أكد الناقد الدكتور يسري عبدالله، أستاذ الأدب الحديث والنقد بكلية الآداب، جامعة حلوان أن الشاعر اللبناني أنسي الحاج يعتبر أحد الآباء المؤسسين لشعرية قصيدة النثر، وقد بدا صوته الشعري حاضرا في الوجدان العام للشعرية الجديدة، ومؤثرا أساسيا في تشكيل ذائقة عدد كبير من الشعراء، ليس في لبنان وحدها، ولكن في العالم العربي جميعه. وأضاف عبدالله أن أنسي كتب دواوين "لن"، و"الرأس المقطوع"، و"ماضي الأيام الآتية"، و"ماذا صنعت بالذهب، ماذا فعلت بالوردة؟"، و"الرسولة بشعرها الطويل حتى الينابيع"، و"الوليمة"، فضلا عن جهد بارز في الترجمة لتنويعات مختلفة من المسرح العالمي تضم نصوصا لشكسبير، وكامو، ويونيسكو، وبريخت وغيرهم، وكان لدوره المؤثر مع رفاقه في مجلة "شعر" أثر بالغ في التكريس للشعرية الجديدة ولفت الأنظار إليها. وأشار إلى أن أنسي الشغوف بالموت، الشغوف بالحياة، المدرك أن ثمة ضفافا أخرى للعالم دائما، هو عنوان أصيل على المغامرة الجمالية في الشعر، والقدرة الفائقة على الإدهاش، روح شعرية وثابة ومتجددة تعي أن الشعر حياة موازية، لكنها أكثر جمالا، وأقل قسوة: "أي جلد يستوعب هذه الروح؟"، روح الشاعر والشعر معا، أنسي الحاج الذي تأبى نصوصه على الموت والنسيان، والقادرة على البقاء لا بفعل المغامرة والإدهاش فحسب، ولكن بولعها بالوجود، وإعادة صوغه جماليا من جديد. ورأى في رحيل أنسي الحاج خسارة حقيقية وكبيرة للشعرية الجديدة، وأنسي نفسه استشرف النهاية من قبل: "إن يومي سريع وحياتي قليلة/ والكلمات عجوز والنهر بطيء/ وحبي يجرفني كالسيل/ والعالم وعاء مقفل".. ولكن سيبقى أنسي الحاج دوما في الذاكرة الجمعية للشعر العربي مؤسسا ومطورا لقصيدة النثر في آن.