نظمت كلية الحقوق والعلوم السياسية الفرع الفرنسي في الجامعة اللبنانية، الجمعة في حرمها في الجناح، محاضرة بعنوان "مدخل الى الاستراتيجية الجيوسياسية الحالية"، تحدث فيها الكولونيل الفرنسي بيار - هنري اوبري، وذلك في اطار التعاون العسكري الفرنسي مع الجيش اللبناني، في حضور مدير الفرع الاول للكلية الدكتور غالب فرحات، مدير مركز المعلوماتية القانونية الدكتور محمود رمال، قائد كلية فؤاد شهاب للقيادة والاركان العميد الركن علي مكي ووفد من الكلية وعدد من الاساتذة والطلاب في كلية الحقوق. بعد النشيد الوطني، قدم للمتحدثين عضو الهيئة التنفيذية في رابطة الاساتذة المتفرغين في الجامعة الدكتور عادل خليفة، ثم تحدث عميد كلية الحقوق والعلوم السياسية والادارية في الجامعة اللبنانية الدكتور كميل حبيب، مشيرا الى ان "الجيش وكل الشعب المقاوم كتب الوطن بدم الشهادة"، موضحا أن اللقاء هو "لمناقشة الاستراتيجية السياسية، والسياسة ابنة التاريخ والتاريخ ابن الجغرافية والجغرافية لا تتغير وجغرافيتنا تتصارع بين الارهاب التكفيري من جهة والصهيوني الالغائي من جهة اخرى وسننتصر بسيوفنا وبأقلامنا وبتحقيق مبدأ المواطنة محل الطوائف". ثم تحدثت مديرة الفرع الفرنسي للكلية الدكتورة دينا المولى، لافتة الى اوجه الشبه بين مهمة الجيش والكلية في رفع تحدي ترسيخ القيم الانسانية، مؤكدة "دور الجيش في تأمين الامن الذي هو في اساس انتظام عمل الدولة ومؤسساتها وضامن أمن المواطنين وحريتهم، فضلا عن انه يمثل المؤسسة الوطنية البعيدة عن الطائفية والمذهبية وعن النزاعات السياسية". ورأت ان "الاستراتيجية هي خيار وعلم في اتخاذ القرار، وهي فن الحكم والقيادة بهدف الوصول الى الاهداف المحددة، وهي فن توزيع الوسائل العسكرية وتوظيفها بغية تحقيق الاهداف السياسية". واشارت الى ان كلية الحقوق والعلوم السياسية الفرع الفرنسي، "في ضوء العولمة التي غيرت كل المعتقدات، ترفع تحدي الدفاع عن روح المسؤولية الجماعية والعمل الجماعي في ممارسة تضامنية مسلكها احترام القانون وارساء مواطنية حقيقية"، مشددة على "دور الجامعة وقناعتها في ارساء حوار بين المواطنين بهدف تضييق المسافات التي تباعد بينهم ثقافيا وتؤدي الى نشوء اختلافات في نظرتهم الى مفهوم المواطنية"، معتبرة ان "كل هذه الاسباب وغيرها تفرض وضع استراتيجية تضمن الترويج لمفهوم العدالة وتأمين حماية الحريات". وبعد ان قدم رئيس قسم الدراسات في كلية فؤاد شهاب للقيادة والاركان العقيد حسن جوني لمحة عن الكلية، تاريخها وبرامجها وموقعها في التعليم العسكري، تحدث اوبري عن تاريخ الاستراتيجية واختلاف مفاهيمها والنظرة اليها من اوروبا الى بلدان الشرق وتطور هذه المفاهيم عبر العصور. واشار الى ان "مفهوم الاستراتيجية قابل للنقاش، وهي فن طرح أفكار وخطط تؤدي الى تحقيق هدف محدد"، موضحا ان "الاسس لوضع الاستراتيجيات قائمة على الجانب الفطري في الشخص وعلى النشاط الذهني والمعرفة العلمية والافادة من خبرات الاخرين وتجاربهم"، مؤكدا ان "فقدان اي من هذه العناصر يؤدي الى الفشل". وحدد 3 مستويات عمل "ينظر اليها العسكريون في موضوع الاستراتيجية هي: المستوى الاستراتيجي او الفكري وهو يتعلق برسم الاحداث، المستوى العملي ويتعلق باطلاق عمليات للتنفيذ والمستوى التكتيكي ويتعلق برسم خطط عملانية على الارض". وتحدث قائد كلية فؤاد شهاب للقيادة والاركان العميد الركن علي مكي شاكرا اوبري على ما قدمه من معلومات غنية ووافرة عن الاستراتيجية ومتوجها الى الطلاب بالقول: "لا يوجد للاستراتيجية تعريف موحد وواضح، هي مقاربات، والمعروف والمتفق عليه انها في استخدام القوة والامكانيات". وقال: "لن اتناول الاستراتيجية على المستوى العسكري وانما على المستوى المدني، فالاستراتيجيات تبنى وفقا للتحديدات والمواقف وليس فقط في حالة الصراع وانما ايضا في حالة السلم". اضاف: "على مستوى الجمهورية اللبنانية، هناك نقص هائل في رسم استراتيجيات على مستويات عدة للقطاعات الاقتصادية والحياتية، مثل المياه التي تسبب حروبا كثيرة، فهل هناك من يتحدث عن استراتيجية تحفظ الثروة المائية في لبنان"، مؤكدا ان "الاستراتيجيات ترسم وفقا لدراسات القوى التي لها وجهة واستخدام عسكري، اضافة الى الامكانيات التي تشمل الوسائل والموارد. فالوسائل هي الامكانية الموجودة اي ما يعرف لمرة واحدة، في حين ان الموارد تشكل كل ما هو متجدد". واعتبر مكي ان "الطلاب هم الامل والمرتجى ومستقبل لبنان"، متمنيا عليهم ان "يفكروا باستراتيجيات أينما كانوا في سدة القرار، ويفكروا بلبنان وسلامته لمستقبلهم ومستقبل عائلاتهم في ما بعد"، وقال: "من الضروري ان يتحدى الشباب جو الانقسام والطائفية الموجود حاليا ويفكروا برحاب الوطن وكيفية الحفاظ على البلاد ورجم كل من يحدثهم بالطائفية". واشار الى انه يتم البحث "في ادخال مادة الاستراتيجية لتدريسها في مناهج الجامعات في لبنان"، مؤكدا "التعاون الوثيق بين الجامعة اللبنانية وقيادة الجيش وعلى مقولة رئيس الجامعة اللبنانية عدنان السيد حسين في ان الجامعة هي الجيش الثاني للبنان، كونها تضم كل الطوائف والمناطق. ونوه بالتوأمة بين المؤسستين، فغالبية الاساتذة الذين يدرسون في كلية فؤاد شهاب للقيادة والاركان هم من الجامعة اللبنانية". وختم بالقول: "كوننا متعلمين، فنحن ملزمون بتقديم الافضل لانفسنا ومجتمعنا ووطننا".