10 أيام تتاح فيها الفرصة للسودانيين للتفرس في تاريخهم الزاخر بأقدم الحضارات الإنسانية، عبر الحدث الأول من نوعه فى هذا البلد الأفريقي العريق، وهو "مهرجان التراث الثقافي والمتاحف". وينظم المهرجان المستمر في الفترة من 1 إلى 11 شباط، المجلس الثقافي البريطاني، بالشراكة مع الهيئة السودانية للآثار والمتاحف (حكومية، أنشئت عام 1902)، والجمعية السودانية للآثار، التي تضم متطوعين مهتمين بالآثار، وتأسست فى العام 1989. وتتوزع برامج المهرجان على 3 مدن، هي العاصمة الخرطوم، فى الفترة ما بين 1 – 6 شباط، وتنتقل منها فى الفترة ما بين 8 – 11 إلى مدينتي بورسودان، وسواكن بشرق البلاد. وسواكن مدينة أثرية، بها أحد أقدم الموانئ في أفريقيا، وكانت لقرون طويلة المعبر الأول للحجيج، بعد دخول الإسلام للقارة السمراء. ويشمل المهرجان محاضرات تاريخية، وعرض أفلام تراثية، مثل فيلم "نوبيا: مملكة كوش المنسية"، ولوحات لرسامين سودانيين عن مناطق ومعالم أثرية، أبرزها لوحات الفنان إبراهيم الصلحي، وعروض مسرحية منها عرض عن طقس تتويج الملك النوبي أسبيلتا، وحفلات لفرق موسيقية، تعكس التنوع الثقافي في السودان، بالإضافة إلى مشاركة فرقة موسيقية بريطانية. أبو حنيفة الطيب مدير المشاريع بالمجلس الثقافي البريطاني، قال في تصريح للأناضول "المجلس يهتم ببناء الثقة والتواصل بين شعب المملكة المتحدة، وشعوب البلدان التى يعمل بها، لذا يهتم بترويج ثقافات هذه الشعوب كما يهتم بترويج ثقافة المملكة". ووصف المهرجان بأنه "فكرة خلاقة تجذب الجمهور للاحتفاء بعظمة وتاريخ السودان، والتعريف به، ونحن نخطط الآن مع شركائنا لتنظيمه بشكل دوري". ونشر المجلس كتابا تعريفيا عن المتحف القومي بالخرطوم بالإضافة لمجلة للأطفال وطلاب المدارس الذين ستنظم لهم زيارات للمتحف الذى يحتضن فعاليات المهرجان، بحسب الطيب. من جهته، قال عبد الرحمن على مدير الهيئة العامة للآثار والمتاحف إن المهرجان "يهدف إلى رفع الوعي عند المواطنين، وخصوصا الطلاب، بأهمية تراث بلدهم، والعمق التاريخي لحضاراته ومواقعه الأثرية، التي تعود إلى 300 ألف عام قبل الميلاد، بجانب دلائل على الوجود البشري في وادي النيل منذ مليون عام، من بقايا أثرية وأدوات حجرية". ويزخر السودان خصوصا في الجزء الشمالي منه بمعالم أثرية، لكن حركة السياحة فيه ضعيفة للغاية، مقارنة ببلدان مماثلة، وذلك بسبب اضطراباته السياسية والأمنية. وأضاف على أن "أهمية هذه الآثار في كونها من مكونات السياحة الثقافية ومكونات الوحدة الوطنية التي يمكن تقويتها بالتراث". واستطرد "لا بد من الحفاظ عليها من المهددات الطبيعية وغير الطبيعية برفع الوعي بها عبر تكثيف البرامج والأنشطة التوعوية لأنه، ليس بإمكاننا المحافظة عليها بإمكانيات الدولة المتواضعة". ويشتكي خبراء الآثار من المهددات غير الطبيعية المتمثلة في اتساع الرقعة السكانية والمساحات الزراعية دون خرائط علمية للحفاظ على المناطق الأثرية، لكن الأخطر بالنسبة لهم هو التعدين الأهلي عن الذهب، الذى انتشر بشكل ملحوظ في السنين الأخيرة، خصوصا في شمال السودان، وعادة ما تتسبب عمليات الحفر العشوائية فى تدمير حفريات أثرية نادرة.