حوش العطعوط أو حوش 'الفاخورة'

من زقاق ضيق في باحات البلدة القديمة تدخل 'أم علاء' الرطروط محملة ببعض ما اشترت من أسواق البلدة القديمة، متجهة إلى منزلها الملاصق لمنازل عدة في نهاية حوش العطعوط أو حوش 'الفاخورة' كما يطلقون عليه أيضاً.
وأم علاء التي تسكن الحوش منذ 36 عاماً سعيدة بما آل إليه الحوش بعد عمليات الترميم التي طالت 25 منزلاً داخله، وتقول:' في العطعوط أعدنا التاريخ للحياة'.
والمكان أشبه ما يكون بفندق أثري، الحجر السلطاني، والأقواس، والمنحوتات الفنية، إضافة إلى النظافة والترتيب، والمقاعد على الجانبين، وزراعة الأشجار الصغيرة في الزوايا.
أبواب من العهد العثماني ما زالت شاهداً على تلك الفترة، والأقواس والأرابسك هنا وهناك تعطي منظرا جمالياً مميزاً.
وتشير الرطروط، اختفى كل ما كان يسيء للمنظر العام، حتى بعض الأسلاك التي كانت على الجدران وجدوا لها حلاً، المكان أصبح رائعاً.
ومن النوافذ القريبة، تطل نساء الحوش مبتهجات فرحات بما وصل إليه حوشهن هذا، فالمكان الذي أكل عليه الزمان وشرب، وعاصر ويلات وصيحات وشهداء وجرحى، ونكبات، يحق له الآن أن ينعم ببعض الهدوء والتطور.
ويمر طالب مدرسة إلى بيته يحمل ظرفا فارغا، لا يلقيه أرضاً محافظة على نظافة المكان، ربما  ينقص المكان بعض سلات المهملات هنا وهناك.
ونفذت بلدية نابلس مشروع ترميم حوش العطعوط بتمويل من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، وبإدارة البنك الاسلامي للتنمية وتصميم وإدارة مؤسسة تعاون، ومقاولة شركة صروح للتعمير والمقاولات العامة.
وتدخل الرطروط مبتهجة لمنزلها الذي رمم أيضاً وهناك في بيت أم علاء ثمة غرفة انطلق منها التخطيط للثورة الفلسطينية من قبل الشهيد الراحل ياسر عرفات، بعد هزيمة حرب 67، حيث بدأ بناء الخلايا المسلحة من هناك، ومكث به للمرة الأولى مدة أسبوعين، ومن ثم غادره وعاد إليه مرة أخرى.
وكان الشهيد عرفات عاد وزار الحوش في أول زيارة له لمدينة نابلس بعد خروج الاحتلال خلال العام 1994.
ويشير المقاول تامر الحوح إلى أن عملية الترميم استمرت سنة وأربعة شهور، على 8 مراحل، كل مرحلة كانت تشمل 7 إلى 8 منازل، كان يغادرها ساكنوها إلى منازل أخرى حتى انتهاء أعمال الترميم.
ويضيف: حاولنا الحفاظ قدر الامكان على المعالم القديمة، ونحفظ لها تاريخها وماضيها.
ويقول، أعدنا بناء واجهات كاملة تعرضت لهدم من قبل قوات الاحتلال على النمط القديم، وحاولنا البحث قدر المستطاع عن بلاط سلطاني شبيه بالموجود، ووضعنا بعض الاضافات في الطرق كالاطفائية لاستعمالها بالحرائق المباغتة.
وتعرض حوش العطعوط كما بقية الأحياء داخل البلدة القديمة إلى اجتياحات الاحتلال، ومداهمات المنازل المتكررة، والتخريب والتكسير، وتعذيب الأهالي، خلال الانتفاضتين الأولى وانتفاضة الأقصى، وارتقى منه عدد من الشهداء.
ويشير مدير وحدة المشاريع في مؤسسة التعاون سامر الرنتيسي إلى أن كلفة تنفيذ الترميم في حوش العطعوط وصلت مليون و200 ألف دولار، وشمل الترميم البنية التحتية من شبكات الكهرباء والمياه، والصرف الصحي، حيث تم استبدال الخطوط المهترئة إلى جديدة، ومن ثم ترميم المنازل.
وقال، تم اعتماد خرائط وصور قديمة للمحافظة على روح المكان دون المساس بالطابع العام للحوش، مع إضافات عشوائية هنا وهناك.
وأضاف أن منازل عدة كانت شبه مدمرة نتيجة ممارسات الاحتلال أعدنا بناءها بطابعها القديم.
وتقوم كل من بلدية نابلس ومؤسسة تعاون بترميم العشرات من منازل البلدة القديمة والأحواش للحفاظ على الطابع التراثي والحضاري في آن واحد، وملاءمة المنازل للعيش، وخاصة منازل محدودي الدخل.
كما تهدف البلدية إلى تحويل البلدة القديمة إلى وجهة سياحية، وتشجيع الأهالي عدم مغادرتها.
وتحوي البلدة القديمة العديد من المباني التراثية، والأسواق والحمامات، والمصانع التقليدية، والمساجد وبعض المطاعم التي ما زالت تستقطب الزوار.
وتم الانتهاء مؤخراً من ترميم خان التجار وأحواش عبيد، وجيطان، وعصفور، والعطعوط ، وبدأت  بترميم 6 منازل في حوش البشر وهو أحد أزقة حارة الحبلة.
ويقول المهندس المشرف على حوش البشر محمد خويلد أن المرحلة الأولى بدأت في الثامن والعشرين من شهر تشرين الأول 2013، ويتضمن الترميم البلاط والكتابات والأسقف والأقواس والتيجان، والأحجار.
ونوه الرنتيسي إلى أنه خلال الأسابيع القادمة سيتم المباشرة بترميم حوش القباقيب، وترميم مباني عامة للاستفادة العامة داخل البلدة القديمة، وبعض المباني المنفردة، وواجهات وبعض المواقع المتضررة.