كنائس تاريخية ومقامات دينية، بيوت وآبار، أنقاض حضارات ومقابر، وقصص متناقلة تفيد بأن حياة كانت في سنجل منذ زمن. العديد من الروايات تناقلها سكان سنجل حول قصة بئر القرية 'بئر يوسف'، وهي التي ألقي فيها يوسف عليه السلام، حكاية حملت من جيل إلى جيل لآلاف السنين تشير إلى أن البئر التي تقع في مركز البلدة القديمة تعود إلى الرواية التاريخية المعروفة عن النبي يوسف. مدير آثار محافظة رام الله والبيرة صالح طوافشة يرجح أن الدلائل التاريخية التي تؤكد أهمية سنجل ومكانتها التاريخية في عدد من العصور، تشير إلى إمكانية أن تكون قصة بئر يوسف في سنجل حقيقية، واعتبر أنه لا يمكن البت في حقيقة البئر إلا عبر عمليات الحفر والتنقيب والفحص الأثري للتأكد من صحة رواية أهالي القرية أو تفنيدها. وأضاف طوافشة 'إن الدلائل الموجود في القرية تعود إلى الفترة البرونزية (العهد البرونزي المبكر) 3200-1200 ق.م، وتدل بقايا الآثار على أن سنجل اشتهرت في الفترة الرومانية والبيزنطية، وأنها كانت مأهولة بالسكان'، مشيرا إلى أن معظم المصادر التاريخية ذكرت فيها سنجل، وأشارت إلى أن البئر التي ألقي فيه يوسف عليه السلام تقع في القرية. وأشار طوافشة إلى أن تاريخ القرية يبين أنها احتلت مكانة اقتصادية وأمنية عبر التاريخ فخلال الحرب الصليبية شيدت فيها قلعة كبيرة لأهمية موقعها الذي يربط بين الشمال والوسط، وكانت خلال الحكم العثماني تحقق مبالغ خراج 'ضرائب' أكبر من غيرها من القرى. من جانبه يقول مدير عام الآثار في وزارة السياحة والآثار حمدان طه، 'إن الوزارة تأخذ القصص المتناقلة في الذاكرة الشعبية والمعتقدات الدينية كما هي، ولا تخضعها للبحث، معتبرا 'أن القصة الدينية التي يشار فيها لبئر أو جب يوسف احتلت جزء من التاريخ الشفوي لبلدة سنجل'. وأشار طه إلى أن الوزارة تضع مشاريع تأهيل المباني التاريخية ضمن أولوياتها، وتولي اهتماما للكشف عن تاريخ البلدة ومحاولة استكشاف كل ما يتصل بتراث وتاريخ القرى والمدن الفلسطينية لأهميته في كتابة التاريخ الفلسطيني. ويروي رئيس بلدية سنجل أيوب سويد 'أن سنجل من البلدات القديمة في فلسطين التي تناقل الأجيال فيها القصص والروايات التاريخية التي ارتبطت بالجانب الروحاني والديني، وشكل مقام 'أبو العوف'، و'الشيخ صالح'، و'الشيخ عمر' و'الكنيسة' التي بنيت خلال الاحتلال الصليبي والتي حولت إلى مسجد في عهد صلاح الدين الأيوبي و'بئر يوسف' جزء من هوية أبناء القرية'. وأضاف سويد، 'روايات الأجداد تؤكد أن يوسف عليه السلام تم إلقاؤه في هذه البلدة، وأن البئر الموجودة في سنجل تحمل نفس الصفات التي وردت في الرواية الدينية من حيث وجود سرداب داخل البئر ووجود شارع في البلدة يحمل اسم 'شوريا'، الذي يعتقد أنه تم التشاور فيه بين الإخوة على إلقاء يوسف، و'وادي دادوه' الذي سلكه إلى البئر. وأكد أن أهالي القرية باتوا متخوفين من خسارة ما يحمله باطن الأرض من آثار لم يتم اكتشافها للحضارات السابقة، بسبب المد الاستيطاني الذي تعاني منه القرية، والذي ضم ما يزيد عن 70% من أراضي القرية إلى المستوطنات المجاورة. وذكر سويد أن قلة إمكانيات وجهل أهل القرية في الماضي، ساعد على طمس الأماكن الأثرية مثل الكنيسة 'المسجد حاليا' والتي قاموا بترميمها بشكل غير مناسب، مشيرا إلى الجهد الذي يقوم به سكان القرية الحريصون على حماية آثار أجدادهم، والذين شكلوا فرقا لمراقبة المقامات والأماكن الأثرية في حال دخول المستوطنين من البؤر الاستيطانية المحاذية لسنجل. مؤكدا أن المستوطنين يعمدون إلى زيارة مقامات، وأنهم سجلوا سرقة لبعض الأحجار من المقامات الموجودة في أطراف القرية. من جانبه قال المزارع فتحي شبانة، إن حكاية بئر يوسف بالنسبة لأهالي القرية ليست مجرد حكاية، بل هي جزء من تاريخ القرية وذاكرة المكان وفلسطين. الجدير بالذكر أن 'سنجل' التي تتبع إداريا لمحافظة رام الله والبيرة، تعود تسميتها إلى قائد الحملة الصليبية ريمون دي سانت جيل. ولم تكن القرية الفلسطينية الوحيدة التي تردد في شوارعها قصة بئر يوسف، بل تشاركها قرية تل دوثان بالقرب من عرابة في محافظة جنين القصة، ويحمل سكانها القصة المروية ذاتها عن أن بئر القرية هي التي ألقي فيها يوسف عليه السلام.