مع ان البلجيكي ادولف ساكس اعطى اسمه لالة الساكسوفون وهي اختراع احدث ثورة في عالم الموسيقى ولا سيما في مجالي الجاز والبلوز، الا انه غير معروف من الجمهور العريض... وينظم في بروكسل معرض يفيه حقه بعد 200 عام على ولادته. ولد ادولف ساكس في مدينة دينان على ضفاف نهر "موز"، في السادس من تشرين الثاني/نوفمبر من العام 1814، وهو نجا من عدة حوادث مميتة، كالغرق والسقوط من اعلى سلم، وابتلاع طلاء كان والده يستخدمه في عمله الحرفي. ولو لم يلطف القدر بأدولف في أي من تلك الحوادث، لكانت البشرية حرمت على الارجح من آلة الساكسفون التي تركت بصمات لا تمحى في الثقافة الشعبية للقرن العشرين. وشهدت آلة الساكسفون و"ابنة عمها" آلة الساكسهورن اولى انطلاقاتها منتصف القرن التاسع عشر في فرنسا، ولاسيما بفضل الموسيقى العسكرية. في العام 1842، انتقل ساكس الى باريس، وذلك بعدما بنى شهرة واسعة له في مجال تصنيع الآلات الموسيقية، وهناك انشأ مشاغل لصنعته. وفي العام 1845، شارك في مسابقة نظمها الجيش الفرنسي الذي كان يرغب في اجراء تعديلات على النمط الموسيقي السائد في الموسيقى العسكرية آنذاك، وفاز ساكس بالمسابقة بفضل آلاته ذات الصوت المرتفع، متفوقا على منافسه الملحن الايطالي ميشال كارافا. وجرت هذه المنافسة امام عشرين الف متفرج، وانتهت بتربع ساكس على عرش تصنيع الالات الموسيقية العسكرية، على حساب منافسيه الفرنسيين. وفي العام 1846، تقدم ساكس للحصول على براءة اختراع لآلة موسيقية جديدة آنذاك هي الساكسفون، والتي اثارت اعجاب المؤلف السمفوني الفرنسي هكتور برليوز. لكن هذه الآلة والآلات النحاسية التي صممها ساكس لم تجد طريقها بسهولة الى المؤلفات الكبرى للموسيقى الكلاسيكية، بل تطلب الامر وقتا قبل ان تدخل شيئا فشيئا الى الفرق الموسيقية التابعة لدور الاوبرا، على غرار آلة الترومبيت (البوق) التي صممت في العام 1880 خصيصا لاوبرا عايدة للمؤلف الايطالي فيردي. وعانت آلة الساكسفون من رفض الموسيقيين التقليديين في الفرق الاوركسترالية لها، تجنبا لعبء التعلم عليها واتقانها، وايضا لارتباطها في الأذهان بالموسيقى الشعبية، وخصوصا موسيقى الجاز التي ارتبطت بها وأكسبتها شهرتها العالمية الواسعة. ويمكن التعرف الى حياة ادولف ساكس واختراعاته الموسيقية المتعددة بفضل معرض "ساكس 200" المقام في متحف الآلات الموسيقية في العاصمة البلجيكية. ويمكن لزوار المعرض، بالاستعانة بجهاز آلي مرافق لزيارة المعرض يوضع على الاذن، التعرف على نحو 200 آلة تحمل توقيع ساكس، وعلى اقدم آلة ساكسفون صممها، وهي آلة باريتون يعود تاريخ صنعها الى العام 1846، اضافة الى آلة ساكسفون تينور تحمل الوان العلم الاميركي قدمت الى الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون في العام 1994، وآلة ترومبون ذات ثلاثة عشر بوقا. ويستمر معرض "ساكس 200" حتى كانون الثاني/يناير من العام 2015.