القاهرة ـ أ.ش.أ
أكد الباحث الآثري أحمد عامر أن المصريين القدماء كانوا حريصين على الدعوة فى مجتمعهم الى حب الأم والعطف عليها والبر بها ، ويذكرون أولادهم بفضلها وبأهمية رضاها عنهم ، مشيرا الى أن كتب التاريخ حفلت بالنصائح التي وضعها الحكماء أمام الأبناء لاحترام الأم ورعايتها . وقال عامر – فى تصريح لوكالة أنباء الشرق الاوسط اليوم – إن الأم في مصر القديمة ساهمت بدور مهم وعظيم في آنٍ واحد ، إذ كانت تقوم علي رعاية أسرتها وتربية الأطفال ، وتفيض حبا وحنانا علي أبنائها بجانب إهتمامها بزوجها ، وتشرف علي إدارة المنزل وتدبير أموره وتوفير سبل الراحة فيه للجميع . وأضاف أن الأم كانت دعامة رئيسية لجميع الشئون المنزلية فكانت تستيقظ مبكرا وتقوم بإعداد الفطار للأسرة من زوج وأبناء ، لافتا الى ان الأعمال المنزلية ورعاية الأطفال عمل الأم الأساسي فهي التي تضع الأسس وترسي القواعد في بناء طفلها جسداً وعقلا ، وهي التي ترعي صحته وتداعبه بالرحمة والحنان وتلقنه الكلمات الأولي ويظل تحت رعايتها وإشرافها حتي يدخل المدرسة . وأوضح أن المرأة ، فى مصر القديمة فى مرحلة الامومة ، شاركت زوجها في تربية أولاده في بعض سنوات من عمرهم ، وتنحت له في بعض آخر ، حيث شاركته فى رعايتهم في مراحل طفولتهم وصباهم ، وأسلمت له زمام أمرهم وأمرها في مراحل نضجهم ، مشيرا الى صور رعاية الأم لولدها في صباه ومنها أنها كانت تحمل طعامه وشرابه إليه في مدرسته كل ظهيره . وذكر عامر أن إحداهن كانت قد دأبت على فعل ذلك فتره طويلة ، فظل زوجها يحمد لها صنعيها ، حتي نضج ولده فوعظه وقال له " ضاعف الخير لأمك ، وإحملها إن إستطعت كما حملتك ، فطالما تحملت عبئك ولم تلقه علي ، وعندما إلتحقت بالمدرسة وتعلمت الكتابة فيها واظبت دوني علي الذهاب إليك بالطعام والشراب كل يوم من دارها ، فإذا شببت وتزوجت وإستقررت في دارك ضع نصب عينيك كيف ولدتك أمك وكيف حاولت أن تربيك بكل سبيل " . وأكد أن الأدب الديني جسد فضل الأم الأرمل في حمل عبء تربية ولدها في شخص الربه " إيسه " أو " إيزيس " وكانت قد إحتضنت وليدها " حور " إثر مقتل أبيه وتوارت به في أحراش الدلتا عدة سنين ، أهلته فيها خفية لإسترجاع ملك أبيه ، وسجل الرواه المصريون فضل الأم علي ولدها في أساطير الدين فقد روى عن إحدي قديساتهم أنها تفرغت لتربية ولدها وحرصت علي تعليمه فألحقته بمدرسة أتقن أساليب الكتابة فيها وتعلم منها فنون الحرب والقتال . ونوه الى لأنه مع هذا الدور المشرف لبعض الأمهات فقد تخوفت قيم المجتمع عواقب لين الأم مع أبنائها ونتائج تدليلها لهم في مراحل صباهم وأصرت علي أن يتولي أبوهم أمرهم في هذه المراحل دونها أو علي الأقل يشرف عليها وعليهم فيها . وأكد عامر أن الأطفال فى مصر القديمة كان لهم الحظ الاكبر من الرعاية والعناية والحنان في ظل أسرة متماسكة ، فقد كانوا قرة أعين الأبوين ، يبذلان غاية الجهد لتنشئتهم النشأة السليمة ، مشيرا الى أن الطفولة كانت هي أول مراحل الحياة وأحقها بالعناية سواء علي مستوي الأسرة أو المجتمع . وقال إن الأنسان المصري فى مصر القديمة كان يحب الأطفال مما دفعه إلي الحرص علي الإنجاب بل والتبكير بالزواج حتي يتمكن من تربية أطفاله قبل أن يتقدم به السن ، وكان البيت هو مهد التربية وميدانها الأول ففيه يتعلم الطفل ويستقي معارفه الأولي عن الحياة الإنسانية وتتفتح مداركه حيث كان لإستقرار الأسرة وتماسكها أكبر الآثر في تكوين نفسيته تكويناً صحيحاً . وأضاف أن الرسوم والتماثيل كانت تدل على مدي تعلق الوالدين بأطفالهما وأحاطتهما بالرعاية والحب ، حيث توضح الأب يجلس طفله في حجره أو يمسكه بيده حانياً عليه أو يقبله ، كذلك مثلت الأم وهي ترضع صغيرها أو تمشط طفلتها برعاية ومحبه ويسعد الوالدان لرؤيتهم يلعبون ويمرحون وخاصةً عندما يصطحبونهم في رحلات صيد الطيور والأسماك ، ومهما كان من تدليل الأطفال والولوع بهم عظيماً فهم كانوا بدورهم يكنون ويظهرون لأبويهم الأحترام العميق بجانب الحب .