قال رئيس مجلس الأعيان الدكتور عبد الروؤف الراوبدة ان الأردن هو أوثق الأقطار العربية ارتباطاً بفلسطين، فهو الأقرب لها من حيث التاريخ والحدود والعلاقات والمصالح والتداخل السكاني، علاوة على روابط العروبة والدين حتى يصح القول أنهما وحدة حضارية واحدة. واضاف الروابدة في محاضرة له بعنوان (الأردن وفلسطين: شعبان وتاريخ مشترك) القاها في جامعة التا الهنغارية امس الخميس ان البلدان عاشا على مدى التاريخ في إطار دولة واحدة، وشهدا الدول الغازية نفسها، وامتزجا في وحدات إدارية عابرة لإقليميهما،لافتا الى التشابه الكبير في العادات واللباس والأغاني واللهجات والتمازج بين العائلات . وعرض للدور الاردني في دعم القضية الفلسطينية عبر المحطات التاريخية باعتباره سردا للحقائق لمن يجهل أو يتجاهل، وليس تعبيراً عن كرم أو منّة ، فالإنسان لا يمنّ على نفسه لان فلسطين منّا منذ الأزل وقضيتها هي قضيتنا إلى أن تتحرر وتقرر مصيرها وتقيم دولتها المستقلة وعاصمتها القدس ، ثم تبقى بعد ذلك قضيتنا في نسج علاقة مثلى معها . واشار الى الدور البارز للأردن والأردنيين في القضية الفلسطينية منذ بداياتها، حيث شارك الاردنيون في كل معاركها، وتحملوا الجزء الأكبر من عبئها وتبعاتها عن طيب خاطر باعتبار ذلك واجباً قومياً ودينياً ، مشيرا الى انه قد جرى غمط هذا الدور لفترة طويلة بل وفي أحيان عدة تشويهه والتشكيك به والتطاول عليه، وهو أمر تأذى منه الشعور الوطني الأردني. واكد ضرورة إعطاء هذا الدور حقه في التقدير حمايةً لمستقبل واحد نريده معاً أن يكون نموذجاً للأمة التي تعيش الإحباط وتعاني الصراعات الهامشية ويحاول البعض إلقاء التبعة على البعض الآخر خصوصا ونحن على أبواب تحولات تاريخية مستقبلية . وبين ان الدور الأردني في القضية هو التزام وطني وقومي، ولا يقيس الأردن هذا الموقف بحسابات الربح والخسارة فنحن نربح عندما يربح أشقاؤنا، لافتا الى الدور الذي يؤديه جلالة الملك المعظم في هذا المجال والذي يخترق كل المحافل والميادين، كما انّ دوره بالدعم الأردني للأخوة في الضفة والقطاع لا يتطاول إليه دور. وقال ان الدولة الفلسطينية قائمة بعرفنا واعترافنا وهي صاحبة الحق في اختيار نظامها وبرنامجها، ويجب أن يكون تعاملنا الرسمي مع الجهة التي تتولى السلطة فيها بغض النظر عن توجهاتها السياسية ، مؤكدا ان الوحدة الأردنية الفلسطينية قدر ومصير، وهي متحققة حالياً إنسانياً وإجتماعياً ومصالح، أمّا تحققها سياسياً فيجب أن يجري البحث بمعطياتها عند قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على أرضها وشعبها باسترجاع الحق من إسرائيل واعتراف العالم بذلك. وشدد على اهمية الوحدة الوطنية الأردنية كعنصر القوة الأساسي في أمن الأردن واستقراره والتصدي للأهداف الإسرائيلية بنقل الصراع إلى المجتمعات العربية، وهي الضامن لسيادة القانون والعدالة للجميع، وتكون بالتالي خطاً أحمر يدان من يتجاوزه رسمياً وشعبياً مهما كانت المظلة التي يتفيؤها ، موضحا ان الوحدة الوطنية لا تقوم على حساب الربح والغنيمة والتحاصص، وإنما تستقر على العدالة وضمان حقوق كل مواطن وفي جميع الأوقات والأماكن. ودعا الى حزبية وطنية حقيقية تقبل الآخر ولا تحتكر الحقيقة كما لا تحتكر الولاء ، فهي القادرة على القفز عن الانتماءات الفرعية لصياغة تمازج فعلي لجميع فئات الوطن، وهي الوحيدة التي تجعل الفكر والعمل والإنجاز عناصر التنافس والتمايز. واضاف ان الاردنيين ضحوا لفترة طويلة بخصوصيتهم الوطنية لصالح هويتهم القومية وذلك بسبب النشأة العروبية لدولتهم، بينما نظّر العروبيون للخصوصيات القطرية ، مشيرا الى الظلم والتجني بإلصاق صفة الإقليمية بكل أردني يحاول التغني بوطنيته والاعتزاز بها والالتزام بمترتباتها، في حين يتغنى بالنضالية من يدعون لخصوصيات وطنية أخرى على مساحة الوطن العربي. واوضح ان لكل وطن في الدنيا هوية وطنية واحدة، الكل فيها شركاء على الشيوع فهي لا تقبل القسمة ولم تعش على مدى التاريخ هويتان وطنيتان على أرض واحدة إلاّ وكانت النتيجة التفجير الذاتي ، مبيناً إنّ الأردن هو ميدان الهوية الوطنية الأردنية للأعراق والأديان والأصول والأفكار، وفلسطين هي ميدان الهوية الوطنية الفلسطينية. وفي نهاية المحاضرة التي نظمها "رواق البلقاء" بهدف التواصل الثقافي بين الأردن والعالم ،اجاب الروابدة عن اسئلة الحضور من أعضاء من السلك الدبلوماسي العربي وطلبة اردنيين وعرب .