بغداد ـ وكالات
يتأمل قيصر الشامي مجسمه النحتي الذي يوشك على الانتهاء منه بإعجاب دون أي يخالجه أي خوف من عرضه في إحدى صالات الأنبار الفنية. فالمشهد الثقافي الذي تشهده المحافظة اليوم بات مختلفا برأيه عما كان عليه قبل سنوات. ويقول الشامي "الفترة الحالية تختلف جذريا، فأنا أستطيع الخروج والنحت في منزلي وفي الشارع وفي الحدائق دون خوف من الإرهاب". في السنوات الماضية هددت المجاميع الإرهابية بتحطيم الأعمال والمجسمات النحتية التي نحتها الشامي والتي استغرق العمل فيها شهورا بحجة أنها أصنام ومحرمة. لكن النحات الأنباري يرى أن الحال تغير الآن عما كان عليه سابقا. ويوضح "الإرهاب يتنفس أنفاسه الأخيرة، كون الفن يحاربهم أيضا مثلما يقاتلهم بواسل الجيش والشرطة ولن أتوقف مرة أخرى عن النحت". ويشهد المشهد الثقافي في محافظة الأنبار انتعاشا كبيرا يتجسد في ما ينشر من مؤلفات شعرية وقصص وروايات ومسرحيات، فضلا عن عودة الفرق الفلكورية لتقديم عروضها، حسبما أوضح بعض فناني المحافظة لموطني. كما تحتضن الحكومة المحلية في الأنبار وبدعم من وزارة الثقافة العراقية عدد من المشاريع الثقافية كإنشاء القصور الثقافية ورعاية المهرجانات الشعرية ومسابقات أدبية. ويقول الكاتب المسرحي شلال مضعن من الرمادي إنه خلال السنوات الماضية حاول الإرهاب تعطيل جوانب الحياة الثقافية في الأنبار، فقامت "التنظيمات المجرمة بتفجير دور السينما ودمرت قاعات الفن والأدب واحرقت المكاتبات العامة". ويضيف لموطني بأن الأمر وصل إلى قيام تلك المجاميع بتهديد الفنان والشاعر لثنيه عن تنفيذ عمل مسرحي وكتابة قصيدة وإقامة معرض فني بحجة التحريم مما أدى بشريحة الأدباء والفنانين لترك عملهم، فيما فضل البعض السفر إلى دول أخرى خوفا من القتل والاختطاف. ويرى مضغن أن "شجاعة وإصرار القوات العراقية من الجيش والشرطة ودعم العشائر والمواطنين، إعادت الحياة مجددا إلى أقضية ونواحي الأنبار". أما الشاعر غازي فهد من قضاء الرطبة غربي الأنبار، فيقول لموطني إن الوضع الأمني المستقر في المحافظة وتطور أجهزة الأمن الضاربة لمعاقل الجريمة والقاعدة أعاد نشر ثقافة السلام والمحبة من جديد للأنبار، على حد وصفه. ويستذكر فهد بمرارة حال الفنانين في السنوات السابقة، قائلا "لم يكن الفنان يستطيع إقامة معرض فني ولا بإمكان الشاعر إقامة أمسية شعرية". ويتابع "هُددت العوائل من إقامة الأفراح والمناسبات وقتل أصحاب محال التسجيلات الصوتية وفجرت مكاتب بيع الصور والهدايا ودمرت منتديات الثقافة والأدب حتى عاد الأمن والاستقرار وزال الخوف وبثت الحياة من جديد". المشهد الثقافي يعود للانتعاش أما الفنان التشكيلي عامر نجم غضيب من الفلوجة فيقول لموطني، إن الفترة الحالية تشهد استقرارا أمنيا مما عزز من مساعي القائمين على افتتاح البيوت الثقافية ومراكز الفن والمنظمات والمؤسسات المدنية التي أخذت دورها في رعاية الفن والثقافة. ويرى نجم أن عودة المشهد الثقافي في الأنبار للحراك يحمل رسالة مهمة في مدلولاتها. ويوضح "لكل فنان وشاعر ورسام ومصور ونحات قضية يحملها ويحاول إيصال الرسالة والمعاني للجميع لذا بات الفن من أبرز الأمور التي تهتم بها الشعوب في كل دول العالم".