الخرطوم ـ أ.ش.أ
قال مدير الآثار بالولاية الشمالية بالسودان الدكتور مرتضى بشارة إن الحفريات الأثرية كشفت عن وجود مقبرة ترجع لحضارة "كرمة" التي ترجع إلى 2500- 1500 قبل الميلاد) داخل المنطقة، التي عرفت تاريخيا بانتمائها لحضارة "نبتة" قرب الشلال الرابع (900-270 ق.م). وأكد الأثري السوداني الذي يقود فريق الحفريات المشتركة بين الهيئة العامة للآثار والمتاحف وقسم الآثار بجامعة دنقلا في تصريحات صحفية اليوم/الخميس/- أنه تم الكشف عن ثلاثة قبور في قرية "مقاشي" بمحلية مروي، كان الهيكل العظمي في إحداها محفوظا بشكل جيد، توجد براهين تدل على انتمائها لفترة كرمة، التي ازدهرت شمال مدينة "دنقلا" الحالية. وقال إن الدلائل تشمل شكل القبر البيضاوي وطريقة الدفن على الوضع القرفصائي مع وضع الرأس جهة الشرق والقدمين نحو الغرب، بالإضافة لوجود أواني فخارية ملونة تميزت بها هذه الحضارة (خزف كرمة) في منطقة وادي النيل، وإن الذي قاد لهذا الاكتشاف هو العثور على قطعة فخار عند قيام أهل القرية بالحفر لبناء مئذنة. وأضاف أن الاكتشاف يؤكد أن إقليم "نبتة" كان مأهولا بالسكان قبل الغزو الفرعوني المصري، كما أثار عدة تساؤلات جديدة من بينها هل امتدت حضارة كرمة حتى الشلال الرابع ثم جاء النبتيون، وسكنوا المنطقة على أنقاضها، بينما كان يعتقد أن كرمة اقتصرت على المنطقة جنوب الشلال الثالث، حيث تعتبر الشلالات عائقا طبيعيا يصعب تجاوزه آنذاك، ومما يزيد من قوة هذه الفرضية عثور الأثريين على طريق قصير، يصل بين منطقة كرمة ومنطقة الشلال الرابع، ومن هذه التساؤلات أيضا هل يثبت الاكتشاف صحة ما يعتقده بعض العلماء من أن جميع الحضارات النوبية في السودان ترجع في الأصل لحضارة واحدة هي "كوش" فيطلقون اسم كوش الأولى على كرمة وكوش الثانية على نبتة ومروي . وتابع بشارة بالقول "إن هذا الاكتشاف يعيد للأذهان اكتشاف مغاير عندما تم العثور عام 2003 على تماثيل لملوك مملكة نبتة في موقع كرمة، مما اعتبره الآثريون السودانيون حينها أهم اكتشاف عرفه السودان في المائة سنة الأخيرة إذ يثبت أن موقع كرمة كان من المواقع الهامة خلال فترة نبتة، وأن الفرعون المصري بسامتيك عندما غزا نبتة تعمد أن يخفي آثار هذه الحضارة من الوجود إذ قام بتحطيم هذه التماثيل للملوك السود الذين حكموا مصر قرابة قرن من الزمان وألقى بها في كهف عميق". وأوضح أن العمل مازال جاريا بالمنطقة لكشف مزيد من المعلومات في هذا الشأن، معربا عن أمله أن تضم بعثتهم للمشروع القطري السوداني للآثار خاصة أن المسوحات تثبت أن المنطقة غنية بالآثار.