أكد الباحث الأثري أحمد عامر، أن الشرطة في مصر القديمة كانت على قدر كبير من التنظيم والتقسيم، نظرًا لأهميتها في المجتمع حيث كان يتم استخدام رجال الشرطة لحفظ الأمن وتنفيذ القانون، مشيرا إلى أن استقرار الأمن في الكثير من العصور الفرعونية ساعد على إبداع الفنانين وإظهار مهاراتهم ويشهد على ذلك ما تركوه لنا من آثار خالدة. وأشار عامر - في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط - إلى أنه كان من أهم واجبات رجال الشرطة العمل على منع وقوع الجريمة "بكافة الوسائل الميسورة، وكان من أهم أدوار الحكومة توفير الأمن للشعب لكى يعيش في طمأنينة تامة، فاتخذ فى هذا السبيل ما يلزم لحسن اختيار النواة الأولى لأداء هذه المهمة، وكشف أن المصريين القدماء أول من أنشأ ما يعرف باسم "البحث الجنائي" حيث كان يتم تقسيم المجرمين طبقا لتخصص كل فئة منهم في نوع معين من الجرائم، ووسائل ارتكابها لها وإثبات أسمائهم في سجلات مخصصة للرجوع إليها عند اللزوم، ومما يثير الدهشة والإعجاب أن عنايتهم بحفظ السجلات قد بلغ شأناً بعيد في الدقة والنظام فنجد أن الجداول التي ظهرت في بردية "إبوت" تحتوي على قائمتين الأولى تشتمل على أسماء لصوص صناديق النفائس والثانية تشتمل على أسماء لصوص الجبانات. وأوضح أنه من العوامل المهمة لكشف الجرائم في مصر القديمة استعانة رجال الشرطة بالمرشدين وقصاصي الأثر والكلاب التى كان لها دور فى الحراسة واقتفاء آثر المجرمين، مؤكدا أنه كان يوجد "سرقات المقابر" ومنها سرقة مقبرة الملكة "حتب حرس" والدة الملك “خوفو"، واستمرت السرقة في عصر الثورة الاجتماعية الأولى، حيث نهب الثوار قبور الملوك والأمراء وكبار رجال الدولة. وأستعرض "عامر" تقسيم الشرطة في مصر القديمة، مشيرا إلى إن رئيس الشرطة كان ينتخب من الشخصيات المعروفة واسعة الأفق والخلق الحسن، ومن الضباط الحاملين لـ “رتبة العلم “في حرس الملك، وكانت وظيفته في مرتبة فارس. وأكد أنه نظرا لأهمية هذه الوظيفة كانوا يسندونها إلى شخصيات كبيرة محل ثقة الفرعون، وعلى سبيل المثال الملك سيتى الأول قبل توليه العرش كان يحمل لقب “رئيس المازوي “أي “رئيس الصحراء "، لافتا إلى أنه في العصر الثيني والدولة القديمة كانت الشرطة جزءا من النظام الإداري، ولقد شغل بعض الكهنة وظيفة رئيس الشرطة فى عهد الملك سيتى الأول وأيضا في عهد الملك رمسيس الثاني. وقال الباحث إن وظائف الشرطة كانت مقسمه إلى شرطة المعابد والمقابر وكان يعين للمعابد والمقابر حراساً، وكان من اختصاص حراس المعابد حفظ النظام داخل المعابد وصيانة مبانيها وممتلكاتها في خارجها، أما بالنسبة للمقابر فكان يعين حراساً لها نظراً لما فيها من نفائس وذخائر. وأضاف أن المصريين القدماء حرصوا على أن يكون هناك شرطة العمال، وشرطة حراسة القوافل النهرية لوجود نهر النيل الذي يستخدم كوسيلة للمواصلات فكان لابد من تواجد مثل هذا النوع من الشرطة لحماية السفن والقوافل التجارية التي تمر من خلاله، وأشار إلى دور الشرطة المحلية التى كانت تقوم بحفظ الأمن في المدن الكبرى مثل طيبة وقفط وتل العمارنة وكذلك في الصحراء وكانت تؤدي دوريات منظمة للمرور على الطريق لتفتشيها وتعقب المجرمين خاصة المحكوم عليهم والهاربين في الصحراء، لافتا إلى أنه كان يوجد ما عرف باسم الشرطة في الصحراء والحدود وكان يراعي في اختيار رجالها أن يكونوا على علم ودراية وذو خبرة بطرق الصحراء ومسالكها. وتابع أنه كان يوجد نوع خاص من الشرطة وهي الحرس الملكي والشرطة الخاصة وكان هذا النوع من الشرطة خاص بالملك لضمان سلامته وولاء الشعب له، كمان كان يوجد شرطة الخدمات العامة وكانت تمتد خدماتهم إلى أنواع أخرى من الخدمات مثل معاونة رؤساء المراكز والمستشارين ومأموري الضرائب المفروضة بالإضافة إلى جمع المجندين وفرزهم. وأوضح أن تسليح الشرطة وتموينهم كان يشمل مختلف الأسلحة منها الدروع والحراب والنشاب والسهام، وكانت ثكنات ضباط ورجال الشرطة على مختلف رتبهم في مقر عملهم، مشيرا إلى أن علامات الشرطة المميزة كانت في طيبة الغربية “غزالة “وفي تل العمارنة “ريشة درع مستطيل مرسوم عليه “فرعون يضرب عدو.