاح الورشة "إن التحدي الأكبر الذي نواجهه في إعادة الإعمار هو إعادة بناء الانسان المواطن المتوازن فكرا وروحا والواعي لحقوقه وواجباته والمحب لمن حوله". ولفتت مشوح إلى أن الأطفال هم الفئة الأكثر تضررا في الأزمة لأنهم رأوا من القبح ما سيعلق في ذاكرتهم وسمعوا ما لا يصح لهم أن يسمعوه فكان لا بد من إيلاء الخطاب الثقافي الموجه لهم عناية خاصة في الأزمة وما بعدها معتبرة ان بناء ثقافة الطفل هو السبيل لبناء ثقافة مجتمع بأكمله إن أحسنا تطبيقها ضمن بناء ثقافة ترتقي بالوطن قيما ومفاهيما وسلوكا. وأشارت وزيرة الثقافة الى ضرورة التواصل مع شركاء حقيقيين في التوعية الوطنية للخروج بتوصيات نستكمل من خلالها الإستراتيجية الوطنية لثقافة الطفل والتي لن تكون إلا خطوة أولى لبداية طريق طويل مع الالتزام بخطواتها والتغذية الراجعة لتقييم الاستراتيجيات وصولا الى أفضل النتائج. وقال وزير التربية الدكتور هزوان الوز في تصريح للصحفيين "إن كل الجهود تستنفر في الزمن الصعب وسورية الآن تعيش بمحنة الحرب" لافتا إلى "أن دور وزارة التربية هو بناء الأبناء ليبقى الوطن" ولا شيء كالثقافة بالنسبة للأبناء فبالثقافة نصون هويتهم ونحافظ عليها ونرسمها" وأشار الوزير إلى ضرورة العمل على ترشيح ثقافة الانتماء للوطن وقال "أن الوزارة ستعمل على ترسيخ ثقافة الانتماء للوطن وتعزيزها لتصبح سلوكا في الوطن والإنسان". بدوره عرض الدكتور وضاح الخطيب مدير الهيئة العامة السورية للكتاب خطوات مشروع الإستراتيجية مشيرا الى ان موجباتها هي إيجاد خطاب ثقافي موجه لأطفال الوطن يشكل استجابة لحاجة الوطن في بناء جيل واعد متوازن نفسيا وذهنيا مع الأخذ بالحسبان ظروف المرحلة التاريخية وتنمية قدراته الاطفال وطاقاتهم في مختلف المجالات بما يعطيهم أساسات سليمة إضافة الى إيجاد فعل ثقافي متعلق بثقافة الطفل مع تحليل شامل لنقاط الضعف والقوة والتحديات والنواحي النظرية والعلمية. ولفت الخطيب الى أن الإستراتيجية تعتمد على الاستفادة من التجارب الوطنية الأخرى سواء أكانت حكومية أم غير حكومية لتنفيذها. وحدد الخطيب أهداف الإستراتيجية بمجموعة من النقاط تشمل بناء جيل واعد متمسك بهويته وتعزيز ثقافة الوحدة الوطنية والمواطنة وبناء فكر النقد الإيجابي مع تعزيز الإيمان بثقافة الطفل ولغته العربية والانتماء الثقافي والحضاري والانفتاح على الثقافات والشعوب الأخرى ورعاية المواهب الواعدة. وتضمنت الورشة عدة محاور شملت رعاية مواهب الطفل وتنميتها ومتابعتها في كل المجالات وتعزيز ارتباط الطفل بهويته وثقافته وباللغة العربية إضافة إلى غرس حب العمل التطوعي لدى الطفل وتعزيز ثقافة المواطنة والوحدة الوطنية لديه وتوعيته تجاه القيم الوطنية والحضارية. وفي محور رعاية مواهب الطفل وتنميتها ومتابعتها في كل المجالات أشار مستشار وزير التربية علي ناعسة الى ان نقاشات الورشة في هذا المحور توصلت الى إجراءات للعمل على رعاية المواهب في كل المجالات للوصول الى المتميزين ليتم التواصل مع أهلهم وجهات أخرى لتقديم مكافآت ومنح لرفع سويتهم المعرفية مؤكدا على ضرورة ان يتواكب ذلك مع خطة إعلامية ليكون لدينا إعلام سابق ومواكب ولاحق والتركيز على أن تكون الثقافة وسيلة لتحرير الإنسان وليس لتقييده. الدكتور جهاد بكفلوني مدير التاليف في وزارة الثقافة تحدث عن أهمية الاهتمام باللغة لأنها عامل اساسي من عوامل التطور ووعاء يحوي ماضيها وحاضرها مشيرا إلى أن العلاقة بين الثقافة واللغة علاقة وطيدة الوشائج فالمدرسون برأيه ليسوا على المستوى المطلوب وباتو عاجزين عن إيصالها لمتلقيها الأساسي وهو الطفل فالطفل خلال دراسته يتلقى اللغة وقيم ومبادئ ثقافية تعلمه الانتماء للوطن والحفاظ على الفسيفساء الرائعة التي عرفها المجتمع السوري عبر مراحله التاريخية المختلفة. من جهته لفت الدكتور جمعة حجازي عضو الهيئة التدريسية في المعهد العالي للدراسات والبحوث السكانية إلى أن الورشة ناقشت الاتفاق على وضع رؤية لقطاع الثقافة والهوية فيما يتعلق بثقافة الطفل و كيفية رؤية الطفل السوري مستقبلا واشتقاق أهداف عامة ومحددة من هذه الروءيا وكيفية الوصول إلى طفل مبدع ومنفتح وخلاق وقادر على أن يكون ضمن قيم الأسرة والعائلة على أن نشتق من هذه الأهداف سياسات على المستوى الوطني. أما عفيف دلى مدير ثقافة دمشق فتطرق إلى نشر وتعزيز ثقافة التطوع للوصول الى تحديد روءية عامة تصلح أن تكون مشروع الاستراتيجة للوصول إلى طفل يخدم أسرته ومجتمعه ووطنه إضافة إلى نشر ثقافة التطوع وتوجيه الإعلام للتركيز على دور الطفل في المجتمع ودور أسرته في توجيهه على المشاركة وبناء شراكات بين وزارة التربية والجهات المعنية ووضع درجة اعمال سنوية لمشاركة الطفل بالمبادرت ونجاحه فيها. وفي محور تعزيز ثقافة المواطنة والوحدة الوطنية لدى الطفل تناول توفيق الإمام معاون وزيرة الثقافة أهمية احترام الآخر المختلف والمساواة بالحقوق والواجبات وتكافوء الفرص وتوعية الطفل والمجتمع بحقوقه. وحث الإمام على اقتراح آليات تتعدل وفق كل جهة من الجهات المنفذة واعادة صياغة مقرر التربية الدينية بما يكفل عدم التمييز وتحليل مضامين المناهج التربوية وتعديل ما هو وارد من إشارات وايماءات للاختلاف اضافة الى توسيع مرحلة التعليم الإلزامي ليشمل المرحلة التحضيرية ومعالجة مسالة إهمال الأنشطة الصفية. وفي محور التوعية تجاه القيم الوطنية والحضارية تحدثت دانيا العشي المديرة التنفيذية لمشروع مسار مشيرة الى ضرورة وجود خطة واضحة للإستراتيجية الوطنية من مدة زمنية وميزانية واضحة ومعرفة عمر الاطفال الموجهة اليهم وتقسيمهم إلى شرائح ووجود فريق وطني يقوم بعملية التقييم بالتعاون مع الجمعيات المتخصصة. واكدت العشي ضرورة خلق طفل واع وملتزم وفاعل بالمجتمع ورعاية القدرات المتميزة اضافة الى تعزيز مواهب الأطفال وتفعيل الانشطة اللاصفية وإعادة النظر بالتربية الدينية. حضر ورشة العمل ممثلون عن وزارات التربية والاعلام والشؤون الاجتماعية والبيئة و ممثلون عن الهيئة السورية لشؤون الأسرة ومنظمة طلائع البعث واتحاد شبيبة الثورة والأمانة السورية للتنمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف.